مقالات مختارة

الافراج عن السلسلة بعد التحرّر من القانون؟ محمد بلوط

 

ما الذي يعيق اقرار سلسلة الرتب والرواتب في ظل «الاجماع العلني» عليها من قبل القوى والكتل النيابية؟

ثمة اعتقاد لدى المراجع المعنية بأن هذا الاستحقاق سيشق طريقه ويتجاوز العوائق والصعوبات التي حالت دون تحقيقه على مدى سنوات. لكن مواقف واشارات ظهرت مؤخراً تبعث على المخاوف من اخضاع هذا الملف لتجاذبات سياسية خارج دائرة بنود المشروع.

في الجلسة السابقة للمجلس تعذّر حضور الرئيس بري بسبب «عملية الحصى» التي خضع لها، وقيل ان غيابه القسري ربما ساهم في زيادة الارباك الذي حصل يومذاك وتحول الى هرج ومرج اطاح السلسة واعادها الى مربع النقاش الممجوج حول الموارد والانفاق.

ومما لا شك فيه ان عدم ترؤس الرئيس بري للجلسة ساهم في انفلاشها وعدم وصولها الى الخاتمة السعيدة (بالنسبة للشرائح الواسعة المستفيدة منها)، لكن هذا الغياب الطارئ والاستثنائي لا يشكل السبب الاساسي والحقيقي لفشل اقرار السلسلة، فهناك اسباب مهمة واساسية هي التي حالت دون ولادتها.

ولم يعد خافيا ان السبب الابرز الذي ادى الى فرملة اقرارها هو ذريعة البعض بأن الأولوية لاقرار قانون الانتخاب. وقيل يومذاك ان تواطؤ حصل بين كتلتين كبيرتين لتأجيل هذا الاستحقاق في اطار حسابات سياسية تندرج في اطار قانون الانتخاب.

واليوم بعد ان تجاوزنا امتحان القانون المذكور تعود السلسلة الى الواجهة ليس لأنها البند الاول على جدول اعمال الهيئة العامة للمجلس فحسب، بل لأن هناك حاجة ملحة لحسمها واقرارها بعد سنوات من المماحكة والمماطلة والتسويف.

وبمعنى آخر، لم تعد هناك من حجة او تبرير لتأخيرها في ظل الظروف الراهنة، خصوصاً بعد ان بلغنا في اجتماع بعبدا التشاوري الذي جمع كل الكتل النيابية ان هناك قراراً جامعاً بتسيير شؤون الدولة والبلد وتحويل فترة «التمديد التقني» للمجلس الى ورشة تشريعية تواكبها ورشة عمل مماثلة للحكومة.

وفي قراءة عامة للمواقف المتعلقة بهذا الاستحقاق يبرز الكلام الذي ردده الرئيس بري مؤخراً حول عزمه الدعوة الى جلسة تشريعية عامة في منتصف هذا الشهر على رأس جدول اعمالها السلسلة التي استؤخرت اصلا الى ما بعد اقرار قانون الانتخاب.

وفي رأي رئيس المجلس ان هذا الملف يجب ان يحسم ويقر بعد ان اشبع درساً ومناقشة في اللجان والهيئة العامة، وان لا مبرّر لتأخيره تحت اي ظرف من الظروف.

وللتذكير ايضا فان رئيس الحكومة سعد الحريري كان اكد في الجلسة السابقة على اقرار السلسلة من دون تحفظ، وهذا يعني عمليا ان الحكومة في الجلسة المقبلة ستكون الى جانبها ولن تلجأ الى طلب التريث او الى استرداد المشروع.

وكما هو معلوم ومعلن فان كل او معظم الكتل النيابية تؤيد اقرارها ولا يستطيع اليوم تجاهل هذا الاستحقاق، ومن الطبيعي ان تنتهي الجلسة المقبلة بنتيجة ايجابية.

ويقول مصدر نيابي بارز ان السلسلة باتت امانة في اعناقنا، ومن غير الممكن مواصلة سياسة دفن الرؤوس في الرمال. لذلك فان المنطق يقول اننا ذاهبون الى الجلسة العامة لطي صفحة هذا الملف العالق منذ سنوات.

ويضيف ان النقاش الذي ساد في الجلسة الماضية تمحور حول نقاط محددة ومحدودة تتعلق بتأمين الواردات بعد ان وضعت الهيئة العامة سقفا للانفاق 1200 مليار ليرة يمكن اجراء تعديل طفيف عليه يراعي المتقاعدين والمعلمين.

ويرى المصدر ان ليس هناك اي مبرر لاعادة النقاش الى نقطة الصفر، او اخضاع السلسلة من جديد «لغرفة عمليات» سياسية قبل الجلسة. فهذا المشروع خضع لجولات ماراتونية من النقاشات داخل وخارج المجلس أكان على مستوى اللجان المختصة ام في اللجان المشتركة أو في الهيئة العامة. لا بل ان لجانا فرعية ومتعددة الفروع انكبت على مدى أشهر لانجاح و«تنقية» السلسلة من كل المخاطر والشوائب ولا لزوم اليوم لاغراق النقاش بتجاذبات ومزايدات سياسية جديدة.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى