مقالات مختارة

ابراهيم: إشارات إيجابية لكن التفاوض بطيء جداً نقولا ناصيف

 

كيف يرى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم مشهد الاستقرار الامني الذي يختلط بالسياسة؟ يعوّل على الحوارات ويجدها مستمرة ما يجعل الهدوء على الصورة التي يتوخاها المتحاورون متى اختلفوا او تفاهموا

لا يزال ملف التفاوض في خطف العسكريين لدى التنظيمات التكفيرية بين ايدي المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، الا ان التفاوض يسير بطيئاً. يكشف عن وجود وسيط جديد وجدي سوى اولئك الذين ينسبون الى انفسهم هذا الدور، ويناقش معه اقتراحات وشروط متبادلة، يلاحظ ان في وسع الوسيط الاضطلاع بالمهمة. بيد ان اللواء ابراهيم يبدي قلقه من بطء حركة التفاوض، من دون ان يخفي ان لا ضمانات لحياة العسكريين المخطوفين.

للاستقرار الامني دوافع مبررة تدعه يستمر ثمرة تلاحق تطورات امنية اخيرة من طرابلس الى جبل محسن الى سجن رومية الى الخطة الامنية في البقاع الشمالي. يقول: «الامن سياسي اولاً واخيراً. على صورة المناخ السياسي تتضح معالم الامن وعناصره، فينعكس على الارض، على الاقل في ما يتصل بمشكلاتنا الداخلية من دون ان يكون نتيجة ارتدادات خارجية.

ذهب وزير الداخلية الى جبل محسن ثم غبطة البطريرك الراعي. لو لم يكن هناك مناخ سياسي مؤات لما كان في الامكان ابصار هاتين الزيارتين. كذلك الامر بالنسبة الى المنطقة نفسها التي اظهرت استعدادها، من ضمن هذا المناخ، لاستقبال هذه الشخصيات. الامن اذاً سياسي. يستقر الوضع مقدار استقرار الخطوات السياسية وتقدّمها. لم يكن في الامكان قبل الآن ايجاد حل لسجن رومية على غرار ما حصل أخيراً. كذلك حال طرابلس. لو لم يكن هناك توافق سياسي لما نفذت الخطة الامنية، وطويت صفحة جولات الاشتباكات بين احياء المدينة مع دخول الجيش الى باب التبانة. لو لم يحظَ الجيش بغطاء سياسي من الاطراف جميعا لما اقدم على خطته الامنية. موضوع عرسال وجرودها مماثل، مرتبط بدوره بالتوافق السياسي. برز اخيراً الكلام على مخيم عين الحلوة والوضع فيه، وكشف وزير الداخلية أن المعالجة ليست في نطاق خطة امنية، وانما بالتواصل والتنسيق مع القوى الفلسطينية التي يقتضي ان تضطلع، هي قبل سواها، بدورها وواجباتها داخل المخيم. وهو ما كنا باشرناه لأشهر خلت، وأوجدنا نواة قوة امنية فلسطينية داخل المخيم من 150 عسكرياً فلسطينياً من التنظيمات المختلفة، طبعاً باستثناء الذين يصنفون انفسهم خارج هذا الاجماع، وهم المتطرفون الاسلاميون، تتولى مهماتها داخل المخيم بالتنسيق مع الدولة اللبنانية والاجهزة الامنية. نأمل في تعميم هذه التجربة على سائر المخيمات، الا ان المطلوب تفعيله واثبات جدواه داخل مخيم عين الحلوة بداية. وهو ما نعمل عليه. كلما تقدم الاستقرار السياسي واكبه الاستقرار الامني، ما خلا ارتدادات ما يجري في سوريا والعراق وتداعيات احداث المنطقة علينا. في هذه المسألة بالذات نحن متلقون اكثر منا فاعلين، في موقع رد الفعل وليس الفعل، ونحاول المواجهة بالجهد الاقصى المتوافر لدينا. اما السيطرة على الخلل الامني في الداخل فهو مسؤوليتنا المباشرة ويسهل كلما ظلله التوافق السياسي. سنة 2015 لن تكون افضل من سنة 2014، لكنها لن تكون أسوأ. الوضع سيراوح مكانه».

هل يثق بمتانة الاستقرار الامني وثباته؟

يجيب: «ليس ثابتا ولكنه متين الى حد ما، ومرتبط بالتوافق والحوار السياسي الدائر، ما قلّل من وطأة التشنج. علينا اولا تعريف المشكلة القائمة، وهي بصراحة مشكلة سياسية سنّية ـ شيعية تنعكس على الارض اضطرابات امنية. تاليا كلما تقدّم التقارب السنّي ـ الشيعي وجدنا تقدّما في الاستقرار الامني وتراجع حظوظ التفجيرات والاضطرابات. باب الحوار فتح ولن يقفل، وسيستغرق وقتا طويلا، والجلسات لن تتوقف سواء انتجت ام لا في المدى القريب، لكنها ستستمر واعتقد انها تحرز تقدما ومفاعيل على الارض. لأجل ذلك سيظل الامن مستقرا ما داموا الى طاولة الحوار. الا ان احدا لا يعرف كيف ستكون خواتيم هذا الحوار».

هل ان ما يجري في مخيم عين الحلوة مصدر قلق للاجهزة الامنية؟

يقول اللواء ابراهيم: «لا شك في ان الخارجين على القانون والهاربين من السلطة يتجمعون في المخيم، ما يتسبب بقلق الدولة والاجهزة الامنية. ارتداداته لا تقتصر على افتعال اضطرابات امنية فحسب، بل ايضا على القضية الفلسطينية في ذاتها، لأننا نعرف جميعا ان المخيم هو عاصمة الشتات في العالم، وارتبط ايضا بحق العودة للفلسطينيين. ما داموا في ظل هذا الواقع، يطالبون بلا توقف بحق العودة. أما ان يكون هناك تفكير بتكرار تجربة نهر البارد وضرب المخيم، وتشتيت السكان المقيمين فيه وادخالهم من ثم في قلب النسيج الاجتماعي اللبناني، فإن ذلك يؤدي حتما الى اهدار حق العودة والقضية الفلسطينية التي هي بوصلتنا. المؤسف ان المخيم يحوّل نفسه ملجأ للخارجين على القانون. بعض الفلسطينيين يقولون انهم لا يملكون القدرة. قد يكون صحيحاً انهم لا يملكون القدرة على ان يكونوا في منزلة الدولة، لكنهم يملكونها لتنظيف المخيم من الخارجين على القانون والمطلوبين. اذاً لم يكن في وسعهم تسليمهم الى السلطات الرسمية، والاحراج الذي يتسبب به انسجام بعضهم مع الافكار التي يقول بها المطلوبون والهاربون من العدالة، في امكانهم في احسن الاحوال عدم السماح لهم باللجوء الى المخيم وتحويله بؤرة لهم. أعرف ان لديهم القدرة على منع دخولهم اليه. على اي حال التواصل اللبناني ــــ الفلسطيني قائم على المستويات كلها للحيلولة دون اي توتر».

يُسأل المدير العام للامن العام عن مصير العسكريين المخطوفين لدى التنظيمات التكفيرية، العالقين تقريباً بين السماء والارض، بين الحياة والموت؟

يقول: «مشكلتهم لا تتطلب توافقا على حلها ــــ وهذا حاصل ــــ بل توافق على عدد من النقاط. اعتقد انها في جزء كبير منها على السكة الصحيحة لحلها، انما خطواتها بطيئة جدا. وهي حال المفاوضات التي اجدها بطيئة، بل أبطأ مما يجب. قد يُعزى الامر الى الطقس والظروف المناخية الصعبة، وعدم تمكن الوسطاء من التوجه الى الجرود والتواصل مع المسلحين هناك. اذ من غير الممكن ادارة التفاوض عبر الهاتف، بل يجري مع وسطاء يتنقلون بين الافرقاء المعنيين».

أين أصبح المفاوض الرسمي الفعلي؟

يضيف: «هناك تكليف واضح ورسمي وصريح من مجلس الوزراء، وعلى لسان رئيس الحكومة وكذلك الوزراء المعنيين بدءاً بوزير الداخلية، ان المفاوض الرسمي هو المدير العام للامن العام. اما الوسطاء، فهناك كثيرون يدّعون هذا الدور. نحن غير معنيين بتحديد الوسيط. ثمة وسطاء يترددون علينا ونتحدث معهم في الامر، وهم المعنيون بالمهمة. لسنا في طور الدخول في نزاع او منافسة مع احد. الوسيط يعرف نفسه جيدا، وهو الذي يجلس معنا ونسمع منه اقتراحات وطلبات ويحمل منا اليهم اقتراحات وطلبات ايضا.

هل هناك وسيط حقيقي جدي غير احمد الخطيب الذي تنحى؟

يقول اللواء ابراهيم: «طبعاً، طبعاً. انه موجود. الى الآن لا يزال قادراً على الاضطلاع بالدور المطلوب منه. الا ان النتائج رهن تطور المفاوضات».

ماذا عن زيارته دمشق اخيراً، وهي الثانية في فترة وجيزة؟

يقول: «الزيارة السابقة ارتبطت بملف العسكريين المخطوفين. اما الزيارة الاخيرة فكان عنوانها اجراءات العبور الجديدة عند الحدود التي اتخذتها السلطات اللبنانية. استطيع القول ان الزيارة كانت ايجابية لايضاح هذه الاجراءات للسلطات السورية، بتكليف من الحكومة اللبنانية. شرحت لهم الاجراءات، والوضع يشق طريقه الى حل المشكلة التي لم تحل جذريا بعد. اعربوا عن وجهة نظرهم، وهم متفهمون الموقف، لكنهم تحفظوا عن الطريقة التي اتخذت فيها الاجراءات ويرون فيها مشكلة».

هل يخشى على حياة العسكريين المخطوفين؟

يضيف: «من المؤكد انهم في خطر بعدما نفذت تهديدات سابقة. المشكلة مفتوحة على كل الاحتمالات، الا اننا نقوم بواجباتنا بما يحفظ امن العسكريين، ولا يفرط بسيادة الدولة. لا ضمانات بعدم التعرض لهم. ما يقلقني في ملف العسكريين التنافس والمزايدة عليه في ما بين الخاطفين انفسهم. نحن جاهزون للمقايضة تحت سقف القانون، ويبدو ان ثمة اشارات ايجابية من جانب الخاطفين لحل الموضوع. ليست اشارات جديدة، ونعمل على اقتراحات وشروط وشروط مضادة، ونأمل في ان تبلغ خواتيمها السعيدة. لا تمت هذه الاقتراحات والشروط بصلة الى كل ما كان اثير سابقا. الشروط رهن تكتم المفاوضين».

(الأخبار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى