الدولة الفلسطينية فاشلة: موشيه آرنس
غزة هي دولة فلسطينية، أو دولة مصغرة، للدقة. صحيح أنه من المفروض أن يتم ضمها لمنطقة يهودا والسامرة كي تتحولا معا إلى دولة فلسطينية كبيرة، لكن لا يمكن نفي أن الحديث يدور عن دولة فلسطينية. جميع سكانها الفلسطينيين ـ شارون اهتم باخلاء جميع اليهود من هناك، واغلبية الفلسطينيين يعتبرون هذا الأمر شرطا لقيام دولة فلسطينية، لها حكومة، جيش وشرطة ومحاكم من اجل العدل ـ من نوع معين. انها غير موجودة تحت الاحتلال، انها دولة سيادية فلسطينية .
كان لدى الفلسطينيين خلال العشر سنوات الماضية فرصة للاظهار للعالم كيف تُدار الدولة الفلسطينية، وكيف تعمل الحكومة الفلسطينية من اجل رفاه السكان الموجودين تحت سيطرتها. عمليا هي دولة فاشلة.
أنتم تحتجون. حسب قولكم هم يعيشون تحت الحصار. وكيف يمكن التطور في هذه الظروف؟ الحديث عمليا لا يدور عن حصار لأن مئات الحافلات تحضر البضائع إلى غزة كل يوم تقريبا، ومعظم الكهرباء تقدمها إسرائيل. هم المسؤولون عن «الحصار». ولو لم يكن الحديث عن كمية الصواريخ هناك، الصواريخ التي يتم اطلاقها على المدن الإسرائيلية، لكانت أزيلت جميع القيود التي فرضتها إسرائيل منذ زمن. ولو كان زعماء غزة كلفوا انفسهم عناء بناء علاقات جيدة مع جيرانهم المصريين لكان يمكن التنقل بحرية عن طريق الحدود المصرية.
ولكن في ظل الظروف الحالية ايضا ما الذي فعلته حكومة حماس من اجل السكان الفلسطينيين؟ الكثير من الاموال تدفق إلى غزة، وحكومة غزة استطاعت فرض الضرائب على كل شيء، وتم توظيف الاموال لشراء الصواريخ وحفر الانفاق باتجاه إسرائيل، أو تم دفعها للموظفين الفاسدين، بدل استثمارها في البناء والتعليم ورفاه السكان. لم ينجحوا في اقامة دولة فلسطينية هناك. حياة الفلسطينيين الذين يعيشون في يهودا والسامرة تحت «الاحتلال» الإسرائيلي افضل بكثير من حياة السكان في غزة. قبل حصول غزة على الاستقلال كان وضع السكان هناك افضل مما هو الآن.
هناك نظرية تقول إنه إذا لم يتحسن وضع الفلسطينيين في غزة، فسيقوم زعماؤها باطلاق الصواريخ على إسرائيل من جديد. حسب هذا المنطق المشوه، يجب على إسرائيل تزويد الكهرباء والسماح بادخال المزيد من البضائع للسكان. الفرضية هي أن هذا يزيل المبرر الغزي لقصف إسرائيل. وبكلمات اخرى، يجب اطعام الحيوان كي لا يهاجم. من يطالب باقامة دولة فلسطينية في يهودا والسامرة يجب عليه مشاهدة الدولة الفلسطينية القائمة في غزة عن قرب. هل يعقل القول إنها ستكون مختلفة عن الدولة في غزة؟ أم أنها ستكون اسوأ حسب وجهة النظر الإسرائيلية؟ «دولتان لشعبين» هذه الصيغة التي يرفض محمود عباس تبنيها، وهي تبدو جيدة نظريا، لكن من شأنها أن تؤدي إلى المزيد من الحروب والمعاناة في المنطقة.
لا يجب على الإسرائيليين وحدهم الخوف من اقامة دولة فلسطينية في يهودا والسامرة ـ الفلسطينيون الذين يعيشون هناك ايضا يجب عليهم أن يسألوا انفسهم إلى أي درجة هذا مجدي، يمكن أن يجدوا انفسهم في وضع اسوأ مما هو الآن. هل بالفعل يريدون تقاسم المصير مع الفلسطينيين في غزة؟.
الفلسطينيون الذين يؤمنون بأن الدين يفرض عليهم مهاجمة اليهود ـ لن يقتنعوا. الفلسطيني من دير أبو مشعل، الذي طعن هداس مالكا حتى الموت في باب العامود، ترك لأمه رسالة قال فيها إنهم سيلتقيان في جنة عدن. الدولة الفلسطينية لن تكون كما يبدو مثل جنة عدن.
هآرتس