هل هناك محاولة للانقلاب في إسرائيل؟ أمير أورن
بـ 27 كلمة، مثل عدد اعضاء الكنيست الذين قادهم في العام 2009، عندما قام بتشكيل الحكومة وتجاوز تسيبي لفني، التي تغلبت عليه في فرز الاصوات (مثل هيلاري كلينتون مقابل دونالد ترامب) صاغ بنيامين نتنياهو في نهاية الاسبوع أوامر عمليته ضد افيحاي مندلبليت: “ضغط الإعلاميين والسياسيين على المستشار القانوني وسلطات تطبيق القانون من اجل تقديم لائحة اتهام بأي ثمن ضد رئيس الحكومة نتنياهو. هذه محاولة لتنفيذ انقلاب في الحكم بطريقة غير ديمقراطية” .
محاكمة منتخب الجمهور المشبوه جنائيا لا تناقض الديمقراطية، فهي في الاصل جوهر الديمقراطية. الناخبون يدافعون عن أنفسهم من خلال سلطات تطبيق القانون التي تتعرض للاهانة من نتنياهو، في وجه منتخبيهم الذين يتجاوزون القوانين التي تعهدوا باحترامها. الديمقراطية الوحيدة التي يعرفها نتنياهو هي الصفقراطية ـ صفقة رؤساء الاحزاب فيما بينهم، من اجل سيطرة من حظي بربع الاصوات. وعند التوقيع على الصفقة تكون هذه هي السلطة، وكل تحدٍ لها على خلفية جنائيا، هو محاولة للانقلاب. ليس ثورة تعتمد على الجمهور الواسع، بل انقلاب يتم من قبل جهات قوية داخل النخبة التي تسيطر.
عندما يواجه السياسي صعوبات يصرخ «انقلاب». وهكذا ادعى نتنياهو مع وزير دفاعه ايهود باراك ضد رئيس الاركان غابي اشكنازي في قضية هرباز. مراقب الدولة والمستشار القانوني للحكومة قاما بالفحص وقالا إنه لا اساس لهذا الادعاء. وبين هذا وذاك تغير وضع باراك الذي كان على مدى اربع سنوات المتعاون مع نتنياهو، واكتشف الضوء فقط بعد انفصاله عنه. باراك انسحب إلى نفيه ييرك وتحول من متهِّم إلى متهَّم. عندما يقول نتنياهو إن وسائل الإعلام والسياسيين يضغطون، فهو يقصده ايضا. رغم أنه ليس واضحا الآن إلى أي من الجماعتين ينتمي باراك.
لكن سهام نتنياهو موجهة ايضا ليس على من يضغطون، بل على من يتم الضغط عليهم. الضباط الشباب برئاسة الكولونيل عبد الناصر يضعون على أكتافهم زعيم دُمية، هو الجنرال نجيب. المنطق الحديدي الذي قاد بطريقة علمية، للسبب والنتيجة من «لا شيء» ومرورا بـ «لأن» وانتهاء بـ «لم يكن هناك أي شيء»، أصبحت معاكسة. الآن ورغم عدم وجود أي شيء، والملف سينتهي بتبرئة محرجة للادعاء، يحتمل أن تكون لائحة اتهام. مندلبليت سيخضع للضغط وينكسر ويقوم بمحاكمة نتنياهو. هذا سيكون انقلاب بمشاركة سلبية أو ايجابية، بارادة أو اضطرار، من المستشار القانوني.
ليس مهما أن مندلبليت أدار معركة لكبح طلب الكف عن ازعاج الشرطة والانتقال من الفحص إلى التحقيق، وما فعله في نهاية المطاف هو بدون خيار، كان هذا ذات مرة الآن هو العدو ويجب كشف وجهه الحقيقي وضعضعة ثقة الجمهور بصحة قراراته، وبعد لحظة سيلوح نتنياهو ضده باللافتة وسيحتل المكان الذي أبعدت الشرطة منه ميني نفتالي في المظاهرات أمام منزل مندلبليت في بيتح تكفا.
إذا كانت التفاصيل معروفة له جيدا، فان المواطن رقم 2 يشك في براءة قرارات المدعي العام، لماذا يثق المواطن العادي بجهاز تطبيق القانون الذي يتغذى فقط على ما يقوله له السياسيون مثل نتنياهو، والإعلاميون الذين يلتقي ناشرهم سرا مع نتنياهو؟.
هذا ليس آخر الاضرار التي يتسبب بها نتنياهو. فهناك ضررين آخرين ايضا. اولا، اقتراح قرار لاقالة مندلبليت، مثل ريتشارد نيكسون «بمذبحة مساء السبت» في ذروة حرب يوم الغفران ـ اقالة المدعي الخاص في «ووترغيت» واستقالة وزير العدل ونائبه. وبعد ذلك، بناء على الدعاوى المقدمة لمحكمة العدل العليا، صدام مباشر مع محكمة العدل العليا، التي هي ايضا سيتم اتهامها بأنها تخضع للضغط. كيف تباكى نتنياهو وهو يتمسك بالحكم؟ كل السبل لها تبرير.
هآرتس