“سر الصمود” يصنع الانتصار
غالب قنديل
في مقابلة مع قناة “ويون تي في” الهندية، لخص الرئيس بشار الأسد معادلة الصمود السوري في وجه أعتى عدوان استعماري دولي حشد له حلف صهيوني تركي رجعي عربي شاركت فيه عشرات الحكومات التابعة للاستعمار الغربي والهيمنة الأميركية من القارات الخمس ودفعت في أتونه فصائل إرهاب وتكفير وجيوش مرتزقة بعشرات الآلاف من ثمانين دولة في العالم.
أولا قال الرئيس الأسد ردا على سؤال : “هذه ليست معركتي، وأنا لا أُحارب من أجل منصبي. إني لا أكترث للمنصب. ما يعنيني هو الدعم الشعبي. بالنسبة لنا كسوريين، هذه حرب وطنية، والجميع يحارب من أجل بلده وليس من أجل الرئيس. هذا هو السر ربما والذي لم يكتشفه الغرب. لقد كانوا سطحيين جداً في تحليل الوضع في سوريا. في الواقع، هذا ليس سراً، بل إنه شيء لم يتمكنوا من رؤيته.”
لم يتمكن حلف العدوان بسبب طبيعته الاستعمارية من رؤية هذا البعد رغم ما لديه من أدوات استطلاع الرأي ومن مجسات استخباراتية حشدت إلى سورية من تركيا وكيان العدو الصهيوني ومن لبنان والأردن والسعودية وقطر تحت أقنعة مختلفة إعلامية وسياسية وبحثية ورغم ما أنشاته فرنسا بالذات بواسطة عملاء لبنانيين وسوريين من منصات للتقويم المستمر لفرص تدمير الدولة الوطنية السورية وإخضاعها من خلال اختراقات خطيرة احدثتها في المجتمع والدولة خلال فترة “الوهم الأوروبي” التي تناولها الرئيس الأسد بجرأة ووضوح.
الاستعمار الغربي لم يكتشف ذلك السر في جميع حروبه الفاشلة وذاق الهزائم المنكرة في الصين وفيتنام وكوبا ونيكاراغوا وهو لم يكتشف السر نفسه في حرب السويس والعدوان الثلاثي ولا في حرب الجزائر او في حرب تموز ضد المقاومة اللبنانية عام 2006 بل إن ذلك السر أي الدعم الشعبي هو ما يفسر صمود الدولة الوطنية السورية في العقود الثلاثة التي اعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي عندما كان “الخبراء ” الأميركيون يخططون لإخضاع سورية العاصية على مشيئتهم.
ثانيا الدعم الشعبي للرئيس بشارالأسد له العديد من المصادر والموارد والسر السوري الحقيقي يكمن في انه دعم تزايد وتضاعف بالتناسب مع ازدياد التكالب والسعار الاستعماري الرجعي ضد الرئيس والدولة الوطنية التي بات رمزا لصمودها الأسطوري وصلابتها ضد العدوان.
تكفل سلوك الرئيس وخطابه السياسي بتفكيك الكثير من خرافات الدعاية الاستعمارية وكانت له مبادرات كثيرة ردت جموعا سورية مهمشة ومضللة إلى “حضن الوطن ” وفقا للتعبير السوري الدارج وليس المقصود فحسب نهج العفو ومبادرات المصالحة الشعبية التي كان القائد الأسد صانعها بلا منازع لتفكيك معسكر العدوان ولإخراج المضللين من معسكر العملاء.
بل إن هذا الرئيس تصرف كزعيم شعبي يقود معركة الدفاع عن استقلال سورية وعن وجودها كدولة قوية وفاعلة في وجه حلف استعماري صهيوني رجعي يعرفه تاريخيا جميع السوريين وقد ساهم الرئيس الأسد في فضح منصات التضليل الإعلامي وتفكيك البيئة الافتراضية التي شكلت اخطر ادوات العدوان كما اظهر مرونة عالية في الاستعداد لاستيعاب التائبين من السوريين وتحديد أولويات الحوار الوطني بوحدة الجهود لمقاتلة الإرهاب وحماية استقلال سورية .
ثالثا توسع الدعم الشعبي للرئيس وللدولة الوطنية مع اكتشاف أعداد متزايدة من المضللين حقيقة الوليمة الدموية التي تورطوا فيها لإحراق بلدهم وتدمير صروح الحياة والنمو فيه ومع اكتشاف ملايين النازحين داخل سورية وخارجها لنعمة ما كانوا فيه من امان ورخاء في ظل دولتهم وجيشهم وصحة ما يمثله رئيسهم في مسيرة استعادة العافية السورية .
انطلق الرئيس الأسد في مقاومة العدوان من حقيقة رسخها في الوجدان السوري منذ انتخابه وهي كونه صاحب مشروع لتحديث الدولة ولتطويرها وبالقدر نفسه أثبت قدرة عالية وصلابة نادرة في التمسك بالاستقلال ورفض الخطط الاستعمارية وكان ذلك منذ غزو العراق الذي كان وحيدا في فضحه والتصدي له من بين جميع رؤساء الدول في العالم ومن ثم في لقائه بكولن باول ورفضه الإذعان لشروط الغزاة الأميركيين ثم في احتضانه النوعي والحاسم للمقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني وفي رفضه الصريح الذي فضح الفخ القطري التركي الفرنسي الصهيوني الذي سبق العدوان ومهد له بكل خبث وغدر.
رابعا راكم الرئيس بشار الأسد رصيده الشعبي بالخيارات الصلبة والصعبة التي تبدت عكس التيار الأميركي الجارف لكنها أثبتت صوابها بالتجربة فزادت من حجم التأييد والدعم للدولة الوطنية المقاومة وحين يصف الرئيس الأسد ما يجري بانه حرب وطنية دفاعا عن الاستقلال والسيادة فهو يعبر عن جميع السوريات والسوريين الذين يقفون بقوة خلف جيشهم الوطني ودولتهم الوطنية ويتطلعون صوب رئيسهم لصنع مستقبل سوري أفضل بعدما اكتشف المخدوعون منهم وبال الوعود الكاذبة وأكاذيب حلف العدوان وخبث ادواته التكفيرية الإرهابية الأخوانية والليبرالية العميلة ومدى ارتباطها بالكيان الصهيوني وبالرجعية العربية الخصم القديم لسورية العربية الصامدة.
الدعم الشعبي هو البوصلة التي قررت وجهة الحروب الوطنية الكبرى التي خاضتها شعوب كثيرة من اجل الاستقلال والتقدم وهكذا سيكون المآل في سورية العربية المقاومة والرئيس بشار الأسد هو اليوم في مكانة من التاريخ تؤهله لقيادة سورية إلى النصر الكبير في مسيرة وطنية تجذب إليها المزيد من السوريين كما تبين الوقائع الكثيرة المصاحبة لتوسع سيطرة الجيش العربي السوري وحلفائه في الميدان وتصدع حلف العدوان الاستعماري وضمور قوى الإرهاب والعمالة في الجغرافية السورية ومع الكثير من التعقيدات يبقى الخط البياني للأحداث مؤشرا حاسما على وجهة انتصار يقترب أجله مع المزيد من الصبر والتضحيات والتصميم الوطني على صنع الإنجاز التاريخي الكبير الذي سيكون انعطافا دوليا وإقليميا غير مسبوق .