حول خطاب الناقورة
غالب قنديل
أراد البعض اعتبار كلام الرئيس سعد الحريري من الناقورة أمرا تم تجاوزه بمأدبة صور التي جمعت رئيس الحكومة بالوزيرين محمد فنيش وعلي حسن خليل ولكن ما جرى فعليا يستدعي التوقف لاستخلاص العبر التي تظهر حقيقة المرض المزمن في الواقع السياسي اللبناني وما تتعرض له المقاومة من طعنات داخلية لا تريح غير الكيان الصهيوني وتحظى بالرضا الأميركي وأحيانا تكون أفعال استرضاء لواشنطن ولسواها من عواصم وحكومات تضع استهداف حزب الله على لائحة اولوياتها السياسية والأمنية وتدعم كل جهد صهيوني عدواني ضد لبنان.
اولا كانت زيارة الرئيس سعد الحريري غير مقررة سابقا وقد تم ترتيبها على عجل بعد الجولة الإعلامية التي نظمها حزب الله بالتنسيق مع قيادة الجيش اللبناني ووزارة الدفاع اللبنانية وهذا بذاته يدعو إلى التساؤل في ضوء ما ظهر من علامات الانزعاج الصهيوني من الجولة وما حملته من رسائل إعلامية وسياسية وعسكرية عن انقلاب الصورة في معادلات القوة بين العدو ولبنان بفضل ما حققته المقاومة من تطوير في قدراتها بات يحصن الوطن ويحميه من العدوان الصهيوني.
ثانيا جهد المقاومة اللبنانية مشروع دستوريا وقانونيا بقوة البيان الوزاري الذي ينص على حق الشعب اللبناني في المقاومة ومن واجبات رئيس الحكومة ان يجسد مضمون البيان الذي تلاه امام مجلس النواب ونال على أساسه الثقة مع حكومة وحدة وطنية يرئسها ولا يحق له لأي اعتبار كان ان يعلن مواقف غايتها طمأنة العدو وإراحته أوتوجيه رسالة إليه بعدم وقوف رئاسة الحكومة إلى جانب قوة شعبية تقوم بدور وطني جليل في ردع العدوان علما أننا نتحدث عن مجرد حدث إعلامي صنعه حزب الله غايته تظهير توازن القوى وتحولاته لمصلحة الوطن بفضل الجيش والمقاومة.
ثالثا إن كون رئيس مجلس الوزراء وفق الدستور ناطقا بلسان المجلس يفترض ان يكون ما يعلنه من مواقف في قضايا مختلف عليه مبنيا على مضمون البيان الوزاري ومصاغا بصورة تراعي التوازنات الحكومية وتأخذ بالاعتبار جميع الآراء والمواقف داخل مجلس الوزراء والنطق باسم الحكومة لا يعطي رئيسها حق التصرف بعرض آرائه الشخصية التي تعكس مواقف حزبه السياسي عندما يتحدث بصفته الدستورية كرئيس للحكومة وليس على حد علمنا ان مجلس الوزراء انعقد لمناقشة الجولة الإعلامية!!!
رابعا نسقت الجولة مع الجيش اللبناني ووزارة الدفاع وجرت تحت عيون قوات اليونيفيل وبعلمها وهي حدث إعلامي وليست عملا امنيا او عسكريا يستدعي كل هذا الاستنفار السياسي والإعلامي الذي يبغي على ما يبدو التنصل من مسؤولية حدث لا صلة للبنان الرسمي به بل هو فعل القوة الشعبية التي تمارس حقها في المقاومة دفاعا عن الوطن وهي لم تقم بعمل عسكري بل نظمت جولة إعلامية كرست للكشف عن تحصينات العدو وتدابيره عند خط النار الذي توقف القتال على جانبيه بعد صدور القرار 1701.
خامسا لا يحق لرئيس الحكومة اخلاقيا وقانونيا ان يضع مجرد جولة إعلامية مشروعة في كفة مقابلة لخروقات العدو الصهيوني المتمادية منذ إحدى عشر عاما لأحكام القرار 1701 وهو أشار إليها بصورة عابرة مقابل عبارات الإدانة والتنصل من الجولة الإعلامية التي لا شأن للحكومة بها أصلا فالعدو يخرق السيادة كل يوم جوا وبرا وبحرا ومضت إحدى عشر عاما على التعهدات الدولية الأميركية والفرنسية والأممية الكاذبة في زمن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة باستكمال تطبيق القرار ووقف الخرق الصهيوني الذي تفاقم قبل سنوات قليلة بالسطو على النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية من غير أن يحرك أحد ساكنا في وجه الكيان الصهيوني.
سادسا كان ذلك الحدث الإعلامي مقلقا للصهاينة وحدهم فلماذا يقلق بعض اللبنانيين ويستنفرون ؟ إنها المفارقة العجيبة اللعينة التي يثيرها ناكرو فضل المقاومة في حماية لبنان وهم يتنعمون بنتائج إنجازاتها ويتنصلون منها بينما هي تتعامل بتسامح وبصمت القادر المترفع فوجب على من يرى هذا الاختلال ان يتصدى للرد وألا يمر مرور الكرام على أفعال لا يجوز قبولها لا اخلاقيا ولا دستوريا ومع احترامنا لوليمة صور وما نتج عنها إن كان من نتيجة .