مقالات مختارة

نصائح ديبلوماسية: اخرجوا من «دوامة» الانتخابات قبل الخيارات المرّة ابراهيم ناصرالدين

 

ليس صحيحا ان رئيس الجمهورية ميشال عون ماي زال متمسكا بالقانون النسبي، لم يوح بذلك خلال اللقاء الاخير مع وفد حزب الله في بعبدا، وليس صحيحا ان حزب الله «مغرم» بالقانون التأهيلي، يعرف مسبقا انه يصعب تسويقه، ولذلك اختار عدم «الصدام» مع التيار الوطني الحر… وليس صحيحا ايضا ان وزير الخارجية جبران باسيل يريد استعادة حقوق المسيحيين من خلال قانون الانتخابات، ولو كان ذلك هدفه لكان وافق على صيغة نسبية قدمها حزب الله تعطي المسيحيين 52 نائبا بأصواتهم، انه يرغب باحتكار التمثيل المسيحي مع القوات اللبنانية… ولولا تفاهم معراب لكان اليوم متمسكا بما اتفق عليه مع الاحزاب المسيحية الاربعة في بكركي عندما خرجوا بمعادلة «النسبية هي الحل»… وليس صحيحا ما تقوم به وسائل اعلام التيار «البرتقالي» من تحريض طائفي غير مبرر… وليس صحيحا ايضا ان العلاقة بين «الحكيم» وباسيل على خير ما يرام… وليس صحيحا ان «الستين» او التمديد «دفنا»… وليس صحيحا ايضا ما يقال بان رئيس الحكومة سعد الحريري «لا ينام» من كثرة التفكير في مخرج لمأزق القانون الانتخابي… انه اكثر الراغبين بالتمديد… انها مجموعة من «المغالطات» التي يسعى البعض الى تسويقها، وترى فيها اوساط بارزة في 8آذار، مجرد تضييع للجهد والوقت في المكان غير الصحيح لان معركة «التغيير والاصلاح» لا تبدأ بالعودة الى خطابات «الحرب الاهلية»، كما ان الازمات الداهمة لا تسمح بترف جدل «بيزنطي» لن يوصل البلاد الى شاطىء الامان في ظل تحديات امنية وعسكرية قد تكون سباقة او متزامنة مع الاستحقاقات الداخلية، وقد تشكل «خشبة الخلاص» للبعض للهروب من خطوات ضرورية تنقل لبنان من مرحلة الى أخرى…فيما ستضع الجميع بين خياريين احلاهما مر»…

وتلفت تلك الاوساط، الى ان ثمة سباقاً في المنطقة لاعادة رسم جغرافي وديموغرافي انطلاقا من سوريا والعراق، تحت «مظلة» محاربة الارهاب»، هذا الامر تدركه بعض القوى المحلية ولكنها تعتقد ان الساحة اللبنانية ستبقى بمنأى عنه لاسباب عديدة اهمها ان كل ما يقال من دعم غربي وعربي للبنان لمواجهة خطر المجموعات الارهابية، غير جدي، فالاطراف الاقليمية والدولية لا ترغب باقفال ملف الارهاب على الحدود اللبنانية ـ السورية، لان الولايات المتحدة والدول الخليجية لا ترغب في تخفيف الضغط على حزب الله، وتريده ان يبقى في حال استنفار وتوتر دائم، لان اشغاله امنيا، وعسكريا، ولوجستيا، في هذه المنطقة يضعف قدرة تدخله في العمق السوري، ويقلل من مساحات انتشاره في مناطق تعتبرها تلك القوى حيوية وتسعى هي للتمدد فيها…

وفي هذا السياق، من المتوقع ان تنطلق في الأسابيع المقبلة حملة عسكرية تستهدف طرد ما يسمى «جيش خالد بن الوليد» من منطقة درعا، وكذلك تنظيم «داعش» من البادية السورية، وصولا إلى البوكمال شرق دير الزور، وهي عمليات تديرها مباشرة قوات اميركية، وبريطانية، واردنية، ومن المرتقب ان يتركز الهجوم من الاراضي الاردنية من محورين، الأول في ريف درعا الغربي، ويهدف الى القضاء كلياً على المسلحين المتمركزين في حوض اليرموك، والثاني انطلاقًا من مركز التنف الحدودي باتجاه البوكمال، وتعمل قوات خاصة أميركية وبريطانية على توسيع القاعدة العسكرية هناك، لاستخدامها كنقطة انطلاق رئيسية للعمليات الميدانية… وهذه العملية في حال نجاحها ستشكل ورقة ضغط اميركية على العاصمة السورية وكذلك على موسكو…

في المقابل حقق حزب الله والجيش السوري من خلال استعادة مدينة الزبداني ومحيطها نصرا استراتيجيا كون تلك المنطقة تشكل الخط الواصل بين القلمون الغربي، ومنطقة وادي بردى في ضواحي دمشق… وبذلك تكون المعارضة قد أخلت آخر موطئ لها غرب العاصمة السورية، بعدما أخلت سابقاً مدن وبلدات القلمون الغربي، ثم بلدات الغوطة الغربية وقدسيا والهامة والتل ومنطقة وادي بردى في الأشهر الفائتة. والاهم من كل ذلك ان الزبداني تقع على مسافة 45 كم شمال غرب العاصمة وتحديداً على الجهة اليمنى من الطريق الدولي الذي يربط دمشق ببيروت وتمتد على سفوح جبال لبنان، وتحيط بالزبداني مجموعة من البلدات والقرى هي بلودان وبقين ومضايا وسرغايا، وقد تكون اهمية هذه المنطقة بالنسبة الى حزب الله بأهمية بلدة القصير السورية، وهي تعتبر مفتاح الاستقرار لريف دمشق الغربي والحدود اللبنانية ومعها ينتهي الوجود الأخير للجماعات المسلحة، وتبقى بعض الجيوب في جرود القلمون وعرسال ومن المرجح ان يبدا الجيش السوري وحزب الله بعمليات قضم تدريجي على طول الحدود الشرقية…

هذه «الشوكة» لن تبقى في خاصرة المقاومة أو الجيش السوري، وتوقيت «نزعها» مرتبط باولويات ليس من بينها السياسة الداخلية، او النقاشات «البيزنطية» حول القانون الانتخابي، كما ان هذا الملف قد يفتحه المسلحون الذين يشعرون ان الخناق قد ضاق عليهم، ومن غير المستبعد ان يقوموا بافتعال مواجهة «الرمق الاخير» لمحاولة الضغط باتجاه الحدود اللبنانية للحصول على تسوية تمنع سقوط مناطقهم بالقوة، وفي هذا الاطار تذكر تلك الاوساط، بما حصل في نهاية شهر آذار الماضي عندما استهدف الجيش اللبناني تحركات مريبة للمسلحين قرب منطقة الملاهي ووادي ميرا وفي المرتفعات الشرقية لبلدة عرسال، وما ترافق مع هذه التحركات من رصد استخباراتي تبين من خلاله وجود تخطيط لشنّ هجوم واسع النطاق بعد صلاة الفجر على محورين بهدف الإستيلاء على بلدة عرسال بالكامل ومتابعة التقدم وصولا حتى منطقة عين الشعب فساحة بلدة اللبوة التي تشكل المحور الأساس في الهجوم. وتبين ايضا ان هجوما آخر كان سيبدأ من معبر الزمراني باتجاه اطراف عرسال الشمالية وصولا حتى بلدة الزيتونة على الطريق العام بين الهرمل ـ الفاكهة، وقد تم اجهاضه…

طبعا لا تحتاج التركيبة السياسية الهشة القائمة على التسوية الاخيرة في البلاد الى امتحان جديد من «بوابة» الجرود الشرقية، لا يعول احد على حصول تفاهم داخلي على ضرورة اتخاذ قرار بالحسم العسكري هناك، «فيتو» تيار المستقبل سيكون حاضرا، لاسباب عديدة اهمها غياب الغطاء الاقليمي والدولي لعملية مماثلة، لكن هذا لا يعني ان اندلاع «شرارة» تشعل فتيل الازمة من جديد امر مستبعد، كل الظروف الموضوعية مهيئة لذلك، قريبا قد يخير المسلحون بين التسوية او الحسم، كلا الطرفين على جانبي الحدود وصلا الى لحظة الحقيقة، واي انفجار للاوضاع سيؤدي حكما الى تغيير الاولويات في الداخل، لا مصلحة لاحد بإشغال الجيش اللبناني في «زواريب» الازمات الداخلية، ولا مصلحة لاحد في اغراق المقاومة في اتون «حرب طواحين» لن تؤدي الى اي نتيجة في هذا الوقت الشديد التعقيد، وفي هذا السياق، ثمة نصيحة سمعها المعنيون «بالتأزيم» الداخلي من اوساط دبلوماسية في بيروت، بالاستعجال في الخروج من «دوامة» قانون الانتخاب لان البلاد قد تكون مقبلة على تطورات تضع الجميع بين خياري التمديد او الستين.

(الديار)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى