45 سنة على “ووتر غيت”: هل توجد مقارنة؟: ابراهام بن تسفي
مرت 45 سنة منذ 17 حزيران 1972 – خمسة اشخاص مقتحمون تم القاء القبض عليهم في مقر الحزب الديمقراطي في ووتر غيت في العاصمة الامريكية، حيث حاولوا “صيانة” وسائل التنصت على خطوط الهاتف التي وضعوها في الاقتحام السابق لهم للمكان قبل ذلك بثلاثة اسابيع. ذلك اليوم الذي نقش عميقا في الوعي الجماعي للشعب الامريكي، تسبب بالصدمة التي كانت ذروتها اضطرار الرئيس ريتشارد نكسون ابلاغ الأمة عن استقالته في 9 آب 1974 .
في مركز القضية التي تصاعدت بالتدريج الى أن سحبت البيت الابيض الى الدوامة، لم تكن المخالفة الجنائية التي نفذها هؤلاء الخمسة. كانت هذه محاولات نكسون ورجال الرئيس في اخفاء صلتهم بشبكة واسعة من النشاطات غير القانونية، التي سعت الى تشويش حملة الانتخابات للمرشح الديمقراطية للرئاسة، جورج ماكفارين، وشملت ايضا اخفاء التحقيق حول الاقتحام، الامر الذي أدى في نهاية المطاف الى انهاء ولاية الرئيس نكسون واعتقال مقربيه ومن يحملون سره.
إن حقيقة أن الرئيس اضطر، بعد صراع سياسي وقضائي مستمر، الى اعطاء المدعي الخاص في القضية، ليئون غابورسكي، التسجيلات التي سمع فيها وهو يقوم بارشاد مستشاريه كي يطلبوا من رئيس الـ اف.بي.آي، باتريك غري، الامتناع عن التحقيق في الاقتحام تحت الادعاء الكاذب بأن الحديث يدور عن موضوع أمني حساس، شكلت نقطة اللاعودة التي قررت مصيره السياسي.
اذا توجهنا الآن الى فضيحة العلاقة مع روسيا، التي كانت بدايتها في الاقتحام الذي نفذه مساعدو فلادمير بوتين في الصيف الماضي لحواسيب هيئة الحزب الديمقراطي في واشنطن، فسنلاحظ الفوارق الجوهرية التي تفصل في الوقت الحالي على الاقل، بين القضيتين. أولا، في قضية ووتر غيت ورط نكسون نفسه مرة تلو الاخرى. فبالاضافة الى تشويش التحقيق أوصى بدفع “ثمن الصمت” لمن تورطوا في الاقتحام. واليوم، في المقابل، باستثناء المؤشرات حول أمنية الرئيس الـ 45، “ترك” مستشار الامن القومي السابق مايكل فلين، الذي كانت له علاقات متشعبة مع الكرملين، قبل الانتخابات الرئاسية وبعدها، لا يوجد دليل على أن ترامب، كمرشح أو كرئيس، كان على صلة مباشرة بأي صفقة مع موسكو.
لذلك، لا يوجد الآن “مسدس مدخن” من النوع الذي وجد على طاولة نكسون من اجل ادانة ترامب في قضية العلاقة المحظورة مع روسيا، إلا اذا نجح المحقق الخاص في القضية، روبرت مولر في الكشف عن الدليل الذهبي الذي يشير الى صلة ترامب بصفقة ظلامية مع بوتين، أو محاولة اخفاء التحقيق، من الصعب رؤية كيف يمكن أن هذه القضية ستؤدي الى اقالة الرئيس.
بكلمات اخرى، على فرض أنه رغم تعمق التحقيق الحالي مع الرئيس ترامب، فان النتيجة ستكون باللون الرمادي، ولن تشير الى تجاوز الخطوط الحمراء في سلوك من يجلس في المكتب البيضوي، وامكانية حدوث عملية اقالة هي ضعيفة. في قضية ووتر غيت انتهى صراع البقاء الرئاسي عندما تبين لنكسون أن اغلبية ساحقة في الحزبين ستؤيد اقالته. في هذه المرة، على ضوء عدم الوضوح مقارنة مع الأدلة الكثيرة التي كانت ضد نكسون في التسجيلات، ستجد الاغلبية الجمهورية صعوبة في بلورة لائحة اتهام ضد ترامب، كما يقول الدستور.
واذا تقرر اجراء ذلك، فان المهمة ستلقى على اكتاف السنات لمحاكمة الرئيس (هناك ايضا توجد اغلبية جمهورية). على هذه الخلفية، باستثناء التقرير الذي يوجد عليه علم اسود، يمكن القول إن مجلس الشيوخ سيرتدع عن اتخاذ خطوة دراماتيكية غير مسبوقة باقالة الرئيس (لقد قدم نكسون استقالته قبل ادانته في مجلس الشيوخ). والايام ستقول اذا كانت هذه القضية ستبقى نسخة شاحبة، مقارنة مع المؤامرة الشيطانية التي أدت الى انتهاء رئاسة ريتشارد نكسون.
اسرائيل اليوم