مقالات مختارة

يجب كسر التساوي الوهمي: دانييل فايبس

قرر رئيس حكومة الهند، نرندارا مودي، زيارة القدس، لكن ليس رام الله. هذا القرار أثار اهتماما كبيرا. ولكن لماذا يتوقع أن زيارة إسرائيل يجب أن ترافقها زيارة مناطق السلطة الفلسطينية؟.


مراسيم التوقيع على اتفاقيات أوسلو في البيت الابيض في ايلول/سبتمبر 1993 كانت ملفتة بالفعل، وقللت من قيمتها المصافحة بين اسحق رابين، رئيس حكومة إسرائيل، وبين ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية التي هي «م.ت.ف» اليوم بعد مرور 25 سنة تبدو الامور مختلفة. من الواضح الآن أن رابين قد أعمته اضواء المجد، وكرئيس دولة لحكومة تم انتخابها بشكل ديمقراطي، كان يجب عليه منع الموافقة على حصول عرفات على نفس المكانة. حقيقة ظهورهما معا في المراسيم كمتساويين خلقت وهم سيطرة على الرأي العام العالمي لسنوات كثيرة، إلى درجة أن أحدا لا يشكك في الأمر.

اضافة إلى ذلك، هذه «المساواة» اصبحت عبثية اكثر فأكثر، خاصة عندما انتقلت إسرائيل من نجاح إلى آخر في الوقت الذي قامت فيه السلطة الفلسطينية بانشاء نظام فوضوي وقمعي.

هناك من يدافع عن رابين ويقول إنه سعى إلى تعزيز مكانة عرفات و»م.ت.ف» من خلال اضواء المراسيم الرفيعة. واذا كان هذا هو الهدف بالفعل، فلا شك أنه فشل، وبشكل كبير. وبدل استخدام كل ذلك كرافعة لبناء سلطة فلسطينية تعترف بإسرائيل وتنهي الصراع معها، عمل عرفات بشكل عكسي بالضبط. استغل هذه المكانة من اجل تطوير موارد جديدة لمقاومة الصهيونية والهجوم على إسرائيل. «السفارات» الفلسطينية انتشرت في ارجاء العالم لسلب شرعية إسرائيل، وفي نفس الوقت، على مدى السنوات الخمسة التي اعقبت اتفاق أوسلو، قتل الفلسطينيون عددا من الإسرائيليين يفوق عدد القتلى الإسرائيليين على مدى 15 سنة قبل التوقيع على الاتفاق في البيت الابيض.

أصبح من الواضح الآن أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يكن من المفروض أن يقف أمام عرفات في البيت الابيض، بل على سبيل المثال، ممثل كسفير إسرائيل في أوسلو. هذا كان سيبين لكل العالم ما هي مكانة عرفات الحقيقية في الهرم الدبلوماسي. صحيح أن رابين كان سيتنازل هكذا عن جائزة نوبل للسلام. ولكن بنظرة إلى الوراء، يمكن أنه لم يكن هناك مكان للاحتفال فعليا باتفاق تدميري مصيره الفشل. ايضا كان من المناسب اكثر لو أن مراسيم التوقيع على اتفاق أوسلو تمت في أوسلو وليس في واشنطن، عاصمة القوة العظمى الاكبر في العالم.

لو أن الاحداث تمت في 1993 بشكل متواضع، لما وجدت المساواة المزيفة بين بنيامين نتنياهو وأبو مازن، وعدم وجود التوازن الحقيقي في العلاقة بين إسرائيل والفلسطينيين كان واضحا للجميع. لو أن نائب السفير هو الذي تفاوض مع عرفات وأبو مازن لما استطاع العالم أن يساوي بين الطرفين. وبدل ذلك، جميعهم كانوا يرون، ليس فقط الفرق الكبير في ميزان القوى، بل ايضا الهوة الاخلاقية العميقة التي توجد بين الطرفين.

هذا لم يحدث. والسؤال هو إذا كان الوقت متأخرا. هل نتنياهو أو أي رئيس حكومة إسرائيلي آخر لن يستطيع التملص من عدم وجود الاحترام عند اجراء لقاء يساوي بين رئيس دولة ورئيس عصابة؟ الاجابة هي لا. الوقت ليس متأخرا. فنتنياهو يمكنه القول إنه التقى فقط مع نظرائه في الدبلوماسية الدولية، وأنه يترك مسألة علاج شؤون السلطة الفلسطينية لموظفي وزارة الخارجية في إسرائيل.

تخيلوا الفائدة من خطوة كهذه: مكانة إسرائيل ستتعزز، وفي المقابل ستنتشر رائحة السلطة الفلسطينية العفنة في ارجاء العالم. وهكذا سيكف الرؤساء الأمريكيون عن الاهتمام بـ «الصفقة الشاملة»، وايضا كثير من الوسطاء الذين لديهم نوايا حسنة سيجدون صعوبة في احياء المفاوضات الضعيفة أصلا منذ ربع قرن. اقتراحي لرئيس الحكومة الإسرائيلية هو أنه يجب نقل علاج «العملية السلمية» مع الفلسطينيين إلى موظفين في مستوى منخفض.

إسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى