مقالات مختارة

لا حدود: رأن ادليست

اتفاق وقف النار في جنوب سوريا سيء لحكومة اسرائيل وجيد لدولة اسرائيل. سيء لحكومة اليمين، لأنه منذ اندلاع الثورة ضد بشار الاسد كانت سياستها التأييد السوري للثوار. وكانت الفكرة بأن سقوط الاسد على ايدي منظمات مدعومة من السعودية والولايات المتحدة سيؤدي إلى اعتراف محلي ودولي بهضبة الجولان كجزء لا يتجزأ من دولة اسرائيل. فكرة كانت عديمة الاحتمال منذ لحظة ولادتها.

أما اليوم، بعد ست سنوات، مئات الاف القتلى وملايين اللاجئين، فإن التدخل الصغير على حدود سوريا خلق بموافقة القوى العظمى منطقة فصل، حيث تسيطر قوات ومنظمات تنسق مع حكومة اسرائيل.

فهل تضمن منطقة الفصل أي موافقة على السيطرة في الجولان مثلما طلب بنيامين نتنياهو من دونالد ترامب؟ تماما لا. فالاتفاق بشكل عام يتحدث عن رقابة روسية. فهل هو يضمن الامن لبلدات الشمال أو لدولة اسرائيل بشكل عام؟ تماما لا. فالجي.بي.اس المغروس في الصواريخ لا يعرف ما هي منطقة الفصل.

ان القرار والموافقة على منطقة الفصل هو مثابة تكرار لاتفاق وقف النار الذي وقع بعد حرب لبنان (قرار 1701 لمجلس الامن في الامم المتحدة) في 2006. فقد دعا القرار إلى وقف نار بين الطرفين، ادخال قوة من الامم المتحدة، حل الميليشيات المسلحة وباقي المواد التي كان يفترض بها أن تضمن منطقة فصل. منذئذ يسيطر حزب الله في جنوب لبنان. يبدو أن القوة الاساس التي تسيطر اليوم في جنوب سوريا (جيش الاسد باسناد من حزب الله، إيران وروسيا) ستتسلل لاحقا إلى المنطقة، بالضبط مثلما تسلل حزب الله في حينه إلى جنوب لبنان.

صحيح أن نائب رئيس الاركان يائير لبيد قال للصحافي الون بن دافيد «لدينا علاقات خاصة مع الجيران»، ولكن سبق أن كانت لنا علاقات خاصة مع جيران مثل جيش لبنان الجنوبي ووحدة الارتباط اللبنانية وروابط القرى والدحلانيين في غزة، وكيفما اتفق انتهى هذا دوما بالبكاء في افضل الاحوال وبالدماء في اسوأ الاحوال.

فما الذي ستفعله منظمات الثوار «اصدقاء اسرائيل» الجدد؟ هل سيقيمون دولة، وينتظروا إلى أن يستبدل الاسد ام سيحاولون السيطرة على دمشق؟ المنطق الشرق الاوسطي يقول انهم سيتوصلون بشكل من الاشكال إلى تسوية مع دمشق.

لا حاجة لتواصل اقليمي من طهران إلى بيروت من أجل خلق منطقة نفوذ حقيقية ومهددة، حتى بدون الجلوس على الجدران. فلا يفترض بإيران ان تنقل الجيوش عبر هذا الرواق بل ان تعزز قدرة الصواريخ لدى سوريا وحزب الله. هناك حاجة لرواق من اجل المظاهر. السؤال الحقيقي هو ماذا العمل في مواجهة هذه القدرة التي ستتحسن في زمن وقف النار. وماذا نفعل إذا ما اقيمت مصانع لتركيب الصواريخ في لبنان وفي سوريا. هل سنقصفها في زمن وقف النار؟

صحيح أن وزير الدفاع افيغدور ليبرمان يعلن بأن اسرائيل «ستحتفظ بحرية العمل العسكري»، ورئيس الاركان جادي آيزنكوت يدعي بأن «ابعاد إيران وتقليص نفوذها هو تحد لا يقل اهمية عن هزيمة داعش»، ولكن لا تزال الخطوة الدراماتيكية والصحيحة لاسرائيل هي الانضمام رسميا إلى وقف النار. فسواء للولايات المتحدة أم لروسيا، توجد مصلحة حقيقية في ذلك. لحزب الله وسوريا مصلحة في الدفاع عن انفسهما من تهديدات اسرائيل بشأن الهجوم. هذا سيهديء روع الجمهور في اسرائيل والكل سيكونون سعداء. باستثناء حكومة اليمين.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى