تركيا في مواجهة ترامب محمد نورالدين
عندما انهزمت هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة الأمريكية تنفس حزب العدالة والتنمية في تركيا الصعداء. فهزيمة كلينتون تعني عدم استمرار إدارة باراك أوباما التي عانى منها الحزب الأمرين. خلافات «العدالة والتنمية» مع أوباما كانت تتمحور في قضيتين: المسألة الكردية في سوريا والدعم العلني الأمريكي لقوات الحماية الكردية. والثاني الانقلاب العسكري الذي اتهمت أنقرة واشنطن بالوقوف وراءه عبر جماعة فتح الله غولين.
لا يعني طي صفحة أوباما من العلاقات التركية أن الصفحة الجديدة مع الرئيس الجديد دونالد ترامب ستكون وردية. لكن أن تكون الصفحة الجديدة غير واضحة وتحمل الوجهين الإيجابي أو السلبي كاف لسلطة رجب طيب أردوغان أن تأمل بأن تكون صفحة ترامب إيجابية.
تراهن تركيا على بعض الإشارات من فريق ترامب بشأن تسليم الداعية غولين إليها.لكن هذه العملية قد تكون طويلة وقد لا تنتهي كما تريد أنقرة.
كما تراهن أنقرة على الموقف التصالحي لترامب مع روسيا واستعداده للتنسيق معها في قضايا المنطقة والعالم. وفي مرحلة من التعاون التركي – الروسي قد يكون هذا مساعداً على التقاء المواقف التركية والأمريكية.
لكن المواقف الأخرى لترامب من العديد من القضايا لن تثير ارتياح تركيا.
أول ذلك كلام ترامب عن محاربة «الإرهاب الإسلامي» من «داعش» إلى الإخوان المسلمين واحتمال وضع الإخوان في خانة التنظيمات الإرهابية الإسلامية في القوائم الأمريكية.
هذا التوجه يقلق تركيا المعروفة ليس فقط بدعم حركات الإخوان المسلمين في العالم العربي والإسلامي بل أيضاً بتزعمهم وإدارتهم.وهذا سيضع أنقرة وترامب في مواجهة ليست سهلة.
أيضا فقد صدرت مواقف عن مساعدي ترامب عن مواصلة الدعم الأمريكي لأكراد سوريا وهو الأمر الأكثر إقلاقاً لتركيا.
كذلك فإن كلام ترامب عن محاربة «داعش» من جهة وعن الاستعداد للتنسيق مع روسيا والرئيس السوري بشار الأسد في هذه المعركة وإظهار الأسد على أنه محارب للإرهاب لن يريح تركيا التي تسعى منذ سنوات لإسقاط الأسد أو على الأقل في المرحلة الأخيرة العمل على إضعافه.
الجانب التركي وضع شرطين لتصحيح العلاقات مع أمريكا الأول هو تسليم الداعية فتح الله غولين إلى أنقرة ومحاكمته بسبب دوره في الانقلاب العسكري. والثاني هو وقف واشنطن دعمها لقوات الحماية الكردية في شمال سوريا.
ولكن إلى هذين الشرطين فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كشف عشية جولته إلى بعض الدول الإفريقية، عن تلقيه معلومات غير مريحة عن سعي بعضهم لتقسيم منطقة الشرق الأوسط وهو ما لن توافق تركيا عليه.
وأشارت صحف تركية إلى أن مصدر هذه المناخات الأمريكية هو وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو الذي شارك في حفل تنصيب ترامب والتقى العديد من المسؤولين الأمريكيين وقد خرج بانطباع مفاده أن واشنطن تريد منح أكراد سوريا حكماً ذاتياً وتقسيم سوريا وهو ما تعتبره تركيا عين الخطر على أمنها القومي.
وقد قال أردوغان إنه سيطرح كل الأمور أثناء لقائه المقبل مع الرئيس الأمريكي الجديد في المدى القريب.
وتعمل تركيا على إظهار المزيد من امتلاكها لأوراق الضغط تجاه الولايات المتحدة في انتظار لقاء الرئيسين. من ذلك المزيد من التنسيق مع روسيا، وكذلك تسريب أخبار عن استعدادها لشراء منظومة الصواريخ الروسية أس 400 رغم أن تركيا كانت تخلت عن صفقة صواريخ صينية بعد اعتراض حلف شمال الأطلسي كما لا يعرف الموقف الروسي النهائي من الطلب التركي.
وفي إطار الضغوط على الولايات المتحدة إظهار أردوغان لنفسه على أنه زعيم قوي في الداخل من خلال الذهاب إلى استفتاء على تعديلات دستورية تجعله الحاكم الأوحد في تركيا ولا مناص لأحد في الخارج من تجاهل الواقع الجديد وضرورة التعامل معه حصرياً.
(الخليج)