ترامب يواصل حروب اوباما وبوش
غالب قنديل
لفت الكاتب الاستراتيجي اندرو باسيفيتش في مقال نشره مؤخرا إلى ان الأسابيع المنقضية من تولي دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة تميزت بإرسال آلاف الجنود من الوحدات الخاصة الأميركية إلى الميادين المشتعلة في سورية والعراق وأفغانستان تحت شعار تفعيل الحرب على الإرهاب.
طبعا الشعار نفسه أي محاربة الإرهاب كان العنوان الذي سبقت إلى استعماله إدارتا جورج دبليو بوش وباراك اوباما لشن حروب وغزوات كبرى مباشرة أو بالواسطة ولم تفلح الولايات المتحدة في كسبها او الخروج منها بل هي متواصلة ومستمرة وتحولت إلى إطار لوجود شبه دائم في العديد من الدول لتكريس مواقع نفوذ وشبكة مصالح سياسية واقتصادية منها مليارات الأفيون في أفغانستان ولمواصلة المساعي في إعادة توجيه فصائل الإرهاب نحو ساحات جديدة بعدما باتت اداة معتمدة في الغزوات الاستعمارية الأميركية في حالتي الذهاب والإياب حيث شهدنا حكام واشنطن يحشدون القاعدة لتدمير سورية ولتخريب العراق ثم يتدخلون تحت شعار التخلص من القاعدة بينما تصدر مخابراتهم تعليماتها السرية لكبار عملائها في الشبكات التكفيرية بإطلاق “الهجرة” نحو ساحات جديدة كما يحصل اليوم في زحف التكفيريين والمرتزقة بتمويل قطري سعودي خليجي نحو اليمن وأفريقيا وبعض أقاليم الشرق الأقصى.
نشهد المزيد من التورط العسكري الأميركي في العالم مع إدارة دونالد ترامب خلافا لتعهداته الانتخابية السابقة بعدم الاستمرار في شن الحروب وبتحاشي التورط في مغامرات عسكرية وهو عمل على رص صفوف شركاء الولايات المتحدة في تلك الحروب العدوانية فتركيا عادت حليفا مطيعا بعد فترة من الاشتباك السياسي والإعلامي لم تزعزع عضويتها في الناتو ولم تحل دون تنفيذها للتعليمات الأميركية بالعودة إلى حرارة الشراكة مع الكيان الصهيوني والعمل في خدمته سياسيا وأمنيا وكذلك المملكة السعودية التي أبرمت اتفاقات سخية مالية ونفطية وعسكرية مع إدارة متعطشة للمكاسب التجارية التي شغلت الحيز الأهم من خطب الرئيس الأميركي حول السياسية الخارجية.
من الملاحظ في توجهات الإدارة الأميركية الخارجية ان الاضطرار للتخلي عن الشعارات العدائية ضد الصين والحرص المعلن على الحوار والتعاون مع روسيا لم يوقف حملات التعبئة العدائية ضد هاتين القوتين العظميين وهي تعبئة تجري في قاعات الاستماع داخل مبنى الكونغرس وعلى لسان مسؤوليين وقادة عسكريين وامنيين وعبر وسائل الإعلام مما يبدد الوهم الخرافي الذي روجه البعض عن كون الإدارة الجديدة تنطلق من تفاهمات مسبقة مع روسيا لحل سائر مواضيع الخلاف وكان ترامب سيدشن حلولا وتسويات لجميع النزاعات بعد تنصيبه.
صحيح ان إدارة ترامب تعترف واقعيا بالمعادلات القاهرة وهي تتكيف مع حقائق القوة والتوازنات العالمية المتغيرة وهو ما يتبدى في تحاشي الاشتباك مع روسيا بقدر الإمكان وتخفيف اللهجة اتجاه الصين وهي مجبرة في الأمرين لكن تنبغي ملاحظة مايلي :
– بينت الوقائع ان اللوبي الصهيوني يحتل مركزا مقررا في السياسة الخارجية الأميركية وهو متقدم على سائر مجموعات الضغط الأخرى في المؤسسة الحاكمة من حيث الحظوة والقدرة على التأثير.
– حرارة التبني الأميركي لأجندة الكيان الصهيوني وإظهار أهمية خاصة للعلاقة بين تل أبيب وواشنطن كانت أبرز سمات مواقف ترامب الخارجية.
– تبني الأولوية الصهيونية السعودية بتشديد الحصار على إيران وحركات المقاومة في المنطقة هو مضمون أمر عمليات دونالد ترامب الذي أبرزته خطوات ومواقف وقرارات عدة اتخذت مؤخرا.
– استمرار التعبئة التحريضية ضد الصعود الروسي الصيني رغم المجاملات الدبلوماسية الناتجة عن التوازنات والهادفة لتحاشي التصادم.
– استمرار جميع العقوبات التي استهدفت روسيا وغياب التنسيق الجدي بين موسكو وواشنطن في مختلف القضايا المشتركة وبقاء الأمور عند حدود عدم الاشتباك بدلا من الانتقال إلى التعاون والتفاهم الذي توقعه كثيرون وبالغوا في ارتقاب نتائجه.
– تبنت إدارة ترامب توصيات مراكز التخطيط المرتبطة باللوبي الصهيوني حول السعي لمحاصرة الحلف الإيراني الروسي الصيني والسعي إلى إضعافه وتفكيكه والوقائع التي تثبت ذلك كثيرة بدءا من الميدان السوري.