مقالات مختارة

ترامب والإخوان المسلمين والإرهاب: تسفي برئيل

 

السؤال الجديد الذي يقلق إدارة ترامب الآن هو هل يجب اعتبار حركة الإخوان المسلمين حركة إرهابية. بعد أن وقع على أمر رئاسي يمنع دخول المسلمين من 7 دول عربية إلى الولايات المتحدة وبعد أن أعلن أنه سيعطي إذنا بفتح سجون سرية في العالم ويسمح بالتعذيب فإنه قد يحقق أمنية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وتحويل خصومه الألداء أعضاء حركة الإخوان المسلمين إلى نشطاء إرهاب، والذين هم هدف في أرجاء العالم.

مشكلة دونالد ترامب هي الحاجة إلى الإثبات أن الحركة فعلا تستخدم الإرهاب وأنها ليست فقط عدو سياسي للنظام المصري. إذا اكتفى بإثبات تقدمها مصر سيكون لديه الكثير من المواد المؤيدة لقراره لكنه سيضطر حينها إلى مواجهة بعض المشاكل السياسية الصعبة. أولها هي الموقف التركي الذي يمنح الرعاية للحركة ويسمح لنشطائها بالتحدث في محطات التلفاز حيث يتحدثون عن بشائع النظام المصري وأعمال الجيش ضد المواطنين، وتركيا أيضا تمول الميليشيات المتمردة في سوريا والتي هي تابعة للإخوان المسلمين وتعتبرهم حلفاء المستقبل حين يقوم نظام جديد في سوريا.

التعاون الوثيق بين تركيا والإخوان يشكل أيضا أساس الانقطاع الدبلوماسي بين مصر وتركيا منذ 2013. قال صحافيو مصر أنه في حوار هاتفي بين ترامب والسيسي بعد أداء القسم تحدث عن تأييده لصراع الرئيس المصري ضد الإرهاب، ومن هنا فإنه قد يساعده في الحرب ضد الإخوان. ولكن هل سيضغط ترامب على تركيا من أجل تسليم نشطاء الإخوان لمصر كما يطالب السيسي؟

في تركيا قد يقترحون صفقة دائرية: مقابل وقف نشاط الإخوان في تركيا سيطلب رجب طيب اردوغان من ترامب تسليم فتح الله غولان رجل الدين الذي يتهمه اردوغان بتخطيط محاولة الانقلاب في يوليو/تموز 2016. ولكن من أجل أن تحدث هكذا صفقة سيكون على مصر وتركيا إصلاح العلاقات بينهما. وهذا يتطلب اعترافا كاملا من اردوغان بنظام السيسي، حيث يعتبره زعيم غير شرعي بعد أن قام بإسقاط حكومة الإخوان المسلمين بالقوة، أما السيسي فمطلوب منه استئناف العلاقات الاقتصادية مع تركيا والتي قام بإلغائها قبل ثلاث سنوات.

للوهلة الأولى يبدو أن فرصة حدوث ذلك ضعيفة. الزعيمان معروفان بعنادهما والأنا الخاصة بهما. الاتهامات المتبادلة في السنوات الأخيرة تشبه تلك التي كانت بين اردوغان ورؤساء حكومة إسرائيل قبل المصالحة. وقد ثبت أن الاتهامات لا تمنع المصالحة حين تكون المصالح الاستراتيجية على المحك. فقد تصالح اردوغان ليس فقط مع إسرائيل بل مع روسيا أيضا والتي فرضت عقوبات صعبة على تركيا بعد إسقاط الطائرة الروسية وغير أيضا موقفه من الأسد، ومع بقائه كرئيس لسوريا في الفترة الانتقالية. مصر مهمة لتركيا ليس فقط لأنها تستثمر بخمسة مليارات دولار ـ مصر تشكل رأس جسر بين تركيا وأفريقيا. هذا هو أيضا السبب الأساسي لأهمية تركيا في نظر مصر.

من الممكن ملاحظة إشارة التغيير من خلال الزيارة المتوقعة هذا الاسبوع لوفد تجاري تركي للقاهرة حيث أن أعضاءه سيلتقون مع قادة مصريين ومن ضمنهم وزير الصناعة. على رأس الوفد التركي سيقف رفعت هيسارجي كليأولو، وهو رئيس اتحاد مكاتب الصناعة والبورصة في تركيا حيث أن معظم الشركات التركية تخضع لأمرته. صحيح أن زيارة مشابهة تمت عام 2015 ولم تؤد لنتائج فورية خاصة بسبب الإسفين الذي وضعه اردوغان للسيسي من خلال وضع تمثال ليد ترفع أربع أصابع وهو شعار حركة الإخوان المسلمين على طاولته. ولكن يبدو أن الزيارة هذه المرة تحظى بغطاء الرئيس التركي.

الحجر الذي ألقاه ترامب إلى بركة الإرهاب قد يثمر بنتائج سياسية مهمة ولكن أين سيكون الصراع ضد الإرهاب؟ يمكن التشكيك بفرضية أن شمل الإخوان المسلمين في قائمة منظمات الإرهاب أو وضع جدار دفاعي حول الولايات المتحدة لمنع دخول المسلمين قد يفيد. العمليات في الولايات المتحدة وأوروبا لا تتم من قبل الإخوان المسلمين، وفي مصر أيضا معظم العمليات تتم على يد نشطاء القاعدة أو «تنظيم الدولة» (داعش). يجب الانتباه إلى أن السعودية وافغانستان لم يعتبرهما ترامب دول إرهاب ولم يمنع دخول مواطنيهم إلى الولايات المتحدة. هذا بالرغم من أن منفذي عملية 11 أيلول/سبتمبر جاءوا من السعودية وأن افغانستان هي مركز القاعدة. يبدو أن الحرب ضد الإرهاب تحظى أيضا بالليونة السياسية.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى