الترامبية أم النازية: نتسان هوروفيتس
منذ بداية الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة كان لي جدل مع بعض الزملاء الأمريكيين والإسرائيليين حول من الذي سيوقف من. هل المؤسسة هي التي ستوقف ترامب أم العكس هو الصحيح؟ وأثناء الانتخابات التمهيدية ادعى زملائي أن المؤسسات السياسية في اليمين لن تسمح له بالوصول إلى رئاسة الحزب الجمهوري. ولكنه هزم خصومه الـ 16 وفاز بتعيين الحزب للرئاسة. وبعد ذلك، زعموا أن المؤسسات الإعلامية والمالية ستمنع انتصار ترامب في الانتخابات. والآن يتحدثون عن التقديرات/ الأمل، بأن المؤسسة الحكومية بأذرعها الضخمة والأجهزة الأمنية والقضائية، ستكبح الرئيس. أو حتى تقوم بعزله.
لا يوجد لذلك أي أساس. والتجربة التاريخية تؤكد على أن المؤسسات تنجر حسب روح القائد وليس العكس. ولا حاجة إلى تبديل اصحاب الوظائف، فهم يتحولون إلى موالين للسلطة الجديدة. في كتاب «في حديقة الحيوانات المفترسة» يتحدث اريك لارسون عن الطريقة التي توافق فيها المؤسسات القوية على ما يفرضه النظام الجديد. بطل الكتاب هو وليام ديفيد الذي وصل إلى برلين كسفير للولايات المتحدة بعد صعود هتلر ببضعة أشهر. ولم يكن هذا الشخص دبلوماسيا ومهنيا، ولم يكن من المؤسسة الحكومية، لقد كان بروفيسورا في التاريخ وشخصا متواضعا، الأمر الذي مكنه من رؤية التحولات في المانيا بعيون ثاقبة.
وسيتم القول على الفور: ترامب ليس هتلر، والولايات المتحدة 2017 ليست المانيا 1933. ولكن الفرق الكبير بالتحديد هو الذي يساعد على تأكيد النقطة الحساسة: التحولات في المؤسسة. السفير الأمريكي أوجد إثباتا مباشرا للسرعة الكبيرة التي حدث فيها التحول والتأقلم من قبل المجتمع في المانيا مع النظام الجديد. في رسالته للرئيس روزفلت وفي التقارير التي أرسلها لوزارة الخارجية، وصف ديفيد كيف أن الاجهزة القضائية والشرطة تخضع بتحمس للأوامر الجديدة. معلمون وأصحاب مصالح وموظفون لم يكونوا بحاجة إلى قوانين مفصلة، كانوا متحمسين للانضمام إلى المباركة. والشرطة غضت نظرها عندما قام الزعران النازيون بضرب اليهود، وأحيانا كانوا مشاركين بأنفسهم في الاعتداء. بروفيسورات في الجامعات تعرضوا للطلاب، وموظفون في جميع المستويات أغرقوا النخبة باقتراحات من أجل الملاحقة. إن أساس الكتاب حسب رأيي هو الوصف الثاقب للسيرورة الاجتماعية: نزاهة «المواطن البسيط» مع الروح الجديدة من فوق. خلال أشهر معدودة تغيرت دولة كبيرة بشكل كبير.
إذا كان هذا ما حدث للمؤسسة أمام النظام والايديولوجيا النازية المتطرفة جدا، فيمكننا أن نفهم أن التفكير بأن المؤسسة الأمريكية ستوقف شخصا مثل ترامب، مخطىء. لأن ترامب ليس من ضمن هذا التصنيف. ولماذا تقوم بوقفه أصلا؟ لقد تم انتخاب ترامب بشكل قانوني. وبالنسبة للمؤسسة فإن جزءا من خطواته يرتكز على ما هو قائم. وعندما أعلن بأن التعذيب ناجع، فهو تحدث عن التجربة الأمريكية في تعذيب المعتقلين. وعندما وعد ببناء الجدار ـ يوجد جدار بطول مئات الكيلومترات على حدود المكسيك. لقد قمت بزيارة المكان عندما بني في العقد الماضي. وطرد المهاجرين غير القانونيين؟ 2.5 مليون تم طردهم في عهد اوباما. المؤسسة لن توقف ترامب لأنها توجد هناك.
إن مغزى الترامبية، كما بدأ يفهم المواطني البسيط، هو أنه طالما كنت مستقيما مع الخط من أعلى، يمكنك فعل كل شيء. لذلك ازداد عدد الأحداث العنصرية في الولايات المتحدة منذ فوز ترامب. إلى أي حد ستبذل المؤسسة جهودها لوقف ذلك؟ والجواب على ذلك لا يطمئن: لا يمكن الاعتماد عليها في علاج ذلك. الحركة المدنية هي التي ستضطر إلى إدارة النضال.
إن جميع طلبات وتوسلات السفير في برلين لأن ترد الولايات المتحدة بصرامة على التعرض لليهود، عادت خاوية. وفي نهاية الأمر قيل له إن التدخل الأمريكي سيسلط الأضواء على التمييز ضد السود في الولايات المتحدة.
هآرتس