بقلم غالب قنديل

من يخشى حزب الله الإقليمي ؟

غالب قنديل

تابعت الصحافة ووسائل الإعلام الصهيونية عن كثب مجريات المعارك في الجرود اللبنانية الشرقية ورصدت مظاهر التنسيق والتناغم بين قوات حزب الله وكل من الجيش اللبناني والجيش العربي السوري في تنسيق النيران من البر والجو وحركة المقاومين في الميدان وما حققته من نتائج مبهرة في زمن قياسي أتاحته دقة المعلومات الاستطلاعية التي نسبها المعلقون العسكريون لصحف العدو إلى امتلاك حزب الله لأدوات متطورة في الحرب الإلكترونية وأهمها ترسانة متقدمة من الطائرات المسيرة لاسلكيا.

لم يخف الخبراء الصهاينة انبهارهم بأسلوب الحزب في إدارة القتال واندفاع قواته بسرعة في مناطق جبلية شديدة الوعورة وتمرس مقاتليه الظاهر رغم كون شهداء الحزب في هذه المعارك من فئات عمرية فتية أي حاصل موجات شابة من المتطوعين عاكست التقدير الصهيوني لنتائج قتال حزب الله في سورية فهذه القوة الإقليمية الناهضة تطور قدراتها وتجدد شبابها بعكس نظريات الاستنزاف التي تحصن المخططون الغربيون والصهاينة وأعوانهم من العرب واللبنانيين خلفها منذ انطلاق العدوان على سورية وبعد مشاركة المقاومة اللبنانية في القتال هناك ولكن أسقطت الوقائع جميع تلك الرهانات ونسفتها التجربة.

العديد من الخبراء الصهاينة قاسوا عينات معارك الجرود بإسقاط افتراضي لما يمكن ان تكون عليه لاحقا معارك مشابهة في تلال الجليل الأقل وعورة وقسوة من جرود لبنان الشرقية وهم أشاروا إلى خطورة ما تفيض به المشاهد الواقعية من مؤشرات القوة والخبرة التي على تل أبيب التحسب لها خصوصا في أجواء ذكرى خيبة تموز بانكسار هيبة الردع التي ما تزال جاثمة على صدور الجنرالات الصهاينة وقادة المستوى السياسي في كيان العدو منذ إحدى عشر عاما.

حزب الله الإقليمي هو هذه القوة التي راهن الصهاينة والأميركيون وقادة الناتو على غرقها في رمال الحرب ضد عصابات إرهاب متعددة الجنسيات استحضرت لتدمير الدولة السورية ولتخريب دول وجيوش ومجتمعات المنطقة العربية بهدف تمكين الهيمنة الاستعمارية الصهيونية وإنقاذها من خطر الانهيار بل إن تقارير وتصريحات أميركية عديدة اوردت من بين أهداف تطوير أجيال التكفيريين الجدد في داعش والقاعدة الفتك بحزب الله والقضاء عليه وهاهي الحصيلة معاكسة ومناقضة كليا لتلك الفرضية وأول المرتجفين المذعورين من حزب الله في المدى الإقليمي الواسع من لبنان إلى سورية والعراق واليمن هي فصائل القاعدة وداعش التي خبرت قوة الحزب وبأسه في ميادين القتال وسلوكه وقيمه الأخلاقية التي حرمت تلك العصابات من الحصن المذهبي الذي أنشاه لاحتضانها مخططو الغرب وشبكات إعلامية وحكومات عميلة تابعة حشدت لدعم الإرهابيين ومساندتهم في المنطقة وساحاتها المستهدفة ومن مصادر هذا الرعب هي ان تجربة حزب الله قابلة للانتقال بقوة النموذج كما يحصل في فلسطين والجولان والعراق واليمن.

ببساطة عندما يكون حزب الله قوة الدفاع والحماية في نظر اللبنانيين المهددين بالإرهاب وشريكا لجيشهم الوطني في الدفاع عن سيادة دولتهم وحين تثبت الأحداث ان قتال هذا الحزب ونقله لخبراته المتقدمة إلى دول اخرى في المنطقة لمحاربة الإرهابيين ولتقطيع أذرعة داعش والقاعدة إنما يحصن الأمان في بلدهم ضد خطر بربري عابر للحدود بينما يفرض حزب الله معادلات رادعة تمنع الكيان الصهيوني من شن حرب جديدة وتجعل من تلك الحرب مغامرة مكلفة وخاسرة في نظر قادة الكيان الصهيوني وباعتراف أشدهم تطرفا فذلك معناه ان حزب الله الإقليمي هو حماية للبنان ولشعبه وليعزي خصومه أنفسهم بكلمات من هنا وهناك ينطقها مسؤولون غربيون واوروبيون او عقوبات يفرضونها ضد حزب الله فيصبون مردودها في صالح الدولة العبرية وعصابات التكفير التي تلتقي على الرعب من حزب الله الإقليمي وحيث لم يعد الدعم الصهيوني العسكري واللوجستي لداعش والقاعدة من أسرار الحرب على سورية.

تعاظم دورحزب الله الإقليمي وقدراته مصدره ان هذا الحزب بقادته ومجاهديه قدم النموذج الشعبي المتفوق في الدفاع عن الوطن والشعب ضد العدوان الصهيوني وفي الدفاع ضد بديله الأميركي المتمثل بوحش التكفير الإرهابي وهذا بالذات يقلق ترامب وبقايا داعش والقاعدة وحكومات السعودية وقطر وتركيا وجميع حكومات دول الناتو ولكنه يعطي وزنا إقليميا نوعيا للبنان البلد الصغير الذي يصر بعض قادته على ذل التبعية والارتهان ويدمنون الخنوع للغرب الاستعماري على حساب بلدهم وعزته وكرامته وهم يتنفعون عند ترامب وغيره من وظيفتهم في الخصومة ضد حزب الله والتنكر لدوره الوطني الكبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى