بقلم ناصر قنديل

لبنان الجديد يولد مع شرق جديد عام 2022

ناصر قنديل

رغم أهمية التحفّظات المحقة والجوهرية على الصيغة المشوّهة التي ولد بها أول قانون انتخابي يعتمد النسبية في لبنان، فإنّ أهميته تأتي من أنه لن يكون بمستطاع المجلس الناتج عنه إلا السير إلى الأمام في تحريره من التشوّهات وإكمال الإنجاز بالذهاب إلى صيغة المجلسين، وفقاً لما نصّت عليه المادة 22 من الدستور. فالنسبية والطائفية لا تلتقيان كما قال محقاً النائب وليد جنبلاط، والطائفية مكانها في مجلس الشيوخ المحدود الصلاحيات بطمأنة الطوائف من هواجسها، ومع مجلس خارج القيد الطائفي بوجود مجلس للشيوخ سيكون حكماً سنّ الاقتراع متاحاً لجيل الشباب وستكون الكوتا النسائية وسيكون لبنان دائرة واحدة وقانون جديد للأحزاب، وسيكون الانتخاب متاحاً للاغتراب على المجلس النيابي كلّه وليس فقط لمقاعد بعينها، والسبب بسيط وهو أنّ ما سيكتوي بنار القانون هم مَن صنعوه سيكون كافياً لإسراعهم بالتخلّص منه، لكن طريق العودة للأكثري مسدود ومفضوح، وقد ذاق الشعب طعم النسبية مغمّسة بوحل الطائفية واكتشف كم فيها من نعيم الحرية، فكيف سيمكن خداعه بتمرير ما هو أقلّ من طلب صحنها نقياً نظيفاً على مائدته المقبلة، يكتشف الطباخون أنه خير لهم من هذا القانون.

مجلس العام 2022 سيكون هو عملياً المجلس الأول للنسبية الصحيحة والمجلس المقبل سيكون تمريناً لا يجوز التخاذل عن خوض غمار التمرين معه وعبره لاكتساب الخبرات وتحسين شروط التمثيل ما أمكن، بتغيير يطال اللوائح وإنْ استعصى يفرض على أصحاب اللوائح ضمّ الأكثر قدرة على اكتساب ودّ الناس طالما للصوت التفضيلي سحر الفتنة في اللوائح الموحّدة، بين الحلفاء أو داخل الحزب الواحد، ومجلس العام 2022 سيولد وقد اكتملت ونضجت معادلات العالم الجديد والشرق الأوسط الجديد، حيث الحرب في سورية قد حلّ مكانها سلام الدولة المدنية وقوة الدولة المقاومة، وسيكون لروسيا الكلمة الفصل في الشرق الأوسط وتكون إيران قد تكرّست مرجعاً للإقليم، ودخل الخليج وماله ومَن استقووا به عهد الأفول والتغييرات التي لا مفرّ منها، و«إسرائيل» في ذروة الضعف تحتضر ومقاومة فلسطين يشتدّ عودها. وفي لبنان لا جدال عندها على الخيارات والثوابت من العلاقة المميّزة بسورية تستعيد الألق إلى المقاومة درع لبنان ودرّة تاجه يجمع على معادلتها الذهبية أهل الخشب والذهب، وعندها لا حروب ولا فتن ولا عصبيات والصراع على البرامج والخيارات.

سيُكتب لعهد الرئيس ميشال عون أنه افتتح الطريق، وأن في عهده ولد القانون الجديد والمجلس الجديد، وفي عهده سيولد القانون الأشدّ جدة والمجلس الأمثل تعبيراً، وفي عهده ستنتصر الخيارات الاستراتيجية التي آمن بها وأعلنها وشكلت وستشكّل بوليصة تأمين لبنان. والعبرة هي أن يؤمن مَن يحملون مشروع الرئيس العماد بأنّ لديهم منه رصيداً في الوطنية يحصّنهم بوجه اللجوء لإثارة العصبيات الطائفية ودغدغة الغرائز. فالخطاب القائم على انتصارات طائفية هو في النهاية إعلان هزائم افتراضية لطوائف أخرى. وهذا هو قانون الصراع الطائفي، بينما في الخطاب الوطني ينتصر الوطن بطوائفه كلّها على أعدائه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى