العملية القادمة: موشيه آرنس
يقدم تقرير مراقب الدولة معلومات كثيرة حول عملية اتخاذ القرارات اثناء عملية الجرف الصامد. ورغم أن هناك مكانا للانتقاد هنا وهناك، فإن طريقة اتخاذ القرارات في الامور المتعلقة بالعمليات العسكرية، تحسنت بشكل كبير منذ اقامة مجلس الامن القومي في العام 1999، وخصوصا في السنوات الاخيرة عندما كان هذا المجلس جزء من سلسلة اتخاذ القرارات.
نظرا لأن مجلس الوزراء يتشكل من الوزراء الذين يمثلون احزابا مختلفة في الائتلاف، والذين هم خصوم سياسيون ايضا، فإن النقاشات تكون احيانا، للأسف الشديد، مقرونة باعتبارات سياسية. هذا هو الثمن الذي يجب دفعه مقابل وجود ديمقراطية برلمانية. وليس هناك سبب يدفع إلى توقع تحسن حقيقي في هذا الامر في المستقبل. يجب فحص الخطة الاساسية للعملية، مثلما قدمها الثلاثي المكون من رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الاركان، مع إحداث التعديلات إذا كانت حاجة إلى عملية عسكرية اخرى في قطاع غزة.
يمكن أخذ الانطباع من تقرير المراقب بأن الانفاق التي قامت حماس بحفرها، كانت المشكلة الاساسية التي واجهت إسرائيل اثناء العملية. لا شك أنها كانت مشكلة صعبة بالنسبة لمواطني إسرائيل الذين يعيشون قرب قطاع غزة، والذين كان يمكن أن يصطدموا فجأة بالمخربين الخارجين من النفق قرب بيوتهم. ولكن المشكلة الاكبر، ذات الطابع الاستراتيجي، هي الصواريخ الموجودة لدى حماس والجهاد الإسلامي. القذائف تهدد جميع السكان الذين يعيشون قرب قطاع غزة، أما الصواريخ ذات المدى البعيد فهي تغطي جنوب إسرائيل كله. وبطاريات القبة الحديدية توفر حلا جزئيا لهذا التهديد.
اذا كانت حاجة إلى عملية اخرى ضد حماس، فستكون هي العملية الرابعة في السنوات الاخيرة. هل سيكون الحديث مرة اخرى عن عملية تستمر اسابيع طويلة مثل الجرف الصامد مع عدد أكبر من الضحايا في الطرفين. وضغط متزايد من المجتمع الدولي الذي سيطلب ضبط النفس والتهدئة؟ هل اهدافها ستكون مثل اهداف العمليات السابقة محدودة في محاولة للحصول على بضع سنوات من الهدوء وعدم اطلاق الصواريخ من القطاع على إسرائيل؟ أم أن الهدف سيكون القضاء كليا على التهديد لمواطني إسرائيل. تقرير المراقب بالطبع، لم يشمل هذه الاسئلة التي تحتاج إلى النقاش في مجلس الوزراء قبل حدوث العملية القادمة.
يجب فحص الادعاء الذي يقول إن حماس في غزة أفضل من أي بديل آخر، لذلك لا حاجة إلى التعرض لقادتها. الادعاء الذي يقول إن الحاق الضربة القاضية بحماس ومنعها من اطلاق الصواريخ وحفر الانفاق، سيؤدي إلى تورط الجيش الإسرائيلي في وحل غزة لفترة غير محدودة، هو ادعاء غير دقيق. يجب علينا الطلب من مجلس الامن القومي فحص بدائل البقاء المستمر للجيش الإسرائيلي في غزة مع انتهاء العملية.
اشخاص كثيرون سيوافقون على أن العودة على النتائج التي تحققت في عملية الجرف الصامد لن ترضي الجمهور من ناحية أمن إسرائيل، بغض النظر عن سؤال هل نجحت عملية الجرف الصامد أم لا. من الواضح أنه في المرة القادمة يجب تحقيق اهداف العملية خلال ايام وليس اسابيع. واذا حدثت عملية اخرى يجب أن يكون هدفها التهدئة الدائمة في الجنوب. يبدو أن معادلة «الهدوء مقابل الهدوء»، التي تم الاعلان عنها في المرة الاخيرة، والتي تمنح الحصانة لقيادة حماس في غزة، هي معادلة لن تحقق هذا الهدف.
هآرتس