نتائج الانتخابات الفرنسية ليست مؤامرة… لكنها أشبه بذلك حميدي العبدالله
النتائج التي أفضت إليها الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، هي عملية التفاف من قبل قوى النفوذ داخل فرنسا وفي العالم الغربي على انهيار الحزبين التقليديّين.
كان واضحاً منذ البداية أنّ أزمات فرنسا والعالم الغربي، المسؤول الحصري عنها هي الطبقة السياسية التقليدية، وهذه الطبقة استنفدت وسائلها المعتمدة في تدجين واحتواء الرأي العام. وكان أفراد هذه الطبقة على قناعة بأنّ الانتخابات الفرنسية لن تعمل لمصلحة النهج القديم، وعندها حاول المرشح الجمهوري فرنسوا فيون الذي فاز في الانتخابات التمهيدية على منافسيه داخل الحركة اليمينية، تبنّي شعارات غير تقليدية تحاكي تلك الشعارات التي رفعها دونالد ترامب في حملته الانتخابية وساهمت في وصوله إلى البيت الأبيض. ولكي لا يتكرّر المشهد ذاته تمّ كشف فضائح تعود إلى 1984 تتعلق بمسيرة فيون في سدة المسؤولية، كانت هذه الفضائح كفيلة بالقضاء عليه.
كان واضحاً منذ البداية أنّ قوى النفوذ التي تجمع الشرائح العليا من الرأسمالية والمؤيدين للولايات المتحدة والكيان الصهيوني، لجأوا إلى خطة وقائية، واستفادوا من دروس تجربة ترامب في الولايات المتحدة، فدفعوا بإيمانويل ماكرون للاستقالة من الحزب الاشتراكي وتحلقوا حوله وقدموا له الدعم، وطلبوا منه الترشح كمستقلّ وليس عن الحزب الاشتراكي لقناعتهم بأنّ الحزب الاشتراكي بات مكروهاً شعبياً، ولا سيما بعد تجربة الرئيس الحالي فرنسوا هولاند، وكان واضحاً أنّ الهدف هو إبعاد كافة المرشحين عن منافسة ماكرون في الدورة الثانية، باستثناء مرشح واحد هو مارين لوبان، لأنّ حسابات جماعة النفوذ أنّ لوبان لن تحصل على تأييد غالبية الفرنسيين بسبب طروحاتها المتطرفة، وكان لجماعات النفوذ، التي رمت بكلّ ثقلها وراء ماكرون ما أرادت، وفاز هو ولوبان في الجولة الأولى، وتأهّلا للجولة الثانية.
النتائج باتت واضحة، قد تتدنّى المشاركة في الدورة الثانية احتجاجاً على المرشحين ماكرون ولوبان، ولكن النتيجة محسومة سلفاً، وهي فوز ماكرون، بمعزل عن نسبة الأصوات العالية التي قد تحصل عليها لوبان، وبالتالي سيعود مرشح الاشتراكيين إلى الأليزيه، ولكن بشكل موارب، فاستقالة ماكرون من حكومة هولاند ومن الحزب الاشتراكي لم تكن أكثر من مسرحية، وجلّ ما حصل في فرنسا هو أشبه بالمؤامرة حتى وإنْ لم يكن الأمر كذلك…
(البناء)