«الطوق النظيف» .. مُؤامرة أميركيّة ــ إسرائيليّة لتدمير الجيوش العربيّة وأجهزتها الأمنيّة ماري حدشيتي
كثيرون من القادة والمفكرين والسياسيين العرب والمسلمين والأجانب ناقشوا نظرية المؤامرة التي تتعرض لها الدول العربية منذ مطلع القرن العشرين وما زالت تتعرض. وكثيرون أيضا رفضوا نظرية المؤامرة وأكدوا أن ما يتعرض له الوطن العربي إنما هو صنيع ونتاج العرب أنفسهم أنظمة وشعوباً بعد أن حصلت هذه الأنظمة العربية على حريتها واستقلالها من الإستعمار. وهناك تيار ثالث من المفكرين اتجه إلى الأخذ بحل وسط يرتكز على تضافر جهود الدول العظمى مع القادة العرب للوصول بالشعوب العربية إلى ما وصلت إليه بإعتبار أن هذه الأنظمة هي نتاج الإحتلال والإستعمار الذي قسم العالم العربي إلى دويلات وممالك وجمهوريات واخترعوا لها التسميات من إمارات وملكيات وجمهوريات بعضها ثوري وبعضها رجعي وبعضها ليس لها لون أو رائحة. ولكن كل الأنظمة العربية تصف نفسها دائما بأنها ديمقراطية .
هكذا وصفت مرجعية في شؤون سياسة الشرق الاوسط والتي تطرقت إلى بعض الوثائق السرية التي وضعتها الدول الغربية والإتفاقات التي توصلت إليها في مطلع القرن العشرين وتدرجت في استعراض بعض مراحل التاريخ العربي الحديث حتى نصل إلى المرحلة الراهنة التي صنفها سياسيو الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة بأنها مرحلة «الربيع العربي» والفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد. ولقد وسمها أقطاب الإستراتيجية العظمى شرقا وغربا وعلى رأسهم الولايات المتحدة بأنها مرحلة حروب الجيل الرابع والتي ابتدأت فعليا في لبنان عام 2005 وتونس والسودان وليبيا واليمن ومصر، ولكن الدول التي انصب عليها الإهتمام وتم التركيز عليها من أجل تحطيم جيوشها وأجهزتها الأمنية وتدمير أنظمة الحكم فيها في وثيقة «الطوق النظيف» التي تم التوصل إليها بين الولايات المتحدة وإسرائيل وكان عرابها نائب الرئيس الأميركي السابق ديك شيني ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل تحطيم وتدمير الجيوش العربية في سوريا والعراق ومصر وهي الجيوش التي شاركت في كل الحروب العربية الإسرائيلية بدءا من حرب 1948.
وتتابع المرجعية، لا شك بأن هناك وثائق واتفاقات سرية في غاية الأهمية أثرت في مسيرة العالم العربي طوال القرن الماضي وساهمت في نحت صفحاته عبر أحداث وحروب استنفذت الثروات العربية والإنسان العربي. واهم هذه الوثائق وهي المؤتمر الصهيوني الأول ووثيقة كامبل بنرمان ووثيقة برنارد لويس هي من أخطر الوثائق التي تؤكد بما لايقبل الشك تآمر الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية على الدول العربية ، المؤتمر الصهيوني الأول لقد تم عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية عام 1897 بمشاركة كافة ممثلي الجاليات اليهودية في العالم من أجل إنشاء وطن قومي لليهود بزعامة ثيودور هيرتزل وتم اتخاذ قرارات عدة :
– المخطط الأول وثيقة كامبل بنرمان :
في عام 1905 دعا حزب المحافظين البريطاني كلا من فرنسا وهولندا وبلجيكا واسبانيا وإيطاليا عام 1905 إلى عقد مؤتمر سري بحضور ديفد ولفسون رئيس المنظمة الصهيونية العالمية بعد وفاة ثيودور هيرتزل استمرت مناقشاته لمدة عامين وتم التوصل في نهاية المؤتمر إلى وثيقة سرية عرفت بوثيقة كامبل نسبة الى رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت هنري كامبل بنرمان. ولقد توصل المجتمعون الى نتيجة مفادها إن البحر الأبيض المتوسط هو الشريان الحيوي للإستعمار لأنه الجسر الذي يصل الشرق بالغرب والممر الطبيعي إلى القارتين الآسيوية والإفريقية وملتقى طرق العالم وأيضا هو مهد الأديان والحضارات. والإشكالية في هذا الشريان أنه يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين وإن أبرز ما جاء في توصيات هذا المؤتمر ما يلي الإبقاء على شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة ومتأخرة وعلى هذا الأساس فلقد وافق المشاركون في المؤتمر بتقسيم دول العالم إلى ثلاث فئات :
– الفئة الأولى : دول الحضارة الغربية المسيحية « دول أوروبا وأمريكا الشمالية وأوستراليا» والواجب تجاه هذه الدول هو دعمها ماديا وتقنيا لتصل إلى أعلى مستوى من التقدم والإزدهار.
– الفئة الثانية : دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية ولكن لا يوجد تصادم حضاري معها ولا تشكل تهديدا عليها كدول أميركا الجنوبية واليابان وكوريا وغيرها والواجب تجاه هذه الدول هو إحتواؤها.
– الفئة الثالثة : دول لا تقع ضمن الحضارة الغربية المسيحية ويوجد تصادم حضاري معها وتشكل تهديدا للدول العربية بشكل خاص والإسلامية بشكل عام، والواجب تجاه هذه الدول هو حرمانها من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية وعدم دعمها في هذا المجال ومحاربة أي إتجاه من هذه الدول لإمتلاك العلوم التقنية.
وتشير المرجعية، لتحقيق هذا الهدف دعا المؤتمر إلى إقامة دولة في فلسطين تكون بمثابة حاجز بشري قوي وغريب ومعادي يفصل الجزء الإفريقي من هذه المنطقة عن الجزء الأسيوي والذي يحول دون تحقيق وحدة هذه الشعوب ألا وهي دولة إسرائيل واعتبار قناة السويس قوة صديقة للتدخل الأجنبي وأداة معادية لسكان المنطقة. ولقد تم عرض الكثير من البحوث والدراسات ولكن الكثير منها لم يتم الكشف عنه. ولعل عامل اكتشاف النفط وظهور منافس قوي فوق الساحة الدولية ألا وهو الولايات المتحدة قد سرع في تنفيذ مقررات هذا المؤتمر من أجل السيطرة على هذه الثروة واحتلال العالم العربي وتقسيمه فنجم عن هذا المخطط «مخطط كامبل»، اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 ووعد بلفور عام 1917 ومؤتمر فرساي عام 1919 ومؤتمر سان ريمو عام 1920 ومؤتمر سيفر عام 1920 ومؤتمر سان ريمو عام 1923 وتم تتويجه بقرار الأمم المتحدة الظالم رقم 181 بتاريخ 29/11/1947 القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وإلغاء السيادة العربية على القدس وتبعه بتاريخ 15/5/1948 وثيقة إعلان دولة إسرائيل وبتاريخ 11/5/1949 تبوأت إسرائيل مقعدها في الأمم المتحدة بصفتها العضو 59 في المنظمة الدولية.
– المخطط الثاني : وثيقة برنار لويس الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية.
وتذكر المرجعية انه في عام 1980 وإبان الحرب العراقية الإيرانية صرح مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي زبغنيو بريجنسكي بقوله، إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران تستطيع أميركا من خلالها تصحيح حدود اتفاقية سايكس بيكو. وتفاصيل المشروع الصهيوـ أميركي لتفتيت العالم الإسلامي والعربي لبيرنارد لويس كالاتي، تقسيم لبنان الى ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية، دويلة سنية في الشمال وعاصمتها طرابلس، دويلة مارونية شمالا وعاصمتها جونيه، دويلة سهل البقاع العلوية عاصمتها بعلبك خاضعة للنفوذ السوري، بيروت الدولية، كانتون فلسطيني حول صيدا وحتى نهر الليطاني، كانتون كتائبي في الجنوب والتي تشمل مسيحيين واكثر من نصف مليون من الشيعة، دويلة درزية في أجزاء من الأراضي اللبنانية والسورية والفلسطينية المحتلة، كانتون مسيحي تحت النفوذ الإسرائيلي.. اما سوريا يتم تقسيمها الى أقاليم متمايزة عرقيا أو دينياً أو مذهبياً الى أربع دويلات، دولة علوية شيعية دولة سنية حول حلب دولة سنية حول دمشق دولة الدروز في الجولان ولبنان.ومصر يتم تقسيمها الى أربع دويلات و السودان تقسم الى أربع ولايات، تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب وتونس بهدف إقامة دولة الأمازيغ على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان وتقسيم دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا الى أقسام متناحرة بعضها شمالي جنوبي وبعضها شرقي وغربي كما يحدث في ليبيا الآن، وفي شبه الجزيرة العربية سيتم إلغاء السعودية والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة العربية ثلاث دول فقط دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين والجزء الشرقي للمملكة السعودية وتصفية الأردن ونقل السلطة للفلسطينيين وابتلاع فلسطين بالكامل وهدم مقوماتها وتشريد شعبها، إزالة الكيان الدستوري الحالي للدولة اليمنية بشطريها واعتبار مجمل أراضيها جزءاً من دولة الحجاز، إيران وباكستان وأفغانستان يتم تقسيمها الى عشرة كانتونات عرقية ضعيفة و انتزاع جزء من تركيا وضمه للدولة الكردية المزمع إقامتها في العراق.
(الديار)