نتنياهو غارق في الفساد ولوائح الاتهام جاهزة ضده: بن كسبيت
ما الذي عرفه يعلون
قبل أقل من شهرين، في 26 أيار 2017 تطرقت هنا في الصحيفة لتصريح موشيه يعلون الذي قال فيه إنه سيكون هناك تحقيق جنائي ضد رئيس الحكومة في قضية الغواصات، وأنه سيتم تقديم لوائح اتهام ضده اذا لم يتكلم. وتم نشر الاقوال التالية هنا “ما الذي يعرفه يعلون؟، الكثير. هو يعرف أن نية نتنياهو زيادة عدد الغواصات الاسرائيلية الى تسع غواصات كانت نية حقيقية (الحديث يدور عن هستيريا)، وهو يعرف أن تدخل رئيس الحكومة في الغاء المناقصة الدولية لسفن الحراسة (هو الذي مكن من نقل الصفقة لالمانيا)، ويعرف أنه تم الطلب من اسرائيل أن تصادق على بيع غواصات مشابهة من نفس الشركة (تسنكوب) لمصر ايضا. وللمفاجأة، وافقت اسرائيل على ذلك. المهم أن تكون الصفقة”.
أول أمس ظهر يئير لبيد في مقابلة أجراها للقناة الثانية وأعلن أن رئيس الحكومة نتنياهو هو الذي صادق على بناء غواصات مشابهة لتلك التي تبنى في اسرائيل لمصر. وحسب اقوال لبيد هذه ليست فقط قضية الفساد الاكبر منذ قيام الدولة، بل هي تقترب من الخيانة. وليس مؤكدا أن لبيد يبالغ في هذه المرة.
اسرائيل تعتبر زبون كبير لشركة تسنكوب. وقد احتاجت المانيا الى موافقة اسرائيل من اجل الموافقة على انتاج غواصات لمصر ايضا. هذه الموافقة لم تعطى مسبقا. ولكن حسب لبيد ويعلون فان نتنياهو هو الذي أعطى الموافقة. واذا كانت هذه الامور صحيحة، ونتنياهو ضحى بالمصالح الامنية القومية من اجل عقد الصفقات بسرعة مع المانيا، فان هذه القصة ستصل الى عنان السماء، أو أدق، ستغوص في الاعماق. إن فساد بهذا الحجم وبهذا المستوى لم نشهده هنا أبدا.
قصة مندلبليت
أنا أشك أن المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت، يستطيع أن يدير ما هو موضوع الآن على كفة الميزان. وحقيقة أن المستشار القانوني لم يتخذ أي خطوة تقريبا ضد الصلة العفنة بين نتنياهو وبين محاميه الخصوصيين الذين يديرون الدولة، تصرخ حتى عنان السماء. وحقيقة أن الشرطة قامت الآن فقط بالطلب من شومرون بعدم التحدث مع نتنياهو تصرخ ايضا. وحقيقة أن مندلبليت ومساعديه لم يلاحظوا افعال نتنياهو في وزارة الاتصالات من اجل “بيزك”. وحقيقة أنه بعد استبعاد نتنياهو عن وزارة الاتصالات خلف وراءه يده الطويلة، أي مومو فلبر، الذي استمر على نفس الطريق ولكن بشكل أكبر. حقيقة أن جميع الارباح تقريبا في سوق الاتصالات في اسرائيل ذهبت لشركة “بيزك”، في الوقت الذي تتقاسم فيه باقي الشركات الفتات، لم تقلق أي أحد. وحقيقة أن نتنياهو لم يشمل بتصريحه المشفوع بالقسم تناقض المصالح في وزارة الاتصالات وصداقته مع الوفيتش، الامر الذي يتقاطع مع التصريح المشفوع بالقسم الذي وقع عليه عشية الانتخابات السابقة والذي أعلن فيه أنه لا توجد علاقة بينه وبين صحيفة “اسرائيل اليوم”، كان في نفس الوقت يجلس مع نوني موزيس ويناقش مصير هذه الصحيفة.
كل هذه الحقائق لم تتجمع لدى مندلبليت كي يصل الى استنتاج. وقد استغرق الامر اشهر طويلة من اجل بدء الفحص. وتطلب الامر اشهر طويلة من اجل الانتقال من الفحص الى التحقيق. وأنا الآن أقول لكم، أيها القراء الاعزاء، إنه في هذه الايام ايضا لا يسمح للمحققين بالقيام بجميع اجراءات التحقيق التي يريدونها، وهو يقوم بالحد من سرعة التحقيق ويطيل الزمن. كل هذه الامور تقال دون تجاهل حقيقة أن مندلبليت هو رجل نزيه. ولا شك هنا في استقامته. يوجد هنا تشكيك بقدرته على علاج التحقيقات المتعلقة بالاشخاص الذين كان صديقا لهم حتى فترة ليست بعيدة. فهو الذي جلس هناك في المكتب مع مولخو ومع شومرون ومع مومو. وجلس ايضا مع آري هارو وأكل من يد نتنياهو وتعرف على “السيدة”. الآن يجب عليه اتخاذ قرارات مرتبطة بمستقبلهم ومصيرهم وطهارة أيديهم. قد يكون هذا طلب فوق انساني. وعندما ظهر في لجنة تحديد المستشار القانوني للحكومة، تعهد مندلبليت بأن لديه القدرة فوق الانسانية هذه التي ستُمكنه من الفصل الكامل بين حياته السابقة وبين منصبه كمستشار قانوني للحكومة. وتبين أنه غير مؤهل لذلك.
بيبي فقط لا يعرف
قضية الغواصات مثل قضية “بيزك” وصلتها بنتنياهو ومومو فلبر، يمكن أن يصدر عنها كتب بمئات الصفحات. ولكن الفكرة المركزية في هذا الامر بسيطة ويسهل فهمها. في قضية الغواصات يقوم رئيس الحكومة بعقد الصفقات مع شركة المانية للسفن، في الوقت الذي يقوم فيه إبن عمه ومحاميه بتقديم الاستشارة والحصول على الكوبونات من تحت الطاولة من شركة السفن. ويزعم رئيس الحكومة أنه لم يعرف أي شيء عن ذلك. فهل تصدقون؟ لقد عرف الجميع. لقد عرف مولخو أن شومرون له صلة بشركة تسنكروب. وشلومي فوغل ايضا، الذي هو رجل صناعة مقرب جدا من رئيس الحكومة، عرف أن شومرون على صلة بالأمر. وبيبي فقط هو الذي لم يعرف.
لقد اخترع نتنياهو الحاجة الى ثلاث غواصات اخرى، وهو يضغط من اجل الغاء مناقصة دولية كي تفوز تسنكروب بأربع سفن اخرى، وهو يقدم الغطاء من اجل خصخصة سفن سلاح البحرية لصالح المانيا، وشراء سفن مضادة للغواصات التي لسنا بحاجة اليها. كل ذلك يقوم نتنياهو بفعله دون معرفة أن المحامي دافيد شومرون ينبش في الطرف الآخر من الصفقات.
بخصوص الاتصالات الامر أكثر بساطة. فقد عمل نتنياهو من اجل “بيزك” في 12 حالة مختلفة. بيزك تربح المليارات، ونتنياهو لم يبلغ مراقب الدولة عن تناقض المصالح الذي ينبع من صداقته مع صاحب بيزك، شاؤول الوفيتش. وتحقيق غيدي فايتس في صحيفة “هآرتس″ كشف كيف أن الوفيتش وضع موقع “واللا” الذي يملكه في خدمة نتنياهو، ولا سيما في خدمة زوجته سارة. لقد بدأت البراغي في السقوط.
في هذه الاثناء لدينا تصريح كاذب مشفوع بالقسم لنتنياهو. وبعد ذلك تم ابعاده عن ملف الاتصالات بتأخير كبير. المستشار القانوني للحكومة لا يفعل أي شيء رغم أنه سمع على مدى اشهر تسجيلات بيبي – نوني وعرف حجم التعفن. وفقط عندما لم يبق أي خيار قام بابعاد بيبي عن وزارة الاتصالات، لكنه سمح له بابقاء مومو فلبر هناك.
إن من لا يعرف فلبر لم يخسر الكثير. واليكم نبذة عنه. إنه رجل العمليات الخاصة لنتنياهو منذ عشرين عاما تقريبا، وقد بدأ كمحقق لليمور لفنات في انتخابات 1996 و1999، وهو يختص في جمع المواد وادارة الهيئات في الظل، اضافة الى اعمال اخرى يفضل السكوت عليها. فلبر هو العصا الطويلة لنتنياهو في وزارة الاتصالات، وهو يعمل تحت الشجرة المتغيرة: مرة تحت تساحي هنغبي ومرة تحت أيوب قره، وبيزك تستمر في جني الارباح. ولكن الامر تفجر الآن بضجة كبيرة تصم الآذان.
عند اغلاق هذا العدد من الصحيفة تبينت الطريقة الفاسدة التي أدار بها فلبر علاقته مع بيزك تحت أنف المهنيين وبالسر. فهو كان يقوم بنقل وثائق وزارة الاتصالات لمساعدي الوفيتش، وهم بدورهم كانوا يقومون بتعديلها حسب الحاجة ويعيدونها. هذه تعتبر خيانة للثقة ولمبدأ المنافسة وشروط اللعب. مومو فلبر هو الاشارة الاكثر وضوحا على فساد نتنياهو.
ورقة اللعب الهستيرية لغباي
يوجد لدى آفي غباي الكثير من الصفات التي يمكن أن تمكنه من تحقيق الفرصة، وبالاضافة الى الاسبقيات والتحليلات، لديه الحظ ايضا. منذ اللحظة الاولى راهن غباي على ورقة اللعب الهستيرية، كل شيء عمل في صالحه تقريبا. وفي يوم انتصاره الكبير في هذا الاسبوع جرت حملة الاعتقالات في قضية الغواصات. وهذا بالضبط ما كان يحتاجه من اجل تحويل الرغوة الى انفجار كبير. وها هو هذا الشخص النظيف والبسيط الذي يقول الامور الواضحة أمام كل ما يتم انزاله علينا من عناوين فيما يتعلق بالاعتقالات. “قيادة جديدة”، قال غباي في خطاب الانتصار، “واضح لها أن ابن العم الذي يدير من اجلك المفاوضات الائتلافية لا يمكنه أن يمثل شركة غواصات، وهو لا يستطيع″. هذا بسيط جدا، لكنه دقيق وحاد أكثر من عشرات آلاف الكلمات التي قيلت منذ بداية هذه القضية في العنوان الرئيس في صحيفة “معاريف”، وما كشف عنه دروكر حول تدخل المحامي شومرون.
لقد كان غباي محقا طوال طريقه. عند انطلاقه سخر المحللون، وأنا منهم. لقد كان في هذا الاسبوع سخيا بما يكفي كي يذكرني: “هل تذكر ما قلته لك منذ البداية؟”، سأل، “لقد قلت لك إنني سأصعد الى الجولة الثانية. وأنني سأفوز على عمير بيرتس في الجولة الثانية. وأنني بعد فوزي ستتعزز مكانتي في الاستطلاعات وأننا سنتجاوز يوجد مستقبل”. وقلت له إنني أذكر ذلك، وأملت بأن لا يذكرني بما قلته في تلك المحادثة. من جهة اخرى، اذا كانت الطريق الى مكتب رئيس الحكومة هي مئة كيلومتر، فان غباي قد قطع بنجاح المئة متر الاولى، لا أكثر من ذلك. النشوة قد تكون العدو الاكبر له الآن. “الامر الاول الذي فعلته في اليوم التالي للانتصار”، قال لي في هذا الاسبوع، “عقد جلسة لاستخلاص الدروس″. وسألته أي دروس، لقد انتصرت انتصارا ساحقا. “هذا لا يهم، الامر الهام الآن هو معرفة بماذا لم نكن جيدين، أين اخطأنا، ومحظور علينا التشوش. يجب على الجميع حني رؤوسهم والعودة الى الواقع. وبدون الجلوس في المكتب في شارع كابلان في القدس لا يمكن القول إنك عملت شيئا”.
نعم، إنه يشخص الى هناك. لقد حطم غباي نظرية عمل يئير لبيد، التي مكنته من الوصول الى 28 مقعدا في ذروة الاستطلاعات في الاشهر الاخيرة. لبيد قرر الانتصار على بيبي بلطف، بدون انتقاد وبدون الضرب من تحت الحزام وبدون اليسار. توجه الى اليمين. وكل ذلك كان على خلفية نظرية “القبيلة البيضاء” الشبعى والمتحفظة من كل ما يرمز اليه نتنياهو، وهي ستبقى من اجل الوقوف في ساحته في جميع الاحوال. هذه القبيلة تهتم بشكل أقل باليسار أو اليمين، وما تريده هو التخلص من بيبي. ولأن لبيد هو الوحيد الذي يمكنه التخلص من بيبي، فسيصوتون له. ولكن هذا لم يعد مضمونا. فلديهم الآن بديل. أمام لبيد يوجد غباي الذي يتحدث بشكل واضح وبسيط، لا يختبيء ولا يتزين. لقد تم فتح اللعبة من جديد مع شروط جديدة. لقد فهم يئير لبيد خلال ليلة واحدة أنه لا يمكن أن يكون ضد الحريديين ومعهم طوال الوقت، ضد المستوطنين ومعهم في نفس الوقت. حتى الآن لعب لبيد في ملعب فارغ. وعندما سئل قبل انتخابات حزب العمل باسبوعين عمن يفضل فوزه برئاسة الحزب، قال إن هذا لا يهم. “المهم أن لا يفوز الجديد”. إلا أن الجديد فاز والوضع أصبح جديدا.
ما الذي سيفعله غباي في الاشهر القريبة؟ ليس الكثير. فهو لن يتفق مع اهود باراك أو غابي اشكنازي. “أولا يجب علي بناء الحزب”، قال، “وتحويله الى جسم فاعل يستطيع العمل واجراء الحملة الانتخابية وقراءة الوضع في الميدان وتحريك الاشخاص. فبدون ذلك لا يمكن الفوز″.
غباي لن يقول ذلك، لكنه يأمل في أن يكون حزب العمل مشابها لحزب يوجد مستقبل من ناحية النجاعة والادارة. هو مدير، وهذا ما يعرف القيام به. هكذا فاز في الانتخابات التمهيدية. وسألته من سيكون مدير حملته الانتخابية. فانفجر ضاحكا: “يجب عليكم معرفة أنني لا أعمل بهذه الطريقة”. وسألته عن قصده فأجاب “لن يكون لي مدير حملة. والحقيقة هي أنني بحثت عن مدير حملة لكن الجميع كانوا منشغلين”. وسألته ماذا فعلت اذا؟ “أخذت عدد من الاشخاص الجيدين، ابيرام كوهين، هيلل بارتوك، هيلا لفشيتس التي كانت معي في حزب “كلنا” وفي جودة البيئة، واحضرت ايتسيك الروف من احتجاج الكوتج وراز تسفريز وزوهر سوسانكو. وهم اشخاص ممتازون عملوا معا”. وسألته ماذا يعني هذا الامر. “أقمنا مجموعة واتس آب، وكل واحد منا قدم ملاحظاته. وأنا كنت أقرر. لم تكن هناك أي تغريدة بدون مصادقة، أو أي رد بدون فحص. كل شيء تم بدقة”.
عندما يتلاشى بخار الشمبانيا سيكتشف غباي أن تحويل حزب العمل الى ماكينة سياسية ناجعة، اصعب من فهم قضية “بيزك”. وقد يكتشف أن ما يتكتك في حزب العمل هو قنبلة موقوتة ستنفجر في وجهه. وسيكتشف مثلا أن عمير بيرتس يحاول انشاء معسكر يتشكل من اعضاء الكنيست الذين أيدوه ويصبح مجموعة ضغط قوية داخل الحزب. وسيكتشف أن كل من وعده بالوقوف الى جانبه أو من خلفه، سيفعل ذلك عند وجود السكين الصغيرة في جيبه. يبدو لي أن كل ذلك لن يردع غباي. فهو من طينة مختلفة، ويستمر في الابتسام.
حكمة الجنرالات
دون أن نلاحظ تقريبا، نجح الجهاز العسكري والامني في كبح موجة العنف التي اندلعت في تشرين الاول 2015 في المناطق. الامر في البداية كان يبدو كانتفاضة سكاكين، وبعد ذلك تحول الى انتفاضة افراد، بما في ذلك عمليات اطلاق نار، وزيادة الاخلال بالنظام ورشق الحجارة والقاء الزجاجات الحارقة والسكاكين ايضا. “أمر الساعة” هو الاسم الذي اطلقه الجيش الاسرائيلي على موجة العنف. في الاشهر الاولى كان يبدو أنه لا يوجد لاسرائيل أي جواب تنفيذي على هذا النوع من الاعمال التي لا يوجد لها قادة أو تسلسل هرمي أو مختبرات لصنع المتفجرات أو بنى تحتية. الشباب الفلسطينيون ينهضون ويحملون سكينا ويذهبون لطعن اليهود. الشباب الفلسطينيون يشترون “كارلو” بألفي شيكل ويخرجون الى القتل. كيف يمكن محاربة ظاهرة كهذه غير قابلة للقياس ويتم تزويدها بالوقود من اتجاهات مختلفة. الالهام من احداث العنف في الشرق الاوسط وروح داعش، التقى مع الاحباط الفلسطيني. وكان يبدو أن جميع الاجهزة الامنية والعسكرية الاسرائيلية مع اقمارها الصناعية والطائرات بدون طيار والفرق العسكرية، لا يمكنها مواجهة هذه الظاهرة.
بعد مرور سنتين تقريبا يبدو أننا انتصرنا. ويبدو أن انتصار من هذا النوع ليس انتصارا حاسما. ففي كل لحظة يمكن أن يحدث شيء يوقظ الموجة من جديد. الانتصار على هذا النوع من الارهاب هو شأن سيزيفي مستمر ومضني ويقاس بالارقام، والارقام لافتة. وجميع الارقام تقريبا وفي جميع المجالات (الاخلال بالنظام، الطعن، رشق الحجارة، القاء الزجاجات الحارقة وعمليات اطلاق النار)، عدنا الى المستوى الذي كان قبل انتفاضة الافراد، بل في بعض الحالات الى أقل من ذلك. أي أن الميدان هاديء أكثر مما كان عليه عشية تشرين الاول 2015. هذه المعطيات الرسمية قدمها الجيش الاسرائيلي والشباك في جلسة الكابنت التي عقدت أول أمس.
يعود الفضل في هذا النجاح للاجهزة الامنية والعسكرية. العقيد ليئور كرميلي، قائد يهودا والسامرة، سينهي في ايلول عمله في هذا المنصب، حيث دخل اليه قبل اندلاع الاحداث ببضعة اسابيع، وهو صاحب الفضل الاكبر في استيعاب العنف والتهدئة.
كرميلي هو مظلي ونائب رئيس وحدة الاركان الاسبق، وكان رئيس فرقة التشغيل في الاستخبارات العسكرية وقائد العمليات الخاصة في الاستخبارات العسكرية. وهو ضابط متواضع. وسيتعلمون في المستقبل في ارجاء العالم عن السرعة التي ادرك فيها الجيش الاسرائيلي والشباك الوضع الجديد، وبالتالي تطوير الادوات لمواجهته (عمليا، يتم تعلم هذا الامر الآن).
المبدأ بسيط: لأن الحديث يدور عن مبادرات افراد، فلا حاجة الى جر الجمهور الفلسطيني الى داخل العاصفة. الجيش والشباك لاحظا مصادر طاقة الظاهرة، وبدءا بالتطوير السريع لاساليب الكشف عن الامور قبل حدوثها من خلال الشبكات الاجتماعية. كل حادثة، من الطعن الخفيف الذي تم افشاله وحتى العمليات الكبيرة، كان يتم تعلمها بعمق. كل منفذ عملية بقي على قيد الحياة تم التحقيق معه بعمق. ما الذي جعله ينفذ العملية، كيف نضج القرار، ما الذي دفعه الى الذهاب الى مكان معين وليس الى مكان آخر، من أثر عليه ومن ساعده وما أشبه. وقد تم فرز جميع القرى في الضفة الغربية واعتبار القرى الاكثر قابلية للعنف على أنها أكثر سخونة.
وتم ايضا عمل تمشيط للسكان وتقسيمهم الى ثلاث مجموعات اساسية: المتصالحون، أي من لا يقومون بالارهاب ويفضلون ادارة حياتهم، وهم الاغلبية. والمرتدعون، أي الذين يؤيدون الارهاب ويرغبون في المشاركة فيه لكنهم يخشون من ذلك. ومن ينفذون العمليات أنفسهم. وقد تم تحديد الاسباب الايجابية التي تجعل السكان متصالحين مثل العمل ومستوى الحياة وحرية الحركة والخدمات الاجتماعية. وتم تطوير عدد من الادوات لزيادة الردع والعمل ضد السكان العنيفين فقط. أي العمل الفوري ضد منفذ العملية ومحيطه القريب. واغلاق مواقع تصنيع الكارلو، ومعاقبة اصحابها. وتمت مصادرة اموال وممتلكات وعشرات الاجراءات الخفية والعلنية تحت مبدأ واضح: من يقوم بتنفيذ العمليات يعاقب، هو ومحيطه القريبة، ومن لا يفعل أي شيء لا يعاقب.
وبشكل مواز تم تعزيز الخط الاخضر، وتم بناء الجدار، وتم البدء ببناء جدار بطول 42 كم في منطقة ترقوميا، وتم تعزيز الحراسة في محطات الحافلات وفي المفترقات. وتم وضع الضفة الغربية تحت كاميرات متقدمة. والكثير من ادوات جمع المعلومات مثل المناطيد والطائرات بدون طيار. وتم تعزيز الحراسة في المستوطنات.
وقد تم تطوير وسائل سريعة لفرض القانون. واستخلاص العبر من كل عملية. وتشويش طريق المنفذ من خلال تخفيف الاجواء والعقبات الكثيرة التي جعلته يقرر تنفيذ العملية. الضفة الغربية كلها تحولت الى مختبر يختص في استيعاب وكبح وانهاء ارهاب الافراد.
النجاح هو نجاح دراماتيكي، الورود للجيش والشباك، ولا سيما لروح القائد غادي آيزنكوت، الذي هو الاكثر معرفة في العالم بيهودا والسامرة. كان هناك في عملية “السور الواقي”، قبلها وبعدها. وكان السكرتير العسكري لرئيس الحكومة، ورئيس الاستخبارات العسكرية ونائب رئيس الاركان، وهو يعرف جيدا كل الازقة وكل القرى في الضفة.
لقد فرض آيزنكوت نظرية الاستيعاب. لا حاجة الى فرض الاغلاق، ولا يجب خنق السكان الفلسطينيين أو استخدام العقاب الجماعي ضدهم. يجب تشجيع الاشخاص الهادئين الذين يعملون. ولا يجب وقف تصاريح العمل بأي شكل من الاشكال. والسعي الى عدم الحد من حرية الحركة. والفصل بين الاستفزازيين وبين باقي السكان. واستمرار التعاون مع السلطة الفلسطينية واجهزتها.
في هذه الاثناء وصلنا الى خطة قلقيلية، التي سيصادق الجيش الاسرائيلي في اطارها للفلسطينيين على بناء بضعة آلاف من الوحدات السكنية في المدينة مع بعض الطرق. وقد مرت هذه الخطة بجميع المستويات المطلوبة: قائد الفرقة، مسؤول المنطقة، الشباك، رئيس الاركان والوزير. هذه تعتبر خطة امنية خالصة، ليس فيها جميل لأي أحد ولا حتى للفلسطينيين ايضا. قلقيلية هادئة كليا، باستثناء عملية دهس واحدة، وهي بقيت خارج دائرة العنف معظم الوقت. إنها محاطة بالجدران ومعزولة عن محيطها. هدف الخطة هو تأكيد سياسة العصا والجزرة لليبرمان، وهي السياسة التي بدأت قبله، وتسعى الى زيادة قوة المعتدلين على حساب العنيفين. وزير الدفاع ورئيس الحكومة يؤيدان هذه الخطة، التي تعكس مصالح امنية قومية.
من الذي لم يؤيد الخطة؟ يوسي دغان، رئيس المجلس الاقليمي شومرون، الذي قام باشعال المنطقة، وحرض اعضاء الليكود وقض مضاجع وزراء الكابنت. والتصق في هذا الاسبوع بليبرمان اثناء زيارة له.
لقد قام الكابنت بتجميد خطة قلقيلية في يوم الاربعاء الماضي. واعتبر ذلك اهانة للاجهزة العسكرية والامنية، وحول رئيس الاركان الى متعاون مع أبو مازن. هكذا تبدو الامور عند غياب رب البيت عن الساحة. وعندما لا يقوم رئيس الحكومة بتحديد اتجاه البوصلة.
إن تجميد الخطة يتسبب بالضرر في الساحة الدولية، في هذا التوقيت من صياغة السياسة الامريكية تجاه الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. لكن اعضاء الليكود راضين. وبينيت وشكيد لا يمكنهما اتهام نتنياهو. هكذا تبدو القيادة الاسرائيلية في النصف الثاني من العام 2017. وكما يقول اهود باراك وترامب بعد كل تغريدة ناجحة: هذا أمر محزن.
معاريف