إسرائيل تستنفر على «الجبهة الشمالية» يحيى دبوق
ايام مرت على الاعتداء في القنيطرة، تقلبت خلالها المقاربة الاسرائيلية: فرح بانجاز تكتيكي انقلب عبئاً استراتيجياً، وترقب تحوّل ذعراً. وبعدما اخفقت محاولة التخفيف من الاضرار، عادت تل ابيب لتعمل على استرداد الهيبة
إلى أن ينفذ حزب الله رده على اعتداء القنيطرة، سيتواصل التوتر والذعر في «الشمال». هذا ما خلصت اليه المقاربة الاسرائيلية التي توقعت ان يمتد التوتر اياماً طويلة، الى ان يستقر حزب الله على واحد من خياراته المتعددة، ومن بينها الحدود مع لبنان او سوريا، او موقع استراتيجي بحري، او استهداف مصالح اسرائيلية في الخارج.
جديد أمس، تأكيد الاعلام العبري أن من قرر الهجوم في القنيطرة وقاده، كان يعلم بأن الجنرال الايراني محمد علي الله داد موجود في الموكب المستهدف. وأشارت صحيفة «هآرتس» الى ان كلام «المصدر الامني الاسرائيلي الرفيع» لوكالة «رويترز»، قبل يومين، لم يكن موثوقاً به، وان المؤسسة الامنية اكدت في حينه انه صدر عن جهة غير مخولة.
وامتدت امس حالة الذعر الى مستوطنات الجولان المحتل، اذ أغلق جيش العدو الطرق ونصب حواجز وانتشر جنوده في مواقع جرى استحداثها. وذكرت الاذاعة العبرية ان الجيش قرر تعزيز قواته اليوم على الحدود الشمالية مع لبنان وسوريا، مشيرة الى استدعاء وحدات الاستنفار الى التجمعات السكنية المحاذية للحدود، والى نصب حواجز في شمال الجولان واغلاق طرق.
وأشارت وسائل الاعلام الى ان الحركة النشطة للآليات وناقلات الجند في المنطقة الشمالية تأتي ضمن التدابير الوقائية الدفاعية وضرورة تعزيز حضور الوحدات العسكرية داخل المستوطنات ربطاً بالتوتر الاخير مع لبنان، الا ان المراسلين العسكريين اكدوا، في المقابل، ان كل ذلك يعني ان هناك انذارات محددة حول عمليات تسلل قد تشهدها المنطقة من الجانب اللبناني.
وفي حديث مع الاذاعة العسكرية، اكد رئيس مجلس اتحاد بلديات «ميروم الجليل» لمستوطنات القطاع الاوسط من الحدود، عميت سوفير، ان المستوطنين قلقون جداً من التوتر الذي يسود الحدود، مشيرا الى ان ما تشهده المنطقة من حركة نشطة للاليات العسكرية غير مسبوق منذ عام 2006.
كما عادت «فوبيا الانفاق الهجومية لحزب الله» لتسيطر على مستوطني الشمال. ففي تقرير بثته القناة العاشرة من المستوطنات، اشارت الى ان تهديد الانفاق عاد الى التداول، ويثير حالة خوف وتوتر من امكان خروج عناصر من حزب الله من داخل نفق ما للانقضاض على المستوطنات. وأشارت القناة الى ان شبكات التواصل الاجتماعي تشارك المستوطنين خشيتهم، اذ يتداول المستوطنون في ما بينهم شريطا مصورا من احد منازل مستوطنة زرعيت لـ»مغسلة» تسمع من انبوبها اصوات حفر من تحت الارض. وبحسب سكان المنزل، فإن الصوت يشير الى نفق محفور من داخل قرية مروحين اللبنانية وصولا الى داخل المستوطنة، وقال هؤلاء للمراسل: «لا توجد هنا قوات تأمين وحماية، وجيراننا من الشمال (لبنان) سينفذون مكائدهم، ويباغتون السكان في المستوطنة».
الى ذلك، واصلت وسائل الاعلام العبرية ترقب الرد الموعود وحجمه ومكانه. وذكر كبير معلقي الشؤون العسكرية في «يديعوت احرونوت»، اليكس فيشمان، ان التقدير السائد لدى المؤسسة العسكرية يرى أن الرد سيوجّه تحديدا الى العسكريين دون المدنيين، و»سيوجهون عملية الرد الى عناصر الجيش لتدفيع اسرائيل ثمناً مؤلماً، الامر الذي يحقق لهم (حزب الله)، العقاب المنشود والانتقام والردع». وكشف ان الفرضية العملية لدى المؤسسة الامنية ترى ان العدو يبحث عن مكان تجمع الجنود: مثل موقع او ثكنة او قافلة، وربما «تفعيل خلايا نائمة تابعة لحزب الله في وسط اسرائيل، اذ ان التجربة تشير الى ان لديه خلايا كهذه داخل الخط الاخضر، يمكنه تحريكها لتنفيذ عمليات في العمق الاسرائيلي».
واشار معلق الشؤون العسكرية في القناة العاشرة الى ان التقدير لدى الجيش الاسرائيلي يفيد بان ايران وحزب الله لا يريدان ان يتسببا بدفع اسرائيل الى شن حرب لبنان ثالثة، وسيعمدان الى استهداف جنود اسرائيليين، وبصورة مؤلمة جدا، ردا على عملية القنيطرة.
وتواصلت امس «هبة الانتقادات» ضد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزير الامن موشيه يعلون. وكتبت صحيفة «هآرتس»: «إذا كانت اسرائيل هي التي نفذت الهجوم في القنيطرة، فإن القرار النهائي في حالات كهذه، يكون بيد وزير الامن». وتساءلت: «هل الضائقة السياسية التي يعانيها نتنياهو ويعلون هي التي دفعتهما الى مغامرة خطرة ستضع اسرائيل على حافة المواجهة مع حزب الله وإيران؟ وهل أرادا ان يثبتا أنهما ليسا اقل جرأة من الوزير (الاقتصاد المتطرف نفتالي) بينت؟». وخلصت الى ان تهور نتنياهو ويعلون، وهروبهما من المسؤولية تحت غطاء الرقابة، يعززان التقدير أنهما غير جديرين بمنصبيهما.
(الأخبار)