مقالات مختارة

ما الذي يجعل زعماء عرب براغماتيين: موشيه آرنس

 

من هم الزعماء العرب البراغماتيين، الذين تم تعليق الآمال الكبيرة عليهم مؤخرا، أن يشكلوا جبهة موحدة ضد الارهاب ويساعدوا على حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني؟ .

أحد علامات التعرف عليهم هي الاعتدال الذي طرأ على عدائهم التاريخي لاسرائيل. لقد استمعوا جيدا لترجمة خطاب دونالد ترامب في الرياض في الاسبوع الماضي، الذي طلب منهم انشاء جبهة موحدة ضد الارهاب، وطرد الارهابيين من اوساطهم. الحديث يدور عن ديكتاتوريين قلقين من الخطر الذي يحدق بهما بسبب تأثير ايران المتزايد والارهاب الذي تدعمه. إن خطر البقاء، كما يبدو، يزيد من صفاء الذهن. ويبدو أن الصراع الفلسطيني ثانوي بالنسبة لهم، مقابل سعيهم الى ضمان بقائهم، مثلا من خلال البحث عن حلفاء محتملين، مثل اسرائيل التي لها تجربة في الصراع ضد الارهاب، والتي تتعرض ايضا للتهديد من ايران، ويمكن أن تكون هذا الحليف.

زعماء مصر والاردن والسعودية ودول الخليج يشعرون بهذا التهديد. الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يدير صراع يومي ضد الارهابيين الذين يريدون ضعضعة حكمه. فهو ليس فقط مستعدا للحصول على مساعدة اسرائيل، بل هو بحاجة الى مساعدتها. التعاون العسكري والاستخباري بين مصر واسرائيل لم يسبق له أن كان وثيقا بهذا القدر. فهو أهم حسب رأي السيسي، من الضريبة الكلامية التي يدفعها من اجل الفلسطينيين.

عبد الله، ملك الاردن، يواجه خطر مشابه. وهو متحمس للتعاون مع اسرائيل في مواجهة هذا التهديد، مع اصدار تصريحات التأييد للصراع الفلسطيني. وزعماء السعودية الذين يخشون من حصول ايران على السلاح النووي، وهم قلقون من ثورة الحوثيين في اليمن بمساعدة ايران، يعتبرون أن اسرائيل المهددة من ايران ايضا، يمكن أن تكون حليفا محتملا.

عند وجود خطر وجودي، فانه يصبح أهم من تأييد الصراع الفلسطيني. فهل هذا يحولهم الى زعماء براغماتيين أو زعماء أكثر اعتدالا؟ الجواب هو لا. فهم ببساطة يعطون الأولوية لمصالحهم الآنية، أي بقائهم.

كيف يندمج الفلسطينيون في الشرق الاوسط المتغير؟ من الواضح أنه اذا تم حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني فسيكون الأمر أكثر سهولة على الجميع. ولكن في الظروف الأكثر راحة، هناك حاجة الى وقت طويل من اجل حدوث ذلك. وفي هذه الاثناء البرابرة موجودون على الباب.

وماذا عن دور القادة الفلسطينيين “البراغماتيين” في حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني؟ يبدو هذا جيدا للوهلة الاولى، لكن ليس من المتوقع حدوث ذلك. يبدو أنهم يؤيدون موقف ترامب، الذي يعتبر أن حزب الله وحماس منظمتان ارهابيتان. وهو يزعم أنهما تعملان من اجل الصراع الفلسطيني. إن الطلب من الفلسطينيين نبذ الارهابيين الذين يعملون في اوساطهم يشبه طلب التخلص من أنفسهم. هم الذين أحضروا للعالم النسخة الحديثة من الارهاب: قتل المدنيين بدون تمييز، اختطاف الطائرات وتفجيرها، قتل الرياضيين الاسرائيليين، تفجير المطاعم. فهل يمكن اعتبارهم حلفاء في الصراع ضد الارهاب، في الوقت الذي ينظرون فيه الى الارهابيين على أنهم أبطال ويقومون بمكافأة عائلاتهم؟.

هناك فلسطينيون، مثل محمود عباس، فهموا منذ زمن أن الارهاب قد أضر بالنضال الفلسطيني، وأن موجة الارهاب في الانتفاضة الثانية التي قتل فيها أكثر من ألف اسرائيلي، هي التي أدت الى وجود السيطرة الاسرائيلية العسكرية في الضفة الغربية. ولكن التنديد بالارهاب يجب أن يكون جزء من التعليم الذي يحصل عليه الشباب الفلسطينيين. ومحمود عباس لم ينجح في تحقيق هذا الهدف، ويبدو أنه غير قادر على أن يكون شريكا في الحرب ضد الارهاب. ويصعب القول إن الزعماء العرب “البراغماتيين” يمكنهم تجنيده في التحالف ضد الارهاب.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى