إسرائيل وأمريكا أختان: جدعون ليفي
انظروا إلى أمريكا الجديدة، التي تعود الآن بسرعة كبيرة إلى مجدها ـ وانظروا إلينا. إن كل المتضعضعين لدينا من سياسة دونالد ترامب لا يرون أين نعيش: من الصعب رؤية الحدبة التي على ظهرك. البخيل يكره البخلاء الآخرين، الكاذب يكره الكاذبين الآخرين والتحفظ في اسرائيل من ترامب قد ينبع من الشبه المخيف معه.
الولايات المتحدة واسرائيل تتقاسمان المبادىء نفسها ـ لم يسبق أن كان هذا الكليشيه صحيحا إلى هذا الحد. أمريكا واسرائيل أختان، أختان في الطريق، الآن أكثر من أي وقت مضى.
لقد أغلق ترامب بمرسوم واحد بوابات بلاده أمام مواطني سبع دول إسلامية (لقد تم تجميد هذا المرسوم بشكل مؤقت من قبل القاضي الفيدرالي)، في خطوة أثارت الزعزعة في البلاد وفي العالم. وماذا عن اسرائيل؟ لقد أغلقت منذ زمن أبوابها بشكل اعتباطي مشابه. أولا، أمام أبناء البلاد: لا يسمح للفلسطينيين السفر في مطاراتها. اولئك الذين في الضفة، ليس جميعهم، مسموح لهم الدخول والخروج عن طريق الاردن، واولئك الذين في غزة محاصرون.
كل شيء مغلف بالاعتبارات الأمنية، بالضبط مثلما لدى ترامب. فطبيب فلسطيني في اسرائيل وطبيب إيراني في أمريكا يشكلان الخطر الوهمي نفسه. اغلبية الفلسطينيين لا يسمح لها بالدخول إلى اسرائيل، فقط لكونهم فلسطينيين. وهكذا ايضا اغلبية مواطني الدول العربية مثلما هو الحال لدى ترامب. ايضا من يقوم بالزيارة قد يتعرض للتحقيق مثلما في أمريكا. ومواطنو اسرائيل العرب يتعرضون للإهانة في طريقهم إلى بلادهم ومنها فقط بسبب قوميتهم. وقريبا سيكون الحال كذلك لدى ترامب. وقريبا يمكن أن تكون لديه شرطة أفكار مثلما في اسرائيل، حيث يتم إغلاق الأبواب بناء على المواقف والآراء. قُل بي.دي.اس وسيغلق الباب. قُل لا للاحتلال وسيمنع الدخول.
ترامب لا يريد لاجئين في بلاده، واسرائيل مثله. عندما يكون اغلاق الولايات المتحدة أمام اللاجئين الذين هربوا خوفا على حياتهم، تنشأ في اسرائيل ذكريات شديدة، من الأفضل أن يتذكر المتزعزعون أن اسرائيل تعترف بطالبي اللجوء من افريقيا كلاجئين. لقد طردت من اراضيها اجانب أكثر من ترامب وبطرق سيئة، واحيانا كانوا يموتون، وقد قامت بحبس الأجانب بدون محاكم. وفي مجيدو ايضا يوجد غوانتنامو.
نور للأغيار منح الإلهام لترامب من اجل احاطة بلاده بالجدران. نور الأغيار يؤمن بالجدران وليس الجسور، ومثله ايضا زعيم العالم الحرب. ترامب أعجب بالجدران التي اقامتها اسرائيل ونتنياهو أعجب بترامب. هل يوجد افضل من جلوس الأخوة معا.
أمريكا الجديدة واسرائيل القديمة لا تحبان الأجانب والعرب. وفي الدولتين يعيش الليبراليون على أطلال الماضي وكأن الوضع كان افضل في السابق. ولكن أمريكا ـ مع عدد السجناء الأكبر في العالم وعقوبة الاعدام والشرطة العنصرية دائما وأبدا ـ تتلاعب بذاكرتهم. ايضا في اسرائيل التي تشتاق إلى ايام ما قبل نتنياهو يحبون نسيان الخمسينيات الظلامية والسبعينيات الظلامية بقيادة اليسار.
الدولتان تزعمان الديمقراطية السامية، «زعيمة العالم الحر» و«الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط»، وفيهما كليهما لا يوجد غطاء لذلك إلى حد كبير. وفيهما يوجد معسكر ليبرالي مع ذراع طويلة ولافتة في النضال المدني. ولكن الآن عندما نغار من الاحتجاج الكبير في الولايات المتحدة ونبكي على اللامبالاة في اسرائيل، يجب علينا تذكر أن قوة الاحتجاج هي في استمراره. في اسرائيل ايضا كانت احتجاجات لافتة بعد حرب 1973 وبعد صبرا وشاتيلا، لكنها تلاشت بسرعة. احتجاج ترامب يجب أن يثبت نفسه مع الوقت.
الدولتان الأختان يجب عليهما اعطاء الإلهام لبعضهما البعض وأن تشجعا بعضهما البعض على التشدد ضد الضعفاء والأجانب. أمريكا تعترف أكثر بعنصريتها، أما العنصرية في اسرائيل فهي أكثر شرعية. وقد تكون هذه أنباء جيدة لهما، عندما تخرج كل هذه المجاري، يمكن أن يأتي الرد التطهيري. وفي اسرائيل ليست هناك علامات على ذلك في الوقت الحالي.
هآرتس