بقلم غالب قنديل

لا بديل عن نظام المجلسين

غالب قنديل

من حق دعاة التغيير في لبنان إبداء كامل الخشية من انبعاث عاهة تفصيل الدوائر وتركيب قواعد النظام الانتخابي على قياسات تكرس نتائج معروفة مسبقا وبآلية تتيح تمكين هيمنة جهات معروفة سياسيا واحتكارها لتمثيل طوائف بعينها في النظام اللبناني وضمان شطب معارضيها ومخالفيها داخل جمهور تلك الطوائف بقوة القانون الانتخابي كما حصل منذ اتفاق الطائف الذي غيبت وعوده الإصلاحية ومنع تنفيذها بفعل فاعلين غير مجهولين.

موقف الرئيس ميشال عون ودوره الدستوري يوفر حماية للفرصة المتاحة لكن ما تسرب حتى اليوم عن نقاشات محاولة التفاهم على مشروع القانون مثير للقلق والريبة وأبرز الملاحظات التي يثيرها النقاش للوهلة الأولى :

أولا الاستنساب الفاقع في تخصيص مقاعد طائفية محددة في دوائر معينة بتوزيع انتخابها بين النظامين النسبي والأكثري وهذا تمييز صارخ بين اللبنانيين لا يستقيم وأي معيار دستوري فالجمع بين النظامين الأكثري والنسبي يقتضي تطبيقهما على الدوائر ذاتها والناخبين انفسهم من غير أي تمييز .

ثانيا ليس منطقيا ولا دستوريا ان يجمع مجلس تمثيلي واحد بين نواب تم انتخابهم بنظامين مختلفين فيقال النائب المنتخب اكثريا والنائب المنتخب نسبيا فسيكون هذا المجلس هجينا وبدعة لا مثيل لها في دول العالم بينما الأمر الذي يغني عن كل هذا التلفيق منصوص عليه في اتفاق الطائف وهو إنشاء نظام المجلسين بانتخاب مجلس للشيوخ على أساس التمثيل الطائفي وبالانتخاب الأكثري وفي دوائر فردية وانتخاب المجلس النيابي في الدائرة الوطنية الواحدة مع النسبية وإذا شاء محتكرو تمثيل الطوائف طمأنة الهواجس التي يتاجرون بها فليبق القيد الطائفي بصفة مؤقتة مشروطة وواضحة وليس على الطريقة اللبنانية الدارجة منذ عام 1943 .

ثالثا يمكن ان تناط صلاحيات تمثل احتواءا للهواجس الطائفية بمجلس الشيوخ المنتخب على أساس الدائرة الفردية الطائفية وبالنظام الأكثري مع نص دستوري صريح لمراجعة وتطوير قواعد توزيع الصلاحيات بين مجلسي النواب والشيوخ كما جرى في جميع دول العالم التي اختارت نظام المجلسين.

رابعا بالتوازي مع ما تقدم لم يعد جائزا تأخير المبادرة إلى تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية التي نص عليها الدستور وظلت وعدا مؤجلا منذ مؤتمر الطائف إلى اليوم وهو القرار الذي نأمل ان يقدم عليه الرئيس ميشال عون مع إنجاز قانون الانتخاب الجديد الذي نرجو ان يكون أقرب في مضمونه إلى صحة التمثيل مهما قست شروط التفاوض الجاري مع متطرفي الاحتكار الطائفي ومعيقي مسار التغيير والإصلاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى