مقالات مختارة

سلم عربي لإسرائيل لتنزل عن الشجرة : تسفي برئيل

 

الاحداث في الحرم لم تترجم إلى مظاهرات كبيرة أو مقالات لاذعة أو تصريحات شديدة في الدول العربية. ايضا على خلفية الأزمة بين السعودية وقطر، يبدو أن العالم العربي يريد مساعدة إسرائيل في النزول عن الشجرة التي تسلقت عليها، لكن المشكلة هي أن الحلول المطروحة حتى الآن تتناقض مع مواقف إسرائيل ومواقف الفلسطينيين .

عندما يتفاخر رئيس الحكومة نتنياهو بلقاءاته مع الزعماء العرب، ومنها ما تم الكشف عنه أنه التقى سرا قبل خمس سنوات مع وزير خارجية دولة الامارات، فإنه يتجاهل كما يبدو التوجهات الإسلامية التي تراقب هذه الخطوات السياسية. وقد أوضحت الاحداث في الحرم أن أي خطوة في المجال الامني والسياسي يتم قياسها على الفور من الناحية الدينية، ليس فقط بسبب الاهمية الدينية للاماكن المقدسة.

إن المسجد الاقصى مثله مثل الكعبة في مكة والحرم الابراهيمي في الخليل، هي مواقع إسلامية تشكل جزء لا يتجزأ من قضايا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. واضافة إلى ذلك فإن هذه مواقع يثير الاعتداء عليها ردود فعل جماهيرية مشتعلة، من شأنها أن تضع الانظمة في الدول العربية والدول الإسلامية على مسار التصادم مع الحركات الإسلامية في تلك الدول، مع جمهور إسلامي حساس يستطيع سلب الشرعية عن أي تقارب بين إسرائيل والدول العربية، وجمهور علماني عربي يعتقد أن هذه الاحداث هي عبارة عن سيطرة سياسية موجهة من قبل إسرائيل على موقع فلسطيني.

الاعتراف بقوة الجمهور والضغط على الرأي العام العربي، هي أحد نتائج ثورة الربيع العربي الهامة، لا سيما عند الحديث عن إسرائيل والاماكن الإسلامية المقدسة، وهي امور يقف عليها القاسم المشترك الضعيف، وقد يكون الوحيد لذلك الجمهور.

حتى الآن لم تتم ترجمة الغضب العربي والإسلامي في هذه الدول إلى اعمال ومظاهرات كبيرة وشعارات ومقالات لاذعة. أحداث الحرم احتلت العناوين الرئيسة في معظم الدول العربية، لكن لأول مرة لم نشاهد المظاهرات المعتادة ضد إسرائيل في شوارع القاهرة وعمان والمغرب. مواقع الاخوان المسلمين اتهمت الرئيس المصري بالخضوع لإسرائيل، وفي أحد هذه المواقع كتب أن «السيسي والصهاينة هما يد واحدة». وفي مقابلة مع موقع مصري احتج عضو اللجنة الشعبية للدفاع عن سيناء، احمد سامح العيدروسي، على أنه قياسا بما كان في السابق، نحن نجد الآن الصمت المصري، السياسي والثقافي، إلى درجة أن النخبة لا يمكنها نشر اعلان تنديد واحد».

وقد طالب السيسي نفسه إسرائيل بالعمل على الفور من اجل تهدئة الخواطر في الحرم، لكن هذا تصريح ضعيف جدا قياسا مع تصريحات ايلول/سبتمبر 2015، حيث اتهم إسرائيل في حينه بتدنيس الموقع. وحسب التقارير الواردة من مصر فقد أصدر وزير الاوقاف في مصر، مختار جمعة، أمرا لخطباء المساجد بالامتناع عن التطرق إلى المسجد الاقصى في خطب يوم الجمعة، والتحدث فقط عن ضرورة التعامل المناسب مع السياح الذين يأتون إلى مصر.

السعودية التي قام ملكها سلمان بن عبد العزيز بتجنيد الولايات المتحدة من اجل الضغط على إسرائيل لفتح الحرم أمام الصلاة، امتنعت هي ايضا عن اصدار التصريحات، ليس فقط المسؤولين السعوديين الكبار، بل ايضا في وسائل الإعلام لا يمكن ايجاد نبأ مفصل عن تسلسل الاحداث في الحرم. وفقط حادثة إعلامية واحدة حصلت على النشر والاهتمام، عندما اتصل أحد المشاهدين ببرنامج «الرأي الحر»، الذي بثته شبكة «الحوار اللندنية» وقال «أنا أعارض انتصار الاقصى، لأن انتصار الاقصى هو مثابة انتصار لحماس وقطر».

يبدو أن هذا المشاهد يمثل ظاهرة جديدة تعتبر أن الصراع بين السعودية وقطر وبين السعودية وحماس هو الذي سيحدد مصير الرد العربي. وطالما تم اعتبار قطر مؤيدة للاخوان المسلمين وحماس، ولأن الاحداث في الحرم تنسب لحماس، فإن الخلاف العربي الداخلي سيلعب دورا هاما في السياسات العربية. ولكن حتى لو كانت هذه ظاهرة لا يمكن تجاهلها، إلا أنها لا تضمن كبح الاحتجاجات الجماهيرية الإسلامية التي ستضطر الانظمة العربية إلى توحيد صفوفها في الصراع على المكان المقدس، اذا استمرت المواجهات العنيفة في منطقة الحرم.

إسرائيل التي تقوم بتبادل الرسائل مع السعودية وتتشاور مع الملك الاردني عبد الله والرئيس المصري، تبحث في هذه الاثناء عن حل مزدوج ـ الحماية في الحرم وفقدان المكانة والاحترام اذا قررت ازالة البوابات الالكترونية. وحسب مصادر اردنية فإن الحلول التي تمت مناقشتها حتى الآن لم تؤد إلى أي اتفاق. وقد تم طرح اقتراح أن يتم تشغيل البوابات الالكترونية من قبل رجال شرطة من الاردن بلباس مدني، أو استبدالها بأجهزة فحص يدوية أو تشكيل شرطة مشتركة فلسطينية وإسرائيلية واردنية من اجل الوقوف عند هذه البوابات.

المشكلة هي أن كل حل من هذه الحلول يضر بموقف إسرائيل الذي يطالب بالسيادة المطلقة على البوابات، أو يضر بموقف الفلسطينيين الذي يرفض أي تدخل أمني إسرائيلي فيما يحدث في الحرم وعلى هذه الأبواب. واعلان محمود عباس عن قطع الاتصالات مع إسرائيل لا فائدة منه، وهو لا يمنع التشاور الامني بين إسرائيل والفلسطينيين وتبادل الافكار بين الاردن وإسرائيل والفلسطينيين.

وقد قال مصدر اردني رفيع لصحيفة «هآرتس» اليوم إن الملك عبد الله يدرك ضرورة الفحص الامني، لكن عندما يبدو الامر كصراع على المكانة بين إسرائيل والفلسطينيين، أو كصراع سياسي داخلي في حكومة إسرائيل، فإن الملك لا يمكنه الطلب من الفلسطينيين التنازل لصالح استقرار حكومة إسرائيل.

وتشير هذه الاقوال إلى أن الاردن يتوقع بادرة حسن نية من إسرائيل تعطي الملك الذخيرة لاقناع محمود عباس بالموافقة على وضع أدوات الحماية الجديدة. وقد حصل نتنياهو على رسائل مشابهة من الرئيس المصري ايضا. والسؤال الحاسم الآن هو إلى أي درجة سيوافق نتنياهو على ازالة البوابات الالكترونية والموافقة على الحلول المقبولة على الزعماء العرب. وبهذا يستطيع تعزيز العلاقات معهم.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى