ترامب “المُفجِّر”: عوزي برعام
للوهلة الاولى يبدو أن طلب دان شبيرو من الحكومة، سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، بأن لا ترد سلبا على الرئيس دونالد ترامب، يبدو منطقيا. بالتأكيد من ناحية تكتيكية ليس من الصحيح قول «لا» لترامب. والسؤال هو هل توجد أهمية جوهرية لقرار ما هي الاجابة التي سيتم الرد بها على ترامب، على ضوء شخصية الرئيس الأمريكي .
هناك من سيقولون هذا هو الموجود ويجب العمل معه. هذه العملة الكلامية تشكل مبررا للتسليم بمظاهر مثل تعيين أيوب قره وزيرا للاتصالات، وقوانين الليكود وغير ذلك. هذه الاقوال تعفي اصحابها من مسؤولية اصلاح الوضع. دونالد ترامب هو مُفجر خطير لبلاده وللعالم الحر ولنا ايضا. صحيح أن أوباما تعامل بشكل سلبي مع ادارة الازمات، لكن يجب عدم مقارنة ترامب مع أي رئيس أمريكي سابق، بما في ذلك بوش ونكسون.
لقد احتلت شخصية سطحية وشعبوية الولايات المتحدة، حيث أن تعطشها للحميمية يدفعها إلى البحث عن تحقيق الاحتياجات الفورية. لا توجد لترامب نظرية خاصة، كل افكاره تقريبا هي افكار سلبية، برنامجه السياسي هو تعظيم إسمه ـ بطريقة ستكون مضحكة حتى لو كان الحديث يدور عن مهرج في السيرك. مثلا أعلن عندما عاد من اوروبا: «نجاح كبير… نتائج رائعة». هل سمعنا في السابق زعيم دولة ديمقراطية يتحدث كل الوقت عن نفسه وعن انجازاته وعظمته؟.
إن شخصية ترامب المضعضعة، رغم ذلك، ليست المشكلة الرئيسية. فالمشكلة الرئيسية هي حقيقة أنه بسبب عدم وجود نظرية واعتماده فقط على الشعارات ـ فانه يرضع اقواله وقراره من الجن الأمريكي الأكثر انفعالية: «حفل الشاي» ورغبته في التراجع عن اتفاق المناخ، الذي وقعت عليه اغلبية دول العالم، وهذا ينبع من موقف ايديولوجي يقول إنه لا يجب التدخل في قرارات الخالق. والنتيجة هي أن الولايات المتحدة تدير ظهرها لاتفاق يسعى إلى انقاذ الكرة الارضية.
طموح ترامب ايضا لتقليص تدخل دولته في حياة مواطنيها ومسؤوليتها عنهم لأن مصير كل انسان بيده، هو طموح ينبع من نفس الايديولوجيا، والنتيجة هي أنه يسعى إلى تقليص الميزانية التي تقدمها الولايات المتحدة للمعركة ضد مرض الايدز ويتحفظ من جهود تقليص الفجوات بين المواطنين الأمريكيين من أصول مختلفة. وإذا كان بالامكان اعادة المجتمع الأمريكي إلى فترة ما قبل الأخوين كنيدي، لكان ترامب سيكون مسرورا.
لكن ما صلة ذلك بنا؟ حتى رؤساء اليسار في إسرائيل، الذين التقوا مع طواقم ترامب قالوا إن الحديث يدور عن مبادرة جدية. اسمحوا لي بأن أكون قليل الايمان. شخصية أحادية الجانب بهذا القدر، لا تعرف تفاصيل حياة الفلسطينيين والإسرائيليين، تقوم بتوبيخ محمود عباس بسبب التحريض ولا تقوم بانتقاد نتنياهو بسبب الاحتلال والقمع، لا يمكنها أيجاد الحل.
إن موقف ترامب سيعرض التحالف السني للخطر ايضا. يصعب الافتراض أن الرئيس المصري سيسمح لنفسه بتأييد رئيس ينحاز للصهيونية.
ولو كان ترامب يرغب في المساعدة في حل الصراع، لكان يجب عليه تعلم وفهم ظروف ميدان المعركة، وعدم الافتراض بأنه من خلال الملقط يستطيع التوصل إلى اتفاق فيه اشكالية للطرفين.
دان شبيرو يطلب من الشرق الاوسط كله أن يتبنى صيغة ترامب قبل أن تسحق الفضائح في واشنطن قوته. ولكن إذا اعترفنا بالحقيقة فان صيغة السعودية سبقت صيغة دونالد ترامب، وما زالت تتنفس. نتنياهو هو الذي يجب عليه الاختيار بينها وبين نفتالي بينيت، وهو الذي قرر رفض أو تأجيل الحسم وفضل تعيين أيوب قره وزيرا للاتصالات.
هآرتس