عون الى الدوحة بعد المباحثات في السعودية
غادر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون صباح اليوم، الرياض في ختام زيارة رسمية للمملكة العربية السعودية متوجها الى قطر، المحطة الثانية من جولته الخليجية، تلبية لدعوة من اميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وفي آخر نشاط لرئيس الجمهورية في الرياض،اكد خلال حفل عشاء اقامه مساء امس في قصر المؤتمرات وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لرجال الاعمال اللبنانيين والسعوديين على شرفه، على “اننا في لبنان نوفر الامن والاستقرار وهما العنصران الاساسيان لبناءالاقتصاد والسياحة وكل ما يتعلق بمضمارالاعمار”.
وشارك في العشاء اعضاء الوفد اللبناني الرسمي، والوزير المرافق ابراهيم العساف، ووزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد بن عبد الله القصبي، وعدد من المسؤولين السعوديين في الرياض.
واستهل حفل العشاء بالنشيدين الوطنيين اللبناني والسعودي، ثم كانت كلمة لعريف الحفل جورج نجم اشاد فيها بالعلاقات التي تربط لبنان بالسعودية، وبأهمية الزيارة التي يقوم بها الرئيس عون الى المملكة.
والقى السيد فادي العسلي بصفته ممثلا للقطاع الخاص في لبنان كلمة شدد فيها على ان اقتصاد المملكة يهم كل العرب ولبنان بشكل خاص، لانعكاسه المباشر على الاقتصاد اللبناني بحكم الشراكة والتعاون القائمين بين اقتصادي البلدين منذ ثمانية عقود.
واوضح ان الرؤية الاقتصادية السعودية 2030 التي اعتمدتها السعودية اساسية وحجزت مكانا لها في الاقتصاد العالمي. واشار الى “ان المصرفيين اللبنانيين كانوا في السنوات الاخيرة على اتصال مع الرئيس عون لان ابوابه كانت مشرعة امام الجميع، وكان حديثه خير معين لنا لمواجهة اليأس والقنوط الذي اصاب الكثيرين من اللبنانيين خلال الازمة السياسية والاقتصادية، وجعلنا نؤمن بأن في لبنان نمط من القادة النادرين الذين يضعون مصلحة لبنان فوق كل اعتبار”.
ودعا المؤسسات والمستثمرين في السعودية الى مشاركة القطاع الخاص اللبناني في الاستثمار في المجالات الواعدة والتي شرعت ابوابها مجددا بعد انتخاب رئيس الجمهورية، معددا المجالات التي يعتمدها لبنان في مشاريع الاقتصاد الحديث وتفرعاته، فضلا عن خطط الحكومة للانطلاق في ورشة تطوير البنى التحيتية على كافة الاصعدة واطلاق التشريعات الجديدة لتسهيل الاستثمارات والاعمال.
اضاف :”جئنا نشرككم معنا بتجدد الامل بلبنان ومستقبله الذي يتقدم بقيادة فخامة الرئيس العماد ميشال عون وبادارة حكومة دولة الرئيس سعد الدين الحريري نحو مستقبل جديد كلنا امل انه سيكون زاهرا.”
وتحدث الوزير خوري الذي شدد على “ان لبنان يستعيد صلاته الوثيقة مع شقيقاته الدول العربية بدءا من السعودية بعد تعافيه من ازمته السياسية التي عبرت ونتجت من المحنة الخطيرة التي ابتلي بها المشرق العربي”.
ولفت الى “ان الوجه الاقتصادي للعلاقة مع السعودية يكتسب من وجهة نظر لبنان اهمية فائقة، وهو ما يفسر اهتمام الجانب اللبناني بتنظيم هذا اللقاء، وحرص فخامة الرئيس على حضوره”. واستذكر “المساهمة اللبنانية في مسيرة التنمية والاعمار في السعودية منذ بداية مجيء اللبنانيين اليها”، ولفت الى انه “يعيش في المملكة حاليا قرابة ربع مليون لبناني وهو نصف عدد اللبنانيين المقيمين في الخليج العربي، وحملوا معهم كفاءات رفيعة اكتسبوها من مختلف العالم ووضعوها في تصرف اقتصاد المملكة ومشاريعها”.
واشار الى انه “على رغم تراجع حجم التجارة بين لبنان والخليج في السنوات الاخيرة بفعل تعطل الممرات البرية بسبب الاحداث، لا زالت السعودية تستقطب 12 % من الصادرات اللبنانية اي ما يقارب نصف صادرات لبنان الى بلدان مجلس التعاون الخليجي مجتمعة”.
وتابع :” زار لبنان سنة 2010 حوالى 380 الف سائح خليجي ما يمثل 18% من العدد الاجمالي للسياح في لبنان والذي يشمل اللبنانيين المقيمن خارجه، ولكن السياحة الخليجية فيه تدهورت كثيرا في الآونة الاخيرة بسبب الظروف المعلومة، ولم يعد عدد السياح السعوديين يتجاوز 3،5% من عدد السياح الاجمالي”.
ولفت الوزير خوري الى “انه رغم الازمة في لبنان، بقيت تحويلات اللبنانيين غير المقيمين على مستوياتها السابقة، وبقيت شريانا اساسيا يمد لبنان بالعملات الاجنبية، واود ان انوه بأن التحويلات الصادرة عن اللبنانيين العاملين في بلدان مجلس التعاون الخليجي تقارب 60% من اجمالي تحويلات اللبنانيين غير المقيمين، وفي طليعتهم العاملون في السعودية الذين تبلغ حصتهم 17% من اجمالي التحويلات.اما الاستثمارات الخليجية في لبنان فتبلغ استنادا الى تقديرات خاصة 15 مليار دولار، منها 6 مليار دولار للاخوة السعوديين، واعتبرت الدولة اللبنانية هذه الاستثمارات امانة في عنقها تماما كاستثمارات اللبنانيين انفسهم”.
واكد “ان هذه الارقام تظهر اهمية المملكة العربية السعودية بالنسبة الى الاقتصاد اللبناني، وهذا ما يدفع الحكومة اللبنانية الى دعوة المستثمرين السعوديين للمساهمة في المرحلة المقبلة التي ستشهد نهوضا اقتصاديا ملحوظا مما سيشكل فرصا للمستثمرين اللبنانيين والعرب والسعوديين خصوصا لتحقيق منافع وعوامل استثمارية جيدة جدا”.
واعتبر “ان صمود الاقتصاد اللبناني ثابت واحياء هذا الاقتصاد مهمة مقدسة تحتل اولوية كبرى بالنسبة الى فخامة الرئيس وحكومة الرئيس سعد الحريري الوطنية الجامعة”. وقال :”ان تدفق النازحين السوريين القى تحديات جسيمة على الاقتصاد اللبناني، اذ تضاعف عدد المقيمين في لبنان، بمن فيهم اللاجئون السوريون، فيما تقلص النمو المحلي الى حدود 1% ما ادى الى تراجع الدخل الفردي للمقيمين اللبنانيين وغير اللبنانيين بنسبة 8% في السنوات الخمس الماضية. ولذلك، فإن الدولة بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة، لن تتقاعس في تصحيح الوضع الاقتصادي من اجل وقف تدهور الاوضاع الاجتماعية في لبنان كهدف اولوي، وقد ترجمت الدولة التزامها بتطوير الاقتصاد اللبناني واستنباط طاقاته الكاملة باقرار مرسومين ضروريين لاطلاق مسيرة التنقيب عن النفط والغاز في اول جلسة عقدها مجلس الوزراء في عهد الرئيس العماد ميشال عون، وتمت هذه الخطوة بعد انتظار دون طائل دام نحو ثلاث سنوات، بذل خلالها الوزير جبران باسيل منذ كان وزيرا للطاقة، جهودا مضنية ودون كلل لتحقيق هذا الانجاز الواعد”.
وشدد على “ان امن السعوديين وسائر مواطني الدول الخليجية الذين يقصدون لبنان لاي سبب، هو مسؤولية الدولة وامانة في عنقها، وقد بدأت ترجمة الاهتمام الامني منذ اللحظة الاولى لاستلام رئيس الجمهورية مهامه. هذا عهد من الدولة التي يقف على رأسها اليوم رجل اثبت خلال تاريخه السياسي انه اذا وعد وفى”.
وتحدث الوزير القصبي مرحبا بالرئيس عون والوفد المرافق، ومعربا عن الشكر والتقدير لرئيس الجمهورية لاختيار السعودية اول بلد يقوم بزيارته في بداية عهده، ما يؤكد عمق العلاقة التاريخية التي تربط المملكة بلبنان الشقيق.
وقال:” ندعو الله ان تستمر العلاقات السعودية- اللبنانية في ازهى صورها برعاية سيدي الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، وفخامتكم. وختاما، اؤكد لفخامتكم على تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، وادعو المولى عز وجل ان يديم على لبنان الشقيق الامن والاستقرار ودوام الازدهار وان يوفق فخامتكم لما فيه الخير للبنان والامة العربية”.
بعدها، تحدث وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، فقال: ” نحن اليوم في هذه الزيارة، اضافة الى اهمية اعطاء الاولوية للعلاقة مع المملكة وان تعود الى طبيعتها، زيارتنا اليوم هي انتم، ليس بأشخاصكم فقط، بل بما تمثلون من اختلاط لبناني سعودي ومن نجاح مشترك مد لبنان بالخير، واللبنانيين في لبنان او السعودية كما السعوديين الذين ساهم اللبنانيون في نهضة بلدهم في علاقة اثمرت خيرا للجانبين. ان يعمد رئيس الجمهورية اللبنانية ان تكون اول اطلالة له للخارج، مخصصة للانسان اللبناني الذي تربينا في مدارسنا على انه قيمة بذاته، ونحن نقول له اليوم “ان قيمتك بلبنانيتك، وان دولتك تسأل عنك، وتذهب اليك وتنشغل بهمومك ولا تقبل لسياساتها ان تصيبك الا بالخير وليس بالاذى. هذا اللبناني الذي اينما حل نجح، وجذب بانتشاره لبلده الام الخير، والدولة اللبنانية عليها ان تطمئنه والبلد الذي يتواجد فيه انه ليس هناك فقط وطن أحبه، بل دولة تقوم سياستها الخارجية على الاستقلالية والبحث عن مصلحة اللبنانيين اينما وجدوا، وحماية لبنان وتقويته، وايضا على الاستفادة من العنصر البشري اللبناني الذي يشكل الثروة الحقيقية. لذلك فإن الرسالة الاساسية اليوم المعنيون نحن بها كخارجية لبنانية، هي طمأنة شاملة للبنانيين، واليوم تحديدا للسعوديين، للقول بأننا معنيون بأمنهم في لبنان، وبمحبة اللبنانيين الدائمة لهم ليشعروا ان لبنان هو البلد المضياف دائما ولا احد يمكنه حرمانهم منه، كما لا يمكنهم الابتعاد عنه. وقد قلنا لهم انه ممنوع ان تنسحبوا من لبنان، فأنتم في قلب لبنان واللبنانيين، هذا تاريخ العلاقة وطبيعتها وهذا ما يجب عليه ان يكون مستقبلها. ونقول الامر نفسه للبنانيين، لان وجودكم هنا اقوى من اي شيء يمكنه ان يسيء الى العلاقة، فوجودكم تاريخي وناجح وهو ثابت مهما اهتز، من خلال احتضان المملكة لكم وبالنجاح الذي حققتموه فيها”.
وقال :” نحن نعتقد ان هذا هو عنصر القوة للبنان، ومعنيون بتعزيزه اينما جلنا في العالم، وان يشعر اللبناني بمصابه وبالايام الجيدة التي تمر عليه، ان الدولة اللبنانية تسعى دائما الى خيره. لذلك ندعوكم اليوم الى ان نلتقي مجددا في مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي سيعقد في بيروت في ايار 2017، وهو يتميز هذا العام بوجود رئيس الجمهورية اللبنانية على رأسه وينتظر مجيء لبنانيين من 90 دولة في العالم حاملين معهم اخبارا جميلة عن لبنان في الخارج، ونجاحاته لنرسم معا كما نرسم معكم اليوم كرجال اعمال لبنانيين وسعوديين، مستقبلا مزدهرا من العلاقات ووعودا حقيقية بالاستثمار في لبنان الذي يبقى مهما كان، ارض الخير والعطاء”.
وختم باسيل :” الى اللقاء القريب على ارض لبنان. عشتم، عاشت المملكة وعاش لبنان”.
ثم اعتلى الرئيس عون المنبر وتحدث قائلا: ” اصدقائي الاعزاء، مواطني الاحباء، ماذا عساي ان اقول بعدما تكلمتم عن الاقتصاد بالتفصيل، وحسن الرعاية المتبادلة بين لبنان والمملكة العربية السعودية. اني ابارك ما قلتم، ونأمل ان تعملوا به”.
اضاف :” ان ما قمنا به اليوم هو ازالة الصعوبات شكلية كانت او بسبب التباس معين، ونحن نوفر الامن والاستقرار وهما العنصران الاساسيان لبناء الاقتصاد والسياحة وكل ما يتعلق بمضمار الاعمار. وقد بات الامر الآن متعلقا بكم وليس بنا، ونأمل ان يبدأ هذا الامر منذ الآن فصاعدا. عشتم، عاشت المملكة وعاش لبنان.”