اعلان البيت الابيض ضوء احمر لنتنياهو : براك ربيد
على مدى اسبوع ترددوا في البيت الابيض حول كيفية الرد على الجدل والاعلان الذي خرج من القدس حول بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات. التعاطي الجوهري الاول لادارة ترامب مع هذا الموضوع تمت صياغته بقفازات حرير، بدبلوماسية وأدب، لكن السطر الاخير كان واضحا – بالنسبة لرئيس الولايات المتحدة فان حكومة اسرائيل منذ نهاية الاسبوع توجد تحت التحذير.
اعلان البيت الابيض يبين أنه حتى لو حدث تغيير بالمقارنة مع سياسة اوباما، فانه ليس دراماتيكيا في هذه المرحلة. ترامب يعود عمليا الى سياسة جورج بوش الابن فيما يتعلق بالمستوطنات. أي أن الهدف الرئيسي له هو اتفاق سلام اسرائيلي فلسطيني على أساس حل الدولتين. وحسب الاعلان فان البناء في المستوطنات لا يخدم تحقيق هذا الهدف.
إن الحدود التي وضعها ترامب في الاعلان تشبه التي وضعها جورج بوش الابن – معارضة اقامة مستوطنات جديدة والموافقة على البناء فقط في الكتل الاستيطانية القائمة. في اطار خط المنطقة المبنية. ورغم أن هذا الامر لم يكتب بشكل واضح فان حدود هذه السياسة هو البناء في الكتل الاستيطانية فقط.
السياسة التي قدمها البيت الابيض فيما يتعلق بالمستوطنات تمثل موقف أولي فقط. وفي الاعلان الامريكي تم التأكيد على أن ترامب لم يبلور بعد سياسة نهائية ورسمية في هذا الامر. هذا الموقف الاولي تم توضيحه بشكل علني قبل أن يقوم ترامب باجراء حتى لو محادثة واحدة مع الفلسطينيين، ولم يتناقش في الموضوع مع زعماء الدول العربية بشكل عميق، باستثناء محادثة قصيرة مع ملك الاردن في يوم الخميس. والامر الواضح هو أنه بعد اسبوعين من دخول ترامب لمنصبه في البيت الابيض وقبل ايام معدودة من لقائه مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، عاد موضوع المستوطنات ليكون الموضوع المركزي في الخلاف بين اسرائيل والولايات المتحدة. من هذه النقطة، الانتقاد الامريكي للمستوطنات قد يشتد.
في يوم الخميس، قبل نشر اعلان البيت الابيض فيما يتعلق بالمستوطنات، حصل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على مكالمة هاتفية من وزير الخارجية الامريكي الجديد ريكس تلرسون. والاخير قد يكون جيمس بيكر نموذج 2017، يأتي لعلاج عملية السلام كورقة بيضاء. ولم يسبق أن تحدث في هذا الامر، ومشكوك فيه أنه تحدث حتى لو مرة واحدة في حياته مع اسرائيلي أو مع فلسطيني في هذا الموضوع. إن دخول تلرسون الى منصبه يعيد للصورة ولعملية اتخاذ القرارات وزارة الخارجية في واشنطن. ومشكوك فيه أن هناك دبلوماسي امريكي واحد يؤيد البناء في المستوطنات، أو نقل السفارة الامريكية الى القدس أو ضم الضفة الغربية لاسرائيل.
لقد نجح البيت الابيض في استيعاب القرار الاول لرئيس الحكومة نتنياهو ووزير الخارجية ليبرمان قبل اسبوع ونصف حول المصادقة على 2.500 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات. مكتب رئيس الحكومة أبلغ مسبقا البيت الابيض حول القرار، وكان الرد الامريكي الضعيف منسق. والقرار الثاني من الاسبوع الماضي للمصادقة على 3 آلاف وحدة سكنية اخرى لم يكن منسقا. وكذلك تصريح نتنياهو أنه سيقيم لاول مرة منذ عشرين سنة مستوطنة جديدة في عمق الضفة الغربية من اجل المخلين من عمونة. هذا الامر لم يتمكن البيت الابيض من استيعابه، وقال إنه حتى لو غض النظر عن البناء المحدود فانه لا يمكنه الصمت على سياسة حكومة اسرائيل في المستوطنات.
اللقاء بين نتنياهو وترامب في 15 شباط سيكون لقاء حاسما للمستقبل. الرئيس الامريكي يريد احداث التقدم في العملية السلمية وسينتظر ليسمع كيف يريد نتنياهو تحقيق ذلك. وقد كان تصريح البيت الابيض مثابة تحذير لنتنياهو كي يأتي مع البضاعة. ونتنياهو واعضاء الكابنت الاسرائيلي شاهدوا كيف يتصرف ترامب مع القادة الذين يعتبرهم عائقا أمام تحقيق أهدافه. والامر الاخير الذي تريده اسرائيل هو أن يقوم ترامب باغلاق الخط في وجه نتنياهو ويعلن أنه خسارة على الوقت، أو يقوم بالتغريد في تويتر ويقول إنه ينتظر المقابل للمساعدة التي تقدمها الولايات المتحدة لاسرائيل.
هآرتس
الإنعطافة الأمريكية إذن رئاسي للاستيطان: سيفر بلوتسكر
لا يمكن للمرء ان يكون متأكدا – لدى الرئيس دونالد ترامب لا يمكن للمرء أن يكون متأكدا من أي شيء – ولكن يجب أن نكون جاهزين. جاهزون لانعطافة حادة في نهج البيت الابيض تجاه المستوطنات. فهي واردة في بيان ترامب، بتوقيع الناطق بلسان البيت الابيض كما نشر بعد إعلان نتنياهو عن نيته الاذن باقامة مستوطنة جديدة في المناطق. وقد كررها الناطق كلمة بكلمة في المؤتمر الصحفي يوم الجمعة.
قرابة ربع قرن امتنعت حكومات إسرائيل عن إقرار إقامة مستوطنات يهودية جديدة في يهودا والسامرة وشددت على أن البناء في المناطق يتم فقط وحصريا في “حدود” المستوطنات القائمة. فالحدود واسعة بما يكفي لاستيعاب نصف مليون يهودي آخر، دون اكتظاظ. أما اعلان نتنياهو، فيتناقض مع هذا المبدأ غير المكتوب، وفي الايام العادية كان يمكن، بالتالي، توقع شجب حاد من البيت الابيض.
ولكن الايام غير عادية. بيان ترامب ليس فقط مصوغ بلغة رقيقة، بعيدة عن الشجب، بل ويعبر ايضا عن سياسة جديدة تماما. فقد تقرر فيه بان برأي الادارة الامريكية فان المستوطنات القائمة “ليست عائقا للسلام”. وتقرر فيه بان فقط إقامة مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة الى ما يتجاوز حدودها الحالية “كفيل ألا يجدي في تحقيق الهدف” الذي تحدد كـ “سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين”.
والاستنتاج الناشيء، الجلي لعين الجميع: ترامب يعطي حكومة إسرائيل ضوء أخضر للبناء كما تشاء في المستوطنات في المناطق، على الا يخرج البناء عن نطاق حدودها – حدود رسمتها إسرائيل نفسها. وحتى لو خرجت، فلا بأس، فقد اوضح البيان أيضا بان ترامب لم يبلور بعد موقفه النهائي في المسألة. وينتظر لقاء نتنياهو.
إن لم تكن هذه انعطافة فما هي الانعطافة.
مجموعة من المحللين في وسائل الاعلام الامريكية والاوروبية لم تتحرر بعد من رؤية ترامب كمواصل طريق الرؤساء السابقين وليس كثوري شعبوي. هكذا ايضا في حالة موقفه من المستوطنات: ها هو، ترامب “يتبنى المواقف الاساس لسياسة اوباما الخارجية”، هتف اولئك المحللون. وهذا بوضوح أمر منفر.
ليس صدفة أن غاب عن البيان الرئاسي، وكذا أيضا عن التصريحات القليلة لترامب في موضوع النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني اصطلاح “حل الدولتين”. يبدو على نحو ظاهر أن ترامب لا يؤمن باحتمال مثل هذا الحل ويميل الى تسوية من نوع آخر، تقوم على اساس فكرة الحكم الذاتي الفلسطيني.
فكرة الحكم الذاتي طرحت لاول مرة في اتفاقات كامب ديفيد في 1977. واصطلاح “حكم ذاتي” من قبل 40 سنة يساوي اليوم ما يصفه نتنياهو كـ “دولة فلسطينية ناقص”، أو “سلطة زائد” بلغة ما بعد اوسلو. والمقصود، كما يبدو، خلق وضع يكون فيه في المنطقة بين البحر المتوسط ونهر الاردن حاكم صاحب سيادة أمنية أعلى واحد، اسرائيل، والسيادة المدنية المتبقية تتوزع كيفما اتفق بين اسرائيل وحكم ذاتي (جمهوري؟ جماهيري؟) فلسطيني ينال معظم رموز الدولة المستقلة، دون أن يكون كذلك.
من غير المستبعد أن تدعى مملكة الاردن للمشاركة في التسوية أو الصفقة – الكلمة المحببة على ترامب – بحيث تعكس في أساس الامر الوضع القائم في المناطق. لا تخلى أي مستوطنة، وفي أقصى الاحوال تتحرك. وهذا فارق شاسع: في عهد شارون وبوش اخليت المستوطنات اليهودية من قطاع غزة وسكانها نقلوا الى اسرائيل. في عهد نتنياهو وترامب عمونه تتحرك فقط وسكانها لم يقتلعوا بل سُفِّروا (رغم أنفهم) بضع كيلومترات في داخل الضفة.
إن بيان البيت الابيض في موضوع المستوطنات ينخرط على نحو جميل في السياسة الخارجية للادارة الجديدة. قد لا يكون ترامب يتطلع لان يلغي بشطبة قلم الاتفاق النووي مع ايران، ولكنه لن يذرف دمعة اذا ما انهار النظام كنتيجة لخطوات ايرانية وردود فعل أمريكية. فالعقوبات التي فرضها في نهاية الاسبوع على ايران هيأت المساء السريع لذلك. ولا تستبعدوا من الحساب عملا عسكريا للولايات المتحدة في كوريا الشمالية، اذا ما اغريت هذه لتجربة على صاروخ نووي بعيد المدى.
لدى ترامب، كما قلنا، من الصعب ان نعرف مسبقا الى أين تهب الريح الباردة ولكن من المؤكد بان ما سيكون لم يسبق أن كان.
يديعوت