فلسطين والتحديات الراهنة
غالب قنديل
تضمن خطاب الامام الخامنئي في المؤتمر السادس لدعم الانتفاضة قراءة تاريخية وتحليلية تبلور صورة التحديات الراهنة لحركة الصراع وتضع قاعدة واضحة للأولويات انطلاقا من رد الاعتبار لمركزية قضية فلسطين التي سجل الخامنئي حقيقة تراجع الاهتمام بها بعد نجاح الحلف الاستعماري في اغراق بلدان المنطقة بالحروب والفتن وحيث توخى مؤتمر طهران ارجاع القضية الى صدارة الاهتمام بعدما افلح محور المقاومة في صد غزوة التوحش والتكفير التي اطلقها الغرب وعملاؤه في المنطقة وحيث تلعب إسرائيل والحكومات العميلة العربية والاقليمية ادوارا رئيسية في التدمير والتمزيق .
اولا يمكن لفحص تاريخ القضية الفلسطينية علميا ان يبين درجة تمسك شعب فلسطين بارضه ووطنه واستعداده المتواصل لتقديم التضحيات من خلال المقاومة والانتفاضات المتلاحقة ضد الاحتلال وبالتالي فان من يريد التقدم للنضال ينطلق من ارضية صلبة فالشعب الفلسطيني البطل لا يعطي في سيرته ذريعة او تبريرا لمتخاذل او مستسلم .
ثانيا ان مسار الاستسلام الذي دفعت فيه قضية فلسطين بتخطيط استعماري وبتواطؤ من الحكومات الرجعية في المنطقة بلغ مرحلة الانكشاف والفشل منذ زمن وبالذات بعد اتفاقات اوسلو التي بنيت على ايهام الفلسطينيين بان قبول منطق التنازلات يؤمن الحصول على بعض الحقوق وجاءت الحصيلة معاكسة كليا وهو ما حذرت منه قوى المقاومة ومحورها في البداية وهذا يعني بعد انتقال العدو الى مرحلة تأكيد فكرة الدولة اليهودية والتصميم على تكريس الاحتلال والاستيطان مباشرة التمهيد لعمليات اقتلاع جديدة ولفصول سياسية خطيرة لاستكمال مسار التصفية التاريخية لقضية فلسطين بتغطية رجعية شاملة في المنطقة ولا خيار سوى الانتفاضة والمقاومة لصد التحديات الناتجة عن هذا المسار.
ثالثا تناول السيد الخامنئي الوضع السياسي الفلسطيني وانقساماته داعيا الى ادارة الاختلافات وتنظيمها لمنع تحولها الى تناحر او اشتباك وهو اقترح بذلك مهمة راهنة لجميع القوى والقيادات الداعمة لقضية فلسطين في المنطقة وحيث برز دور الرئيس نبيه بري في رعاية وتحريك خطوط الحوار الفلسطيني بحثا عن حد ادنى من التفاهم الوطني.
رابعا ان النبرة السياسية لمتحدثي الفصائل الفلسطينية في المؤتمر اظهرت كمية كبيرة من التباينات التي تستدعي المعالجة وهي تتركز على الموقف من مسار التفاوض العقيم ومن قيام السلطة الفلسطينية بالتنسيق مع الاحتلال وكيفية احياء جذوة الانتفاضة والمقاومة وتحقيق الوحدة الوطنية على اسس واضحة تبنى على دروس التجربة.
انطلاقا من ادراك هذا المشهد دعا السيد الخامنئي المشاركين في المؤتمر لحصر النقاش في قضية فلسطين والانتفاضة وهو مدرك اصلا لوجود خلافات كثيرة تتعلق بتورط حماس في الحرب على سورية والدور المشبوه لقطر وتركيا وهي مسائل المح اليها السيد الخامنئي من غير تناولها او تسميتها.
خامسا اكد مرشد الجمهورية ان ايران ستقدم دعمها للفصائل الفلسطينية بمعيار الالتزام الكفاحي والنقاء المبدئي في تجسيد فكرة تحرير فلسطين وهي لن تميز على اي اسس سياسية او عقائدية وتعمد ذكر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الى جانب فتح وحماس والجهاد بعد عقود من العلاقات التي كرست انطباعا بتقديم العلاقة بيافطات رسمية او اسلامية وعدم الاهتمام بقوى يسارية حتى لو كانت متقدمة في ميادين النضال ومتميزة بالنهج السياسي التحرري الجذري كما هي الجبهة الشعبية التي انتزعت الاهتمام والاحترام في طهران خلال السنوات الاخيرة بثباتها الكفاحي ومواقفها السياسية المبدئية.