تسريب ترامب للروس محاولة لتقزيم الضرر: اليكس فيشمان
أراد وزير الدفاع ان يغطي شيئا ما ولكنه كشف اشياء. اراد ان يهديء فخلف وراءه علامة استفهام مطلقة. فقد أعلن ليبرمان امس بان العلاقات الاستخبارية بين اسرائيل والولايات المتحدة لم تتضرر في ضوء ما نشر عن مادة استخبارية اسرائيلية حساسة تسربت من الرئيس الامريكي الى الروس. غير أن احدا لم يتحدث عن ازمة في العلاقات الاستخبارية بين الدولتين كنتيجة لثرثرة ترامب. فاسرائيل بحاجة للاستخبارات الامريكية اكثر مما هي الاستخبارات الامريكية بحاجة اليه. المشكلة هي في ما لم يرد في بيان وزير الدفاع .
لم ينفِ ليبرمان المنشورات، سواء بالنسبة للمعلومات التي نقلت الى الروس ام بالنسبة لحقيقة ان اسرائيل هي مصدر المعلومات. فضلا عن ذلك، لم يتناول المنشورات عن الضرر الهائل الذي تسبب به التسريب. فلا يدور الحديث عن ضرر يمكن المرور عنه مرور الكرام. كقاعدة، دون تناول هذه القضية، عندما تسربت معلومات من دولة الى اخرى، في المكان الذي يوجد فيه تعاون دولي، معقول ان من شأن ذلك أن يلحق ضررا لاكثر من دولة واحدة.
تشكل وسائل الاعلام في الولايات المتحدة اطارا لمحافل في أجهزة الاستخبارات الامريكية قررت، على ما يبدو، تصفية ترامب سياسيا. فلا يكفي أنها تعرض الرئيس كخطير على امن الوطن – مثابة عميل روسي تقريبا – للتشهير به أكثر فأكثر، تكشف معلومات حساسة وتلحق ضررا لا مرد له. ان عرض اسرائيل مثلا كمصدر للمعلومات التي سربت للروس، استهدفت عرض ترامب كسخيف لا يعرف كيف يميز بين المعلومة والمعلومة وكمن يعرض للخطر الحليف الاهم. قصة كهذه، اذا كانت صحيحة، تضع اسرائيل في جبهة مباشرة مع داعش.
ان الضرر الذي ربما الحقه ترامب من شأنه أن يستمر سنوات طويلة، إذ يكون احيانا مطلوب سنوات حتى تخلق قدرة وصول الى معلومات معينة ولاصلاح الضرر الذي لحق بهذه القدرة تحتاج احيانا لسنوات اخرى. ذات المحافل التي سربت القصة للصحافة الامريكية فهمت جيدا مدى الضرر.
يحتمل جدا ألا تكون المعلومات التي نقلها ترامب للروس دراماتيكيا. فلو كانت تقدم بشكل مهني، لما كان وقع ضرر. ولكن يمكن التخمين بان الشكل الذي قدمت فيه المعلومات للروس تكشف لهم الطريقة التي تم الحصول عليها، وهذا الكشف امام شريك روسي له مصالح مختلفة من شأنه ان يصفي قناة استخبارية مميزة.
اسرائيل، كما نشر، هي عضو مراقب في المحفل الاكثر حميمية للاستخبارات الامريكية، حيث تشارك خمس دول: كندا، نيوزيلندا، استراليا، بريطانيا والولايات المتحدة. في هذه المجموعة يوجد تعاون كامل واتفاقات موقعة على كل من يعنى بنقل وتبادل المعلومات. وقد كسبت اسرائيل مكانها كمراقب في هذه المجموعة المغلقة استقامة. بين اسرائيل والولايات المتحدة توجد اتفاقات مفصلة في مواضيع الاستخبارات. ليس بين اسرائيل وروسيا اتفاقات كهذه. وتسريب مادة تعود لهذه الدول هو خيانة للثقة. فقد عربد الامريكيون مع قضية بولارد ولم يغفروا لاسرائيل بيع معلومة تكنولوجية للصين. ما فعله ترامب لا يقل من حيث خطورته.
اضافة الى ذلك، فان اسرائيل ودول اخرى تتعاون مع دول اوروبية مختلفة في مجال مكافحة الارهاب. وعندما يكشف الفرنسيون مثلا خلية لداعش ويمنعون عملية في ملعب رياضي، فان المعلومات لا تأتي بالضرورة من فرنسا. وعندما يقبض الالمان على خلية لداعش على اراضيهم، هناك احتمال ان يكونوا تلقوا اخطارا من استخبارات صديقة أجنبية. يحتمل ان يقضي تسريب ترامب للروس ايضا على نجاح الانظمة في اوروبا للسيطرة على خلايا داعش في اراضيها.
لا شك أن موظفين كبار في الاستخبارات الامريكية يحاولون اليوم في موسكو اصلاح الاضرار التي الحقها رئيسهم. ورغم بيانه، لا ينوي بوتين الكشف عن محضر المحادثات بين ترامب ووزير خارجيته، وحتى لو فعل ذلك فهذه لن تكون المحاضر الكاملة. قيم له حماية ترامب. فأين يمكن له أن يجد خصما غبيا كهذا؟
يديعوت