ترامب يفتعل معركة ضد إيران
غالب قنديل
تحركت الولايات المتحدة ضد إيران مجددا وبعد شمول الرعايا الإيرانيين في قرار حظر السفر الصادر عن الرئيس دونالد ترامب برز موقف عدائي جديد من خلال إثارة موضوع تجارب إيران الصاروخية البالستية في مجلس الأمن الدولي الذي دعي إلى جلسة طارئة حول الموضوع .
التجارب الصاروخية الإيرانية لا تمثل أي خرق للاتفاق النووي كما أكدت مواقف صدرت عن مسؤولين كبار إيرانيين وروس وصينيين وسبق لوكالة الطاقة النووية الدولية مؤخرا أن أكدت دقة الالتزام الإيراني بالاتفاق النووي وعدم تسجيل أي خروقات في تنفيذ الالتزامات الإيرانية الواردة في نصوص الاتفاق وملحقاته وقد توسع القادة الإيرانيون في ترسيخ صورة الطابع الدفاعي للتجارب الصاروخية التي لا تحمل أي فرصة للإيحاء بسير إيران في طريق التسلح النووي خلافا للاتفاق مع المجموعة الدولية فالصواريخ الباليستية الجاري اختبارها هي صواريخ تقليدية وليست مؤهلة لحمل رؤوس نووية كما جزمت طهران ردا على حملات واشنطن وتل أبيب.
ما يهدد المنطقة منذ عقود هو ترسانة إسرائيل النووية التي ترعاها واشنطن وتحميها وبدلا من اتخاذ خطوات رادعة لطمأنة دول المنطقة اتجاه هذا الخطر تحث إدارة ترامب الخطى في تأكيد التحالف مع الكيان الصهيوني الذي خصه باراك اوباما بالمليارات لأغراض عسكرية طيلة عشر سنوات قادمة بينما يقدم دونالد ترامب دعمه السياسي للكيان الصهيوني من خلال قراره الخاص بنقل السفارة إلى القدس.
سبق لإدارة أوباما منذ توقيع الاتفاق النووي أن حاولت فرض قيود على التجارب الصاروخية الإيرانية التي شكلت موضوعا محوريا في الحملات الصهيونية المعارضة للاتفاق النووي ويبدو لكل ذي بصيرة ان الموقف الذي تتخذه إدارة ترامب يحاكي الموقف الصهيوني ويتركز على محاولة النيل من مكانة إيران الدولية والإقليمية في حين ترفض إيران تكريس سوابق تمس باستقلالها وكرامتها القومية وبقدراتها الدفاعية المشروعة وتلقى مساندة قوية من روسيا والصين وسائر الحكومات المستقلة عن الهيمنة.
ترامب ينفذ وصايا بطانته من المحافظين الجدد واللوبي الصهيوني في هذا الاشتباك السياسي مع إيران ويسعى لممارسة ضغوط على دولة قوية وفاعلة إقليميا في محاربة الإرهاب التكفيري وهذا ما يعاكس مزاعمه عن اولوية مكافحة الإرهاب كقاعدة لعلاقات الولايات المتحدة في المنطقة والعالم وهو اظهر مسايرة نافرة للتحريض السعودي على إيران خلال مكالمته مع العاهل السعودي وفق ما نشر عن المكالمة بينهما.
إذن فالبعدان الصهيوني والسعودي حاضران في خلفية الضغط على إيران وفي عدائية واشنطن اتجاهها بصورة تعكس توجها مغامرا وغير عقلاني ستكون كلفته عالية على المصالح الأميركية إذا ما دفع ترامب بمزيد من الخطوات الاستفزازية .
خلال السنوات الماضية أثبتت القيادة الإيرانية قدرتها على خوض المعارك الدبلوماسية والسياسية والتفاوضية ببراعة وهدوء بينما هي تجيد تظهير قوتها وإمكاناتها الدفاعية الرادعة وفي حال ركب الرئيس الأميركي الرهانات الخشنة سيواجه اختبار القوة الأصعب وسيخضع مجددا للواقعية التفاوضية كما فعل سلفه باراك اوباما عندما حسم امر التفاوض مع إيران عبر المجموعة الدولية والتوصل إلى اتفاق بعد تراجعه عن قرار ضرب سورية في أيلول 2013 .