أكاذيب ترامب وعصاب الفشل
غالب قنديل
بعد التهديد الأميركي الجديد بضرب سورية ظهر الرئيس بشار الأسد في قاعدة حميميم حيث التقى قادة عسكريين كبارا من القوات الروسية يتقدمهم الجنرال غراسيموف رئيس الأركان العامة للجيوش الروسية مدونا في سجل الشرف عبارات التقدير “للأشقاء الروس الذين يدعمون سورية في الحرب الوطنية التي تخوضها”.
هي حرب وطنية بالفعل تخوضها سورية بقيادة الرئيس الأسد دفاعا عن استقلالها ومصالحها الحيوية في وجه الغزوة الاستعمارية الصهيونية الرجعية التي تستهدف المنطقة ومحور الاستقلال والمقاومة المناهض للهيمنة والعدوان.
هذا المصطلح الذي استخدمه الرئيس في وصف الحرب التي تخوضها بلاده يميط اللثام عن حقيقة الصراع التي طمست بموجات من الفبركة وتقنيات صنع الأكاذيب التي شكلت الإطار الفعلي للحرب على سورية بدءا من كذبة الثورة والديمقراطية وصولا إلى واجهات الكذب المنظم باسمهما في فنادق خمسة نجوم وخرافة الثوار التي طليت بها جماعات التكفير الدموي وجيوش المرتزقة التي استقدمت من عشرات الدول وانتهاء بفبركة هجمات الكيماوي لتبرير موجات جديدة من الضربات العدوانية ولتطوير موجات التدخل العسكري المباشر الذي تقوم به الإمبراطورية الاستعمارية الأميركية في سورية أسوة بما قامت به مؤخرا في العراق وأفغانستان وحيث صعدت من انخراط وحداتها الخاصة المقاتلة في نزاعات وحروب ومهام امنية وعسكرية على امتداد ما يزيد 130 دولة في العالم.
في سورية توشك داعش على الانهيار وتتبدد قوتها بينما تتوسع رقعة انتشار الجيش العربي السوري وهو ما يقرب من أجل الهزيمة الساحقة للإمبراطورية الأميركية وحلفها الصهيوني الرجعي الأطلسي الذي انفجرت تناقضاته بشكل جلي في قمة الرياض التي قادها الرئيس الأميركي وبعدما كانت مكرسة لتصعيد العداء ضد إيران انقلبت وظيفتها السعودية لمحاصرة قطر ولتصعيد الخلاف مع تركيا وحيث تسعى واشنطن وسط اختلافات حلفائها وانقسام عملائها إلى إدارة مزاد سياسي باسم الوساطة لتجني منه مزيدا من المال والصفقات بينما يدفع شريكها الأوروبي بحث إيران على تقدم الوسطاء لأنها قادرة ومؤهلة لإنتاج تفاهمات مستقرة في الخليج كما يقول وزير الخارجية الألماني.
انفجار التعارضات داخل حلف العدوان على سورية ليس بعيدا عن مجريات التقهقر العسكري لعصابات الإرهاب في الميدان على الرغم من الأموال السعودية والقطرية والإمدادات الضخمة الواردة من تركيا والأردن ورغم المشاركة الصهيونية التي تخطت جميع الحدود المتخيلة امنيا وعسكريا كما تبين في معارك الجولان وسفوح جبل الشيخ خلال الأسابيع الماضية وبما تكشف عن قيام المخابرات الصهيونية بتسليح وتجهيز ميليشيات عميلة متحدرة من عصابتي الأخوان والقاعدة دربت في الأردن بل ودفع رواتب شهرية لمرتزقتها كما فعل الصهاينة سابقا في جنوب لبنان.
القرار السيادي السوري بالشراكة مع محور المقاومة والقيادة الروسية والقيادة العراقية أسقط الخطوط الأميركية الحمراء التي كان يراد منها حماية معاقل داعشية ضخمة من قرار الحسم السوري والعمليات الجارية في البادية وفي اتجاه الحدود العراقية تسقط المخطط الذي كان وراء فبركة داعش وإطلاقها في الجغرافية السورية العراقية لتمزيق محور المقاومة ومنعه من التواصل البري.
والإنجاز الوشيك بفك الحصار عن دير الزور سيحاصر الرهانات الأميركية في الرقة والنتيجة نهوض القوة السورية والدولة السورية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا على امتداد الأرض السورية وتحول نوعي في توازن القوى لصالح محور سورية الدولي الإقليمي ستدخل معه المجموعة الأميركية الصهيونية وعملاؤها الإقليميون في مأزق كبير بينما تتكفل معادلات الردع القاهرة بلجم المغامرات العسكرية الشاملة والمتدحرجة ولذلك من المرجح ان التصعيد الأميركي الأخير ضد سورية يتعلق باستدراج فرصة للتفاوض مع الرئيس بوتين على هامش مؤتمر مجموعة العشرين في ألمانيا.