الاعتداءات على غزة هل تؤدّي إلى مواجهة جديدة؟ حميدي العبدالله
شنّت طائرات العدو الصهيوني سلسلة من الغارات على قطاع غزة، ربما كانت الأعنف منذ آخر حرب شنّها العدو الصهيوني على القطاع، وباءت بالفشل ولم تحقق الأهداف التي سعى إليها قادة العدو الذين أطلقوا شرارة الحرب.
تساءل كثيرون ما إذا كانت هذه الاعتداءات هي مؤشر على قرب اندلاع مواجهة كبرى بين جيش العدو وبين المقاومة الفلسطينية، لا سيما أنّ اليمين الأشدّ تطرّفاً هو الذي يهيمن الآن على مقاليد السلطة في الكيان الصهيوني، ويحظى بدعم غير محدود وغير مسبوق من الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب. واضح أنّ ثمة معادلة لا تزال تحكم الصراع بين المقاومة وجيش الاحتلال، وهي ذاتها المعادلة التي قادت إلى فشل ثلاثة حملات كبرى قامت بها قوات الاحتلال وفشلت في تحقيق أهدافها، وبالتالي طالما استمرّت هذه المعادلة فإنه من المستبعد أن تندلع مواجهة كبرى جديدة بين غزة والاحتلال الصهيوني.
من جانب قوات الاحتلال لوحظ أنّ جميع الهجمات التي شنّتها قوات الاحتلال، سواء الطائرات المعادية أو مدفعية العدو، حرصت على أن لا تتسبّب بوقوع ضحايا، سواء كانوا من المدنيين أو من مقاتلي فصائل المقاومة. بديهي أنّ هذا السلوك لم يعتده جيش العدو عندما يسعى إلى التحضير لحرب واسعة، ان تجنب وقوع شهداء جراء الاعتداءات الإسرائيلية كان مقصوداً لكي لا يستدعي رداً من المقاومة ضدّ المستعمرات يرغم حكومة العدو على خوض مواجهة واسعة، وهي على قناعة بأنها غير قادرة على ربحها، مهما كان حجم الدمار الذي ستلحقه بالمقاومة. كما أنّ تل أبيب على قناعة بأنّ الوضع الحالي في المنطقة وعلى المستوى الدولي يتيح فرصة تهويد المزيد من الأراضي الفلسطينية، فلماذا الإنجرار إلى مواجهة تعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام.
بالنسبة للمقاومة، فإنّ حساباتها هي الأخرى لا تحبّذ الانجرار إلى مواجهة جديدة، فقطاع غزة ما زال محاصراً، وسكان القطاع لم يتمكنوا من إعادة إعمار ما هدمته ثلاثة حروب كبرى شنّت على القطاع في ظلّ هذا الحصار، ومن حق سكان القطاع التقاط أنفاسهم وتجنيبهم حرب تدمير أخرى إذا كان ذلك ممكناً. وبديهي أنّ فصائل المقاومة تأخذ هذه الحسابات بعين الاعتبار. ثم أنّ الانجرار إلى مواجهة واسعة مع العدو في ظلّ الظروف الراهنة، ولا سيما وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث جاهر بمواقف عدائية ضدّ الفلسطينيين تجاوزت التزامات كلّ من سبعة من رؤساء الولايات المتحدة، عمل قد يكون مكلف جداً.
هذه الحسابات لدى كلا الطرفين تجعل احتمال الانزلاق إلى حرب جديدة بين المقاومة في غزة وجيش الاحتلال احتمالاً ضعيفاً للغاية.
(البناء)