مقالات مختارة

بانتظار تتويج إسماعيل هنية زعيما لحركة حماس: سمدار بيري

 

إسماعيل هنية، الذي يشار إليه كالزعيم التالي لحماس، عاد أمس إلى غزة بعد غياب طويل. وكان هذا أول خروج لهنية من غزة منذ إسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر، إسقاط مرسي، حليف حماس، وانتخاب الخصم المرير ـ السيسي .

خمسة أشهر وهنية يتجول في أرجاء الخليج الفارسي بذريعة غير مقنعة تتمثل بالحجيج إلى الأماكن المقدسة في السعودية. فليس سرا أن فريضة الحج تستغرق في أقصى الأحوال أسبوعا، وقد استغل هنية أيامه ولياليه في مشاورات في شؤون الساعة المشتعلة في الدوحة، عاصمة دولة قطر.

على جدول الأعمال: انتخاب بديل ـ وريث خالد مشعل الكاريزماتي، رئيس المكتب السياسي. في حماس، التي تدار كمنظمة سرية، يدور الحديث عن عملية ملتوية، دون موعد ملزم. فلا توجد قائمة متنافسين على الأمانة العامة، لا توجد حملة دعاية للانتخابات. مجلس «الشورى»، نوع من البرلمان، يعرف الشخصيتين المتصدرتين: موسى أبو مرزوق القديم الذي يتواجد في مصر، وهنية الذي لا يعتزم نقل مكان سكنه من مخيم الشاطئ في القطاع. طالما كان في غزة، فإن الأمين العام سيكون خاضعا لرحمة مصر، ومصر السيسي ستواصل النظر إلى حماس كمنظمة خطيرة.

من جهة، تسعى مصر لأن تكون في الصورة في كل ما يتعلق بسلوك حماس. من جهة أخرى، فهي تتنازع مع أسياد حماس في تركيا وفي قطر. وبالمقابل، فإن خالد مشعل وعصبته مشبوهون لدى المخابرات المصرية بأنه يتلقى مشورة إسرائيلية بشأن خطى المنظمة.

منذ إسقاط مرسي، أغلقت مصر حاجز رفح، عقدت حركة الشاحنات إلى القطاع وسدت مئات أنفاق التهريب بهدف شل الاقتصاد البديل لغزة. في مثل هذا الوضع، لإسرائيل احتكار على اقتصاد نحو مليوني نسمة في القطاع ومنسق أعمال الحكومة في المناطق يمكنه في كل لحظة أن يضع يده على الصندوق.

إذا سألتم الخبراء في إسرائيل ما هو الأكثر إزعاجا ـ القطاع أم الضفة الغربية، فستحصلون على جواب جارف: إسرائيل لا تكف عن متابعة خطط حماس لاستغلال الازدواجية السلطوية في مدن الضفة. فمن جهة، عزز أبو مازن مكانته في السياق السياسي. ومن جهة أخرى، ضعفت مكانته في الشارع وحماس لا توفر جهدا لمحاولة إثارة الصدام بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل على سبيل السيطرة على الضفة.

وها هو العبث: نتنياهو وأبو مازن يمقتان الواحد الآخر، ولكنهما الاثنين يعلنان عن الرغبة في العودة إلى المسيرة السياسية وكلاهما لا يثقان بالمفاوضات. أبو مازن يفضل الشكوى في المؤسسات الدولية، ونتنياهو يقر بناء آلاف الوحدات السكنية في يهودا والسامرة كي يقتل الحل مع الفلسطينيين.

وها هو العبث الثاني: مع كل تحفظاته على أبو مازن، لم يوفر نتنياهو جهدا كي يضمن انطلاق مؤتمر فتح السابع على الدرب. فقد أجرت إسرائيل اعتقالات قبيل المؤتمر لتضمن ألا يعرقل مؤيدو حماس هذا الحدث. وهكذا نجح أبو مازن، مع غير قليل من المساعدة من محبي حكمه عندنا، في ألا يدخل إلى المناصب العليا غير الموالين له.

إذا حفرت بعمق أكبر لدى الخبراء، فسيصرون على القول إن أبو مازن لا يدعم الإرهاب، وإن التنسيق الأمني مستمر، وإن قادة الأجهزة تعلموا كيف يتغلبون على النقد في الجانب الفلسطيني. عندما تكون حماس عدوا مشتركا، فإن الجهود ضدها تتم بتعاون مشوق.

لا تاريخ محدد للإعلان عن انتخاب الأمين العام التالي لحماس. وحتى لو كانت فرص هنية تبدو أفضل، فإن برلمان حماس يمكنه أن يقرر تمديد التفويض لمشعل بسنة أخرى لجملة من الأسباب: معارك الوراثة في المحيط القريب لأبو مازن، الحرب في سوريا، العلاقات الإشكالية مع مصر، المصالحة التي لا يعنى بها أحد حقا مع فتح، وترامب الذي في البيت الأبيض.

إذا نقلت الإدارة السفارة الأمريكية إلى القدس، فستتجند حماس لإشعال الضفة. أما إسرائيل من جهتها فستواصل المطاردة لمعامل السلاح وللوسائل القتالية في الضفة وبموجات الاعتقالات الليلية. وعندما يقرر الشارع الفلسطيني أنه يريد لأبو مازن أن يذهب إلى بيته اخيرا، ستحرص إسرائيل على ألا ترفع حماس الرأس.

يديعوت احرونوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى