خذوا المسؤولية واهدأوا: بن كسبيت
ماذا مر في رأس نتنياهو حين صاغ الاقوال التي قالها أمس في مستهل جلسة كتلة الليكود في الكنيست؟ فهل كانت هذه زلة لسان أفلتت منه (مثل سلطة البث)، أم قول مدروس ومخطط مسبقا؟ أراهن على الامكانية الثانية. ولمن فاته الامر نذكر بأن نتنياهو قال: «بخلاف تقرير المراقب، أنا أسند قادة الجيش الإسرائيلي، المخابرات وجهاز الأمن، الذين حموا ويحمون مواطني دولة إسرائيل».
ينبغي للمرء أن يأخذ نفسا، ويقرأ الاقوال مرة أخرى ليستوعبها. أنا، يقول نتنياهو، أعطي اسنادا لشبابنا الممتازين، بينما المراقب لا يعطي هذا الاسناد! رئيس الوزراء (الذي اختار هذا المراقب) يصرخ على مراقب الدولة لعدم اسناده قادة الجيش، المخابرات وجهاز الامن.
وبالمنطق نفسه، يمكن لنتنياهو أن يقول غدا: «أنا، خلافا للجهاز القضائي، لا أحكم على الناس». أو «انا، بخلاف الجيش، أردت بالذات أن اشتري ثلاث غواصات اخرى».
وبجدية، مراقب الدولة، حسب مفهوم نتنياهو، يجب في واقع الامر ان يوزع الاوسمة. الرقابة، في عصر نتنياهو، هي التزلف وتوزيع الثناء. الاقوال التي قالها نتنياهو أمس هي تحريض ضد المراقب، القاضي يوسي شبيرا، وضد رئيس الدائرة الأمنية في مكتب المراقب، العميد يوسي باينهورن، وضد رجال طاقمه. هكذا بلا لبس. فما هي المرحلة التالية؟ مظاهرة من «الظل» وأسوده ضد المراقب ما بعد الصهيوني الذي يتآمر على الجيش الإسرائيلي وجهاز الامن؟
كان من المعقول لرئيس الوزراء أن يقول أمس شيئا كهذا: «غدا سنتلقى تقرير الرقابة عن حملة الجرف الصامد. ونحن نرحب بذلك. وكما يعرف مواطنو إسرائيل، فإن هذه الحملة أعادت بناء الردع الإسرائيلي في الجنوب، ضربت حماس بشدة وحققت فترة هدوء نسبي وتهدئة لم نشهد لها مثيلا في العصر الحالي. اضافة إلى ذلك واضح انه كانت مواضع خلل، غير أنها فحصت ونحن نتعهد بدراستها، باستيعابها وباصلاحها».
لا، نتنياهو ليس رئيس وزراء معقول. هو رئيس وزراء حقق حياة مهنية بالشرخ والتحريض، والان يرفع هذا إلى ذرى جديدة لسبب بسيط: فهو يطل إلى خلف البحر، يرى هناك صديقه، زعيم العالم الحر دونالد ترامب. يرفع (او في واقع الامر يخفض) كل يوم مستوى ترهاته نفسه، ويبقى على قيد الحياة. ليس فقط يبقى على قيد الحياة، بل وينتصر. إذن نتنياهو هو ترامبنا، ولكن باستثناء أنه بدون الغرة. تقرير مراقب الدولة الذي ينشر اليوم (أمس) هو وثيقة هامة، جدية ومعمقة. لا حاجة لقطع الرؤوس. هذا ليس لجنة تحقيق رسمية والمراقب لا ينشر استنتاجات شخصية. التقرير يجب دراسته. مواضع الخلل يجب اصلاحها والدروس يجب تطبيقها. هكذا كانوا سيتصرفون في دولة سوية العقل.
افيغدور ليبرمان اقترح امس على حماس أخذ المسؤولية والهدوء. يخيل لي أنه يجب أن نقترح هذا الاقتراح أيضا على الساحة السياسية الإسرائيلية، من رئيس الوزراء نتنياهو جنوبا. أيها الرفاق، خذوا المسؤولية واهدأوا. أحد لا يطالبكم بالاستقالة. فليرى الجمهور ويحكم. بالاجمال نطالبكم إلا تحطموا قواعد اللعب في الديمقراطية الهشة خاصتنا. يوجد مراقب دولة، هذا دوره، وقد قام بعمل جذري، حاولوا أنتم ايضا.
يدور الحديث عن تقرير قاسٍ. في الايام القريبة القادمة سنغرق في النتائج، بعضها هازة حقا. وسيطرح السؤال كم جنديا قتل بسبب مواضع الخلل هذه وتلك. المراقب لا يدخل إلى حقل الالغام هذا، ولكن من يقرأ التقرير بين السطور، وأجرى بضع محادثات خلفية، يفهم بأن بعضا من مواضع الخلل أدى إلى فقدان كبير لحياة الانسان. يوجد في الكابنت (السابق والحالي) وزراء باتوا يقولون هذا منذ الان.
حيالهم، محظور أن ننسى بأن الجرف الصامد أدت بالفعل إلى نتائج استراتيجية ايجابية. فقد استعيد الردع، والهدوء الذي تحقق (هذه الايام بدأ يهتز) طويل نسبيا. في نهاية اليوم يوجد هنا جدال بين فكرين: حسب واحد منهما، يجب فحص السلوك السياسي والامني في كل لحظة معطاة، استخلاص الدروس وذكر القصور، من أجل التحسن في المرة التالية. في هذا الفكر، الحكومة هي جسم بيروقراطي مرتب، والكابنت هو جسم سياسي هام ينبغي أن يعرف كل شيء كي يتخذ القرارات الصحيحة.
فكر مناقض، يتبناه على ما يبدو نتنياهو ويعلون، يقول شيئا آخر: دعكم من الترهات، فالكابنت هو مجموعة أشخاص ينفسون ويسربون، والبيروقراطية لا تساعد في شيء، العمل الدراسي بشكل عام يعطي نتائج سلبية. في النهاية، كل شيء هو موضوع قيادة. المفاتيح في أيدي رئيس الوزراء، وزير الدفاع ورئيس الاركان، وهم الجسم الاداري الحقيقي، هم ينفذون وهم يقررون في سياق الحركة. في حالة الجرف الصامد، يقول هذا الفكر، النتائج تتحدث في صالح نفسها. إذن كما تقول ميري ريغف: كفوا عن الهراء ودعونا نعمل.
كما أسلفنا، فليقرأ الجمهور التقرير وليحكم.
معاريف