الهجوم الإرهابي في بريطانيا: هل يتعظ الغرب؟ حميدي العبدالله
في كلّ مرة يقع فيها هجوم إرهابي، مثل هجوم مانشستر، يستهدف الدول الغربية، ترتفع الآمال بيقظة حكام الغرب ومراجعة سياستهم، إنْ لجهة الاستثمار بالإرهاب، أو لجهة السعي لهزّ استقرار الكثير من الدول التي ترفض حكوماتها قبول علاقات التبعية .
لكن على الرغم من التحذيرات المتتالية منذ أكثر من ثلاثة عقود، إلا أنّ الحكومات الغربية استمرّت في سياستها هذه، وحتى هجمات 11 أيلول 2001 وخسائرها البشرية والهائلة لم تدفع الولايات المتحدة والحكومات الغربية لمراجعة هذه السياسة.
اعترفت الحكومات الغربية، وتحديداً الإدارات الأميركية بأنّ الإرهاب يشكل تهديداً، ولكنها لم تراجع سياستها على هذا الصعيد، بدليل الاعتراف بأنّ الولايات المتحدة وحلفاءها هم الذين ساهموا في ولادة داعش ومساعدتها على امتلاك كلّ هذه القوة، وحدث ذلك بعد هجمات 11 أيلول المروعة وهجمات أخرى في بريطانيا وأسبانيا.
لكن ما الذي يدفع الحكومات الغربية وفي مقدّمتها الإدارة الأميركية للاستمرار بسياسة الاستثمار في الإرهاب على الرغم من كلّ هذه الهجمات؟
لا شكّ أنّ الحكومات الغربية لا تزال على قناعة بأنّ منافعها جراء دعمها للإرهاب أكبر من خسائرها، ولهذا فإنّ ميزان الربح والخسارة يدفعها لمواصلة سياسة دعم الإرهاب والاستثمار فيه، ورفض أيّ مساعي جدية للقضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه، وتجريم الحكومات التي تقدّم الدعم له وهي حكومات حليفة للدول الغربية.
في تقييم الغرب أنّ الهجمات التي شنّها الإرهاب في أنحاء مختلفة من العالم، بما في ذلك هجمات 11 أيلول لا تقارن بما حققته عن طريق الإرهاب، وتحديداً استنزاف الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، الذي شكل أحد العوامل في تفكك الاتحاد السوفياتي.
كما أنّ دعم داعش وتمدّده في العراق هو الذي أعاد القوات الأميركية إلى العراق بعد أن طلبت الحكومة العراقية خروج هذه القوات من العراق عام 2011، كما أنّ التعاون مع الإرهاب وتقديم الدعم له هو الذي استنزف قوات عسكرية كبيرة في سورية وجعلت منظومة المقاومة بكاملها في وضع دفاعي بعد أن كانت في وضع هجومي، لا سيما بعد عدوان «إسرائيل» على لبنان عام 2006.
وطالما حسابات الحكومات الغربية تقود إلى مثل هذه النتائج، فلن تقوم الحكومات الغربية بإعادة النظر بسياستها القائمة على دعم الإرهاب.
(البناء)