بقلم غالب قنديل

لا تسيئوا الظن بمستعمرة قطر !

غالب قنديل

منذ انطلاق الحملة السعودية لتطويع القيادة القطرية إثر مهرجان دونالد ترامب في الرياض تطوف عمليات ردح واتهامات متبادلة بين الرياض والدوحة خصوصا في دعم الإرهاب التكفيري وفصائل القاعدة وداعش التي حشدتها ودعمتها الحكومتان السعودية والقطرية بالشراكة مع الحكومة الأردنية والكيان الصهيوني لتنفيذ خطة تدمير سورية ونشرالخراب في المنطقة العربية لتعويض الهزائم التي مني بها الكيان الصهيوني وداعمه الأميركي المرتجف من خطر صعود القوى العالمية المنافسة لهيمنته على العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.

الوجهة الرئيسية للاستثمار الأميركي في هذه العملية هي رفع سقوف المزايدات بصورة تتيح حلب خزائن المال السعودي والقطري معا بطلب الرضا الأميركي عبر مزيد من صفقات السلاح التي تتلهف لها عجلات مصانع السلاح وخزائن بيوت المال في نيويورك وواشنطن.

الحمقى وحدهم يصدقون للحظة ان دويلة قطر المحتمية بقاعدة أميركية لشن العدوان الإجرامي على المنطقة يمكن ان تمتلك القدرة على ممارسة استقلالية سياسية وكل محاولات التزوير الجارية في هذا المجال يقوم بها مرتزقة وانتهازيون من الأخوان المسلمين الذين هم التنظيم الاحتياطي المعتمد أميركيا لخوض الحروب بالواسطة في المنطقة ولتفريخ فصائل التكفير منذ أربعين عاما.

ينبغي التذكير بأن تنظيم الأخوان عمل برعاية الثنائي القطري العثماني لتطويع سورية ولاستدراجها إلى صلح مع الكيان الصهيوني ثم شن حربا ضارية ضد الدولة الوطنية السورية عندما رفض الرئيس بشار الأسد جميع العروض والإغراءات متمسكا باستقلال بلاده وبسيادتها الكاملة على ترابها الوطني ومواردها وهذا الثنائي نفسه يرعى حملة متواصلة لتطويع قيادة حماس ومحاصرة جناح المقاومة داخل الحركة ودوما كانت فرنسا هي الرديف والشريك الثالث في ألاعيب الدوحة واسطنبول بالأمر الأميركي.

إن كل ما قدمته دويلة قطر من دعم للإرهاب والتكفير ولزمرة الأخوان كان في إطار مخطط الهيمنة الأميركية الصهيونية على المنطقة والدور السعودي الرئيسي في المؤامرات والحروب المتنقلة ليس خافيا على أي فطين يعرف حقيقة ما يجري.

هذا الصراع الذي يضخمه البعض ويبالغون في نفخه أملا ببعض العطايا القطرية او السعودية هو نزاع متفجر في قلب الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي نتيجة الهزائم والفشل بفعل صمود سورية ورئيسها ودولتها ومحورها المقاوم وكل ما ولدته ملحمة الصمود تلك من تحولات في العالم والمنطقة.

من الطبيعي ان نتفهم الاستثمار الروسي والإيراني لمثل هذه التناقضات المتفجرة بما يخدم مصلحة المحور ككل كما جرى في التعامل مع المأزق التركي في سورية بعد تحرير حلب وكذلك الاستثمار الإيراني في الأزمة الأخيرة التي احبط انفجارها مسعى سعوديا صهيونيا خبيثا لإقامة حلف واسع ضد إيران فتبدى انفجار المنظومة الخليجية التابعة بوصفه المهيمن على المشهد السياسي بعد قمة الرياض مباشرة وعكس ما تمنى الحكم السعودي المأزوم والغارق في حروبه الفاشلة والمتنقلة والذي أفرغ خزائنه وحساباته لشراء الرضا الأميركي تماما كما تفعل قطر مؤخرا مع الإعلان عن توقيع صفقات سلاح جديدة من واشنطن والبقية ستأتي قريبا.

فاضت بعض المخيلات بالكلام عن حرب عالمية وتوهم البعض انفجارا كونيا من تداعيات الخلاف السعودي القطري وجله كان لغوا فارغا ومبالغات أخوانية مقصودة لتسول الوساطات السياسية التي تستدر العطف الأميركي على الإمارة التي كانت وما تزال منصة عدوان وتدخل وتزوير إعلامي لخدمة المخطط الاستعماري الصهيوني.

لم ينفذ حكام قطر أي خطوة ولم يصرفوا قرشا من خارج التعليمات الأميركية حتى في تواصلهم مع إيران وسابقا مع سورية وحزب الله ام في احتضانهم لقيادة حماس وتدجينها وتكبيلها بمعرفة تل أبيب ولا في دعم سائر تنظيمات الأخوان وحروب الربيع ولا في دعم القاعدة وداعش وتسخير قناة الجزيرة وقاعدة القوات الأميركية لديهم لتخريب المنطقة وتدميرها بكل وحشية.

من الدجل الخالص تصوير القيادة القطرية التابعة على انها تتمرد او تشق عصا الطاعة على السيد الأميركي ومن الوهم التعامل مع هذه الدويلة التابعة وكأنها الجزيرة الكوبية التي تحدت قيادتها الثورية وشعبها المقاوم حصارا أميركيا امتد لاكثر من نصف قرن بإرادة الاستقلال فالدولة التي كرست جهودها لترويج العلاقة مع الكيان الصهيوني متقدمة صفوف الرجعية العربية وأنفقت كثيرا من مواردها في السنوات الماضية على تدمير سورية القلعة العربية الحرة المناوئة للحلف الاستعماري الصهيوني هي مستعمرة اميركية ومن التخريف إساءة الظن بها وبشريكها العثماني الأطلسي لكنه زمن الهزائم وتقاسم أنصبة الخسائر بين الشركاء والمتآمرين وتلك هي الحصيلة وما نزال في البداية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى