مقالات مختارة

أردوغان يستطيع أن يحسد نتنياهو! : تسفي برئيل

 

أحد الأخطاء المعروفة والمسلية هو المقارنة بين نظام الحكم في إسرائيل وبين النظام في تركيا، بين الاخلال بحقوق الانسان في إسرائيل وبين ما هو مقبول في تركيا، بين طموح رجب أردوغان الشخصي وطموح بنيامين نتنياهو، بين الحرب ضد الاقلية الكردية وبين تعامل إسرائيل مع الاقلية العربية، وبين هجوم نتنياهو وهجوم أردوغان على وسائل الاعلام.

من الحيوي أن تكون لإسرائيل دولة أخت، ومن السهل جدا التوصل إلى استنتاج أن إسرائيل وتركيا مثل الثورين اللذين يقومان بجر محراث واحد، دولتان قوميتان متطرفتان، دولتان تبذلان جهدهما للظهور بأنهما ديمقراطيتان، أو على الأقل، الضرر الذي تتسببان به للديمقراطية يعتمد على استراتيجية الدفاع في وجه القوى الشيطانية الداخلية والخارجية.

هناك فوارق كثيرة بين إسرائيل وتركيا، وبين أردوغان ونتنياهو. فالدولتان ليستا في مستوى طموح الزعماء، بل في مستوى طابع الجمهور. والاستفتاء الشعبي من اجل تعديل الدستور الذي انتهى بفوز بسيط لأردوغان (هناك استئناف في المحكمة) عمل على ابراز مسألة اساسية وهي أن الدستور التركي يمنح الجمهور في الدولة دور ناجع في تشكيل طريقة الحكم وتعريف ايديولوجية الدولة، وليس فقط في زمن الانتخابات.

تاريخ الجمهور في تركيا، خلافا للجمهور في إسرائيل، يقول إنه على استعداد للقتال، واحيانا بشكل عنيف، ضد من يتسببون بالضرر لأسس وقيم الدولة. وهذا ما حدث في مظاهرات حديقة غازي في العام 2013، وفي الهبة الجماهيرية التي سبقت انقلابات 1960 و1971 و1980 العسكرية. بينما في إسرائيل لم يصل أي احتجاج إلى درجة الانقضاض، لا في مظاهرة الـ 400 ألف في اعقاب مجزرة صبرا وشاتيلا ولا في احتجاج «جبن الكوتيج».

على الرغم من هذه الفوارق فإن الاستفتاء الشعبي في تركيا أظهر جانبا خطيرا يشبه بشكل كبير ما يحدث في إسرائيل. مفاهيم الوطنية والقومية أصبحت متماثلة مع الزعيم وليس مع الفكرة. وفي الحملة الدعائية التي قام بها أردوغان من اجل تعديل الدستور، وصف معارضيه كخائنين للدولة والدين، وكفار حقيقيين ومؤيدين للمنظمات الإرهابية، وأذرع لدول الغرب التي تسعى إلى عزله، وكمن نسوا معنى أن تكون وطنيا.

إن من لا يرغب في منح أردوغان الصلاحيات العليا من اجل ادارة الدولة كما يشاء، يضر بالقومية. ومن يعارض مسؤوليته عن الجهاز القضائي ليس وطنيا، وهو بذلك يخدم الإرهاب. ومن يعادي طموحه بأن يحكم فترة غير محدودة زمنيا، أو السيطرة على وسائل الاعلام، يسعى إلى الاضرار بتركيا. المفردات التي يستخدمها أردوغان ضد خصومه تشبه مفردات نتنياهو ومقربيه الذين يربطون بين حب الوطن وحب القائد.

إن اللاشرعية التي يقوم بها نتنياهو ضد اليسار والوسط ـ يسار لا تختلف في جوهرها عن سلب شرعية الاكراد والمعارضة من قبل أردوغان. صحيح أنهم في إسرائيل لا يقومون باعتقال القادة السياسيين بتهمة التآمر أو محاولة الانقلاب، لكن الاساس الفكري اصبح جاهزا. مثلما طرد أردوغان القادة الليبراليين من حزبه فإن نتنياهو اخرج من يعتبرهم معتدلين قياسا مع قوميته المتطرفة، أو لأنهم ضعضعوا طقوس عبادة الشخص التي بناها من حوله.

على هذا النحو يتم بناء السيطرة المطلقة، وبهذه الطريقة قام نتنياهو وأردوغان بتحييد خيار القائد الوريث وأفرغا النقاش الفكري أو القيمي من مضمونه، وهو النقاش الذي يقدم البديل الذي يختلف عن الايديولوجيا التي يقوم القائد بصياغتها أو يضعضع احتكاره لهذه الايديولوجيا. وهنا يكمن تفوق نتنياهو على أردوغان: ليس فقط أنه لا يحتاج إلى الخوف من الانتفاض الشعبي، بل ايضا لا يحتاج إلى دستور من اجل المصادقة على احتكاره. إنه يقوم بصياغة قيم الدولة بنفسه دون الحاجة إلى استفتاء شعبي، وقد تمكن حتى الآن من التأكيد على الفرق بين العدو والوطني. وأردوغان يمكنه فقط أن يحسده.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى