الردّ الأميركي المحتمل على تحرير الموصل حميدي العبدالله
تحرير الموصل، بل تحرير العراق بكامله من سيطرة داعش بات مسألة وقت. لحظة اكتمال السيطرة على الموصل القديمة ستكون هناك قوات عسكرية كافية، إضافةً إلى قوات الحشد الشعبي، جاهزة لتطهير ما تبقى من جيوب لداعش في مناطق متفرّقة من العراق .
السؤال المطروح ماذا ستفعل الولايات المتحدة بعد تحرير الموصل والعراق من داعش، إذ من المعروف أنّ غالبية العراقيين ترفض أيّ وجود عسكري دائم للولايات المتحدة في العراق. وإذا كان مبرّر الوجود العسكري الحالي تقديم الاستشارة والدعم للقوات العرقية لمحاربة داعش فإنه بعد التحرير تنتفي الحاجة لهذا الدعم على أيّ مستوى كان.
كما أنّ القوى السياسية المرتبطة بدول الخليج وتركيا، وبالتالي بالولايات المتحدة، فقدت تأثيرها الشعبي حتى من الناحية المذهبية بعد أن دعمت داعش وساهمت بالتنكيل بسكان المناطق التي سيطر عليها داعش، وبالتالي فإنّ صوت هذه القوى العراقية أصبح صوتاً خافتاً وحضورها في المعادلة الحكومية بات أضعف من أن يجسّد ويكرّس نفوذاً أميركياً فاعلاً في العراق.
أمام هذا الواقع، هل تقف الولايات المتحدة موقف المتفرّج، وهل تقبل نفوذاً محدوداً في العراق بعد كلّ هذه الكلفة الباهظة نتيجة غزوها للعراق؟
من الواضح أنّ الولايات المتحدة تعمل في ثلاثة اتجاهات استعداداً لمرحلة ما بعد تحرير العراق من داعش.
ـ الاتجاه الأول، الضغط على الحكومة العراقية لتشريع وجود عسكري دائم وكبير، سواء عبر قواعد عسكرية أميركية خاضعة لسيادة الولايات المتحدة على غرار عشرات، بل مئات القواعد الأميركية المنتشرة في الدول التابعة للولايات المتحدة، أو من خلال وجود عسكري كبير ودائم إلى جانب القوات المسلحة العراقية لضمان استمرار نفوذ أميركي على المؤسسة العسكرية العراقية، ومن خلالها على الحكومة العراقية.
ـ الاتجاه الثاني، تحريك قضية انفصال شمال العراق بمبادرة من سلطات إقليم كردستان ومن دون تفاهم مع الحكومة المركزية العراقية. تسعى واشنطن لترسيخ معادلة قائمة على مبادلة قبول وجود أميركي عسكري دائم في العراق، مقابل الضغط على الأكراد للتراجع عن فكرة الانفصال النهائي.
ـ الاتجاه الثالث، إذا فشلت مساعي الاتجاهين الأول والثاني، قد تلجأ الولايات المتحدة إلى تفجير صراع مسلح بين الحكومة العراقية والأكراد على مناطق متنازع عليها واستغلال ذلك ذريعة لمحاصرة الحكومة العراقية والضغط عليها بالتعاون مع تركيا والسعودية لقبول مبدأ التواجد العسكري الأميركي الدائم الذي يكرّس نفوذاً أميركياً قوياً في العراق.
(البناء)