اقتراحات نتنياهو: تسفي برئيل
الكشف عن اقتراح بنيامين نتنياهو حول السماح للمستوطنين الذين يريدون العيش تحت سيادة اسرائيل في مناطق فلسطين المستقلة (براك ربيد وأمير تيفون، “هآرتس″، 12/6)، كان يجب أن يثير انفعال أكثر قليلا. الاقتراح السابق ايضا، الذي هو ملفت أكثر والذي يقول إن المستوطنين في المستوطنات التي لن يتم ضمها لاسرائيل، يمكنهم الاستمرار بالعيش تحت السيادة الفلسطينية، مر ايضا دون أن يترك آثارا. هز الكتف تجاه الاقتراحان يؤكد على أنهما غير منطقيين، لا سيما بسبب حالة الاختناق التي يعيش فيها بنيامين نتنياهو بسبب نفتالي بينيت وشركاءه .
الاعتبارات التي تقف من وراء عدم الاهتمام بهذه الافكار هي العدد الكبير للمستوطنين في المناطق وفي شرقي القدس (نصف مليون تقريبا)، وغياب الشريك الفلسطيني، وجود حكومة لا تريد الحل، جمهور مدني غير مبالي، وضع اقتصادي جيد نسبيا يشوش على الاضرار الاقتصادية للاحتلال والهدوء الامني النسبي – كل ذلك يمنع اطلاق حتى منطاد سياسي في الهواء. من هنا، لا حاجة الى طرح فكرة أو مبادرة، ومن الافضل الانتظار الى أن تقول الادارة الامريكية شيئا، أو لا تقول.
إن الاقتراحين اللذين قدمهما نتنياهو يكشفان عن جوانب مهمة في موقفه السياسي. من يستعد لابقاء اليهود يعيشون تحت السيادة الفلسطينية، لا يمكن أن يكون ايديولوجي متطرف يرى أمامه فقط الحلم المسيحاني. من يعرف أن عليه تقديم اقتراحات سياسية جديدة بسبب ضغط الولايات المتحدة، مرة من براك اوباما ومرة من دونالد ترامب، يعرف ايضا أن الاحتلال لا يمكنه أن يكون أبديا، حتى لو كانت تصريحاته تشير الى عكس ذلك. والاهم من ذلك، هو أن من يكتفي بالكتل الاستيطانية ويبذل الجهود من اجل ايجاد حل للمستوطنات المعزولة التي يعيش فيها أكثر من 40 في المئة من المستوطنين – يعترف بوجود الاحتلال وبالخطأ التاريخي في اقامة هذه المستوطنات.
يمكن الاستمرار في البحث عن نقاط ضوء في هذه الاقتراحات، التي أهمها تبني فكرة الدولة ثنائية القومية في فلسطين وليس بين البحر والنهر، من اجل ابقاء اسرائيل كـ “دولة قومية للشعب اليهودي”. هنا يكمن التغير الحقيقي الذي ينبع من هذه الاقتراحات، التي تعني أنه كجزء من اتفاق السلام على فلسطين أن تكون دولة جميع مواطنيها، يهودا وعربا، من اجل منع تحول اسرائيل الى دولة كهذه. لذلك فان اليمين حتى، الذي يقول إن من حق اليهود العيش في أي دولة في العالم، لا يستطيع أن يعارض.
ولكن كالعادة، المنطق السياسي الذي تستند اليه هذه الاقتراحات لا يأخذ في الحسبان الحلم الفلسطيني. لماذا ستوافق القيادة الفلسطينية على استيعاب 200 ألف يهودي في افضل الاحوال (سكان المستوطنات المعزولة) – حوالي 8 في المئة من السكان العرب في الضفة – في الوقت الذي ترفض فيه اسرائيل استيعاب لاجيء فلسطيني واحد؟ مثلما أن اسرائيل تخاف على هويتها اليهودية، فان فلسطين قلقة من وجود أقلية قومية متآمرة ومتمردة داخل حدودها. ولكن يمكن ايجاد حل ذلك حسب مبدأ التبادلية. 200 ألف يهودي في فلسطين مقابل 200 ألف لاجيء في اسرائيل. وبهذا الشكل يتم ايضا حل مشكلة حق العودة، بعد أن وافق الفلسطينيون على صيغة “الحل العادل المتفق عليه بروح القرار 194″
بقي فقط تحرير نتنياهو من قيود اليمين المتطرف، واعفاء الحكومة من عقاب بينيت وشركاءه واقناع ترامب بالمنطق الذي في الخطة. وهنا بالضبط تكمن الخدعة. قد لا يكون نتنياهو ايديولوجيا، لكنه يعرف كيف يبقى. إن اتفاق سلام الآن يعني عكس البقاء بالنسبة له، وسيرتد اليه بحرب عالمية مع اليمين ولن يحرره من التحقيقات. ولكن من الجيد التفكير للحظة أن هناك طريقا للحل.
هآرتس