مقالات مختارة

ميثاق حماس مجرد شد قليل للوجه: سمدار بيري

 

سيأتي اليوم الذي ننكشف فيه على الاتصالات التي جرت بين مندوبين إسرائيليين يدعون بأنهم غير رسميين وبين شخصيات اساسية في حماس. وأنا أعرف حالتين كهذه على الاقل، حين لم يتردد الملتقون في اجراء محادثات طويلة خلف الكواليس. بشكل طبيعي، حتى اشعار آخر، فإن احدا لن يؤكد ولن يكشف النقاب. ومن المهم الاعتراف بان هذه المحادثات انتجت القليل جدا على الارض. ميزتها هي في تعميق التفاهم حول ما يقلق إسرائيل وما يزعج (ولكن لمن يهم؟) الطرف الاخر.

لا يمكن تجاهل التوقيت التهكمي الذي عرضت فيه «وثيقة المبادىء والسياسة العامة» لحماس. فقد وقعت علينا (وان لم يكن بالمفاجأة) في نقطة التماس بين يوم الذكرى ويوم الاستقلال. اما على ابو مازن فهبطت (لعلمه المسبق) وهو في طريقه إلى اللقاء مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الابيض.

ولا ننسى اضراب السجناء الفلسطينيين الذي يقوده مروان البرغوثي مدعي تاج رئاسة السلطة، عندما يقرر ابو مازن، ابن الـ 83 اعتزال منصبه، او لا يعود موجودا. هذه أيضا هي الخطوة السياسية الاخيرة، إذا لم تقع مفاجآت، للامين العام لحماس، الذي يفترض أن يعتزل، خالد مشعل.

لقد عملوا على هذه الوثيقة ثلاث سنوات على الاقل، بالتشاور مع رجال قانون، الذراع العسكري في غزة، قدامى حماس في الخارج (موسى ابو مرزوق)، فيلسوف الحركة (عزام التميمي في لندن، غير الراضي عن النتيجة النهائية). كما أن سجناء حماس البارزين في السجون عندنا ساهموا في فكرهم من خلف القضبان. من تعمق في الـ 22 بندا، يمكن ان يلاحظ بسهولة كبيرة صراعات القوى وخلافات الرأي غير البسيطة بين حماس غزة وحماس، الاكثر تطرفا منها، خارج القطاع.

كيفما نظرنا إلى الامر، فإن ميثاق حماس الاصلي اجتاز عملية شد وجه صغيرة: أخيرا حماس تشطب الدعوة لابادة إسرائيل ولكنها في نفس الوقت تقسم على إلا تتنازل عن الكفاح المسلح ضد الاحتلال، «بكل الوسائل والطرق». هذا يعني اننا لم نتخلص من المخربين الانتحاريين، اعمال الطعن، العبوات الناسفة، الانفاق، الصواريخ واعمال الخطف. وقبل اسبوع فقط «نلت» في البريد الالكتروني فيلم دعاية كريه لحماس ـ نوع من الخطة في البطن الطرية، عن الاسرى والمفقودين الإسرائيليين، الذين قررت وسائل الإعلام عندنا تجاهلهم، وعن حق.

للوثيقة الحديثة يوجد جانبان جديدان: لاول مرة تدعو حماس لاقامة دولة فلسطينية في حدود 67. هذا يعني انه اختفت الاحلام عن «فلسطين الكبرى» ـ فالوثيقة تطالب باقامة دولة فلسطينية مستقلة، بقيادة حماس، في كل ارجاء الضفة الغربية، قطاع غزة وشرقي القدس كمدينة عاصمة. هذا يعني ايضا دون ان يذكر الاسم الصريح، بان حماس تسلم بـ «دولة اخرى»، إسرائيل، كجارة من جانبها. ولكن بخلاف السلطة الفلسطينية لابو مازن، تطالب حماس قبل ذلك بتحرير كل المناطق المحتلة، باساليبها، دون التنازل عن شبر ودون الموافقة على تبادل الاراضي.

تربط قيادة حماس الوثيقة الجديدة بالجهود للتخلص من صورة المنظمة الإرهابية. فهاهم يتنكرون للعلاقة مع الحركة الام «الاخوان المسلمين» ويتعهدون امام مصر والاردن «بعدم التدخل في شؤون الدول الاخرى». كما أن هذا هو السبب الذي يجعلهم يعلنون بانا ليس لحماس شيء ضد اليهود واليهودية، بل فقط ضد «الاحتلال الصهيوني».

مشعل ورفاقه يطلقون ايضا غمزة داهية للرئيس ترامب والاسرة الاوروبية: خذونا، نحن وأنتم نعرف بان ابو مازن انتهى وان حماس شعبية في الشارع الفلسطيني أكثر من فاسدي فتح. اعطونا الفرصة التي نستحقها لاننا «الحركة الوطنية للتحرير»، وابو مازن يقلص الرواتب ويطفيء الكهرباء لانه فقد القوة.

اذا كان ممكنا التعاطي مع «وثيقة المبادىء» كموقف اولي لمواصلة الحوار السري وادخال تعديلات عليها، فإنه مسموح تشويش الحسابات الطويلة مع حماس والسير معا نحو فجر يوم جديد. ولكن حماس هي حركة ايديولوجية عنيدة اقسمت على عدم الاعتراف بإسرائيل، على مواصلة العنف وعلى عدم التحرك عن سنتيمتر واحد من الارض. في هذا الموضوع أنا اصدقهم. طر إلى واشنطن يا ابو مازن، في نظر نتنياهو أنت أهون الشرور. إسرائيل تعمل من أجلك لدى ترامب.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى