بقلم غالب قنديل

التهديدات في الجنوب السوري

غالب قنديل

علا ضجيج طبول الحرب في الجنوب السوري خلال الأسابيع الأخيرة وبالتزامن مع حدثين واحد سوري والثاني أردني والبعد الأردني حاضر أصلا في خطط اختراق الجنوب بالتناغم مع الكيان الصهيوني منذ تنظيم انتقال المسلحين عبر جيب فصل القوات على جبهة الجولان وصولا إلى تنسيق اتصالات مباشرة بين العدو وجماعات سورية معارضة.

         من الجهة السورية تقدمت عملية تأمين العاصمة بقوة بعد إحكام السيطرة على الحدود اللبنانية السورية بصورة كبيرة ما خلا ثغرة جرود عرسال الباقية برسم عمليات الجيش اللبناني والمقاومة بالتناغم مع القوات السورية .

هذا التحول شمل سيطرة الجيش العربي السوري على عمق المناطق السورية الحدودية من جرود وبلدات سورية بينما تتقدم عمليات التفكيك بالمصالحات في أحياء العاصمة التي تحتلها الجماعات المسلحة التي توزعت بين إلقاء السلاح والرحيل المنظم إلى الشمال في حين انطلقت المبادرة الروسية الجديدة من أستانة وعلى أبواب جنيف بمشاركة إيرانية وتركية في ضمان تنفيذ اتفاق حول ما عرف بمناطق خفض التوتر بينما انطلقت قوة من الجيش العربي السوري نحو الانتشار في البادية السورية والتحرك لفك الحصار عن دير الزور.

         أما من الجهة الأردنية فقد حشدت وحدات خاصة أميركية بريطانية أطلسية وأردنية ومن جنسيات أخرى إقليمية ودولية ضمن الدورة السنوية لــــــ “مناورات الأسد المتأهب ” وفي هذا المناخ سجل حشد آلاف المقاتلين من جماعات المرتزقة السوريين التي دربت في الأردن بمشاركة صهيونية ونشرت تقارير عديدة عن تحضير عملية وشيكة لإنشاء شريط امني في الجنوب السوري يتيح توسيع الجيب الذي أقامه العدو الصهيوني بالشراكة مع إرهابيين من جبهة النصرة وسواها قرب خط فصل القوات في الجولان.

كما ترددت معلومات عن رسائل روسية للسلطات الأردنية تحذر من التورط في أي حماقة وقد استنتج بعض المراقبين ان سيرغي لافروف حمل التحذير نفسه في زيارته إلى واشنطن في حين توعدت سورية برد قاس على أي عمل يخرق حدودها وسيادتها في تعليق الوزير وليد المعلم على الأحداث وجوابه على تصريح أردني متسرع يتعلق بحق الرد في العمق.

اولا من المسلم به ان الإدارة الأميركية في حالة ارتباك وقد وقعت في قبضة اللوبي الصهيوني وحزب الحرب منذ استقالة مستشار الأمن القومي السابق الجنرال فلين بينما تفرض عليها موازين القوى تحاشي الصدام الكبير مع روسيا وهي جددت مؤخرا الاتفاقات الخاصة بمنع الاحتكاك الجوي في سورية لهذا الاعتبار وسلكت طريق التفاوض مع روسيا كما بينت أجواء زيارة الوزير لافروف إلى واشنطن لكن ذلك لا يعني استحالة قيام واشنطن بالمغامرة على الرغم من معرفتها للعواقب.

ثانيا تخشى الإمبراطورية الأميركية بقوة من خطر نجاح الجيش العربي السوري في فك الحصار عن دير الزور وذلك يعني تحرير قطاع يعادل نصف المنطقة الشرقية في سورية وفتح طريق بري آمن بين سورية والعراق واستعادة الدولة السورية لآبار النفط في البادية ودير الزور ولذلك فأحد اهداف التحرش والتهويل في الجنوب هو عرقلة تفدم الجيش العربي السوري نحو تلك الأهداف التي تعني انقلابا اقتصاديا واستراتيجيا في الوضعين السوري والإقليمي لمصلحة سورية والعراق معا .

ثالثا إن التجربة المنصرمة وفي الجبهة الجنوبية بالذات شهدت خلال السنوات الأخيرة نشوء وموت قوات وحشود أعدها الأميركيون والناتو ودربوها في الأردن بتمويل سعودي قطري وتبددت امام الجيش العربي السوري واندثرت واختفى أثرها وكانت من حيث الحجم أكبر بكثير من المجموعات الجاري الكلام عنها مؤخرا ( أربعة آلاف مقاتل حسب الروايات المتداولة ) وهي بالتأكيد ليست مؤهلة لأكثر من فشل جديد في محاولة قهر الدولة الوطنية السورية وقواتها المسلحة.

رابعا تتكشف الحملة الإعلامية والتحركات العسكرية معا عن محاولة لحرمان الجيش العربي السوري من الفرص التي تتيحها المبادرة الروسية والمتوقع ان تؤدي لتفعيل خط المصالحات وتصعيد العمليات التي يقوم بها الجيش العربي السوري والحلفاء ضد عصابتي داعش والنصرة .

وبينما تسعى دول العدوان لتشتيت قدرات الجيش العربي السوري وصرفها عن مهمة فك الحصار عن دير الزور وتامين منفذ بري آمن مع العراق فهي تسعى كذلك لرفع معنويات العصابات المنهارة والمتآكلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى