مقالات مختارة

قرارات الأمم المتحدة ضدّ «إسرائيل» حبر على ورق : اياد موصللي

 

الآن… وبعد ان استكملت الصهيونية مرحلة بنائها باستيلائها على كامل فلسطين، وأقامت ما أقامت من منشآت وصناعات، واستقرّ المهاجرون ووفرت لهم أماكن الإقامة وبنت المستوطنات على أملاك وأراضٍ فلسطينية مدعومة بالهبات المالية والقروض الميسّرة… بعد كلّ هذا تحركت الأمم المتحدة لمنع «إسرائيل» من بناء مستوطنات جديدة على أراضٍ فلسطينية وأصدرت القرار في 22/12/2016.

وبدأ التمثيل: «إسرائيل» غضبت وزمجرت وارتفع عواؤها، تريد ان تظهر أنها ظلمت وطعنت في الظهر غدراً… وأعلنت رفضها للقرار وعدم قبوله… وأمرت ببناء خمسة آلاف وحدة سكنية في مناطق متعددة… والسلطة الفلسطينية ومعها الأنظمة العربية فرحت وزغردت واعتبرت انّ الضمير العالمي كان عادلاً، وانّ الحق الفلسطيني قد نال الحماية، وانّ العدل الدولي قد منح الفلسطينيّين إقراراً بحقوقهم التي يحاول الكيان الصهيوني اغتصابها…!

فرحنا بقرار يمنع الاستيطان على ما بقي لنا من فتات حقنا بأرضنا… قرار رفضته حكومة العدو، قرار لم ينفذ وبقي حبراً على ورق… هذا القرار والمواقف المرحبة به والرافضة له اسرائيلياً أعادتني الى القرارات التي أصدرتها هذه الهيئة الدولية المنافقة… ونفذت كلها لأنها كانت ضدّ حقوقنا

في 2 تشرين الثاني 1917 أعلن وزير خارجية بريطانيا بلفور وعداً بمنح الاسرائيليين أراضي في فلسطين لإنشاء دولة لهم عليها. وفي عام 1920 ثبت هذا الوعد في مؤتمر سان ريمو. وفي 6 أيلول تبنّته عصبة الأمم المتحدة.. وفي تموز 1936 أصدرت لجنة اللورد بيل تقريراً اقترحت فيه تقسيم فلسطين الى دولتين، واحدة لليهود والثانية للفلسطينيين.. وفي 29 تشرين الثاني 1947 صدر قرار عن هيئة الأمم المتحدة، هذه الهيئة القائمة الآن واستفاق ضميرها فمنعت بناء المستوطنات عام 2016، وقضى القرار في ذلك الحين بمنح اليهود 55 من أرض فلسطين وتدويل القدس وعند صدور هذا القرار الدولي «العادل» كان عدد اليهود في فلسطين بداية القرن المنصرم 50 ألف شخص ومعدل النمو في تلك الفترة كان 1,20 ايّ انّ عددهم ما كان ليتجاوز عام 2000 أكثر من 165 ألف شخص من يهود البلاد وسكانها الذين زاد عددهم بسبب هجرة من الخارج وسكنوا فيها بعد طرد أهلها وسكانها… بلغ عددهم أكثر من مليونين ونصف المليون.

قراران صدرا أيضاً بإلزام «إسرائيل» بدفع تعويضات مالية للبنان لقاء ما ألحقته به من أضرار والى الآن لم تدفع «إسرائيل» شيئاً ولم تنفذ ايّ بند من القرارين..

انّ الفرح والتهليل والتطبيل يجب ان لا يكون بسبب نص القرار الأممي بل يجب ان نفرح ونهلل لعودة الضمير الى هذه المؤسسة الدولية والى روح العدالة الذي يمثله القرار. اما منع الاستيطان فكثيرة هي القرارات الأممية الصادرة بحق تصرفات «إسرائيلية» عدوانية مخالفة سواء منها ما يتعلق بلبنان وسورية والأردن وفلسطين وكلها أوراق حفظت واستمرّت «إسرائيل» في تجاوزها وتجاهلها وإهمالها ورميها في مزابل مجلس وزرائها.. والقرار الأخير سيلحق بما سبقه وقبل ان يجفّ حبره أعلنت سلطات العدو قرارها ببناء وحدات استيطانية رافضة القرار.. نحن دهشنا لرد الفعل الفرح المغتبط بسبب صدور القرار، مسألة فلسطين هي قضية الأمة بأسرها وليست موضوعاً نناور حوله وعليه سياسياً.. نفرح ونهلل عندما تلزم الهيئة الدولية «إسرائيل» بتنفيذ القرارات الصادرة عنها وما أكثرها..

يتربّى اليهودي منذ ولادته على انّ هذه الأرض وعده بها الرب في التوراة، ويتربّى العربي على أننا جميعنا اخوة أبناء آدم لا فضل لعربي على اعجمي الا بالتقوى والخلق كلهم عيال الله احبهم اليه أنفعهم لعياله..

الذين باعوا فلسطين أمس واليوم كالذين باعوا لواء الاسكندرون وتوابعه، لقد سلّموا أنفسهم للعبودية والذلّ، ليس بيننا وبين اليهود الصهاينة خلاف حدود، انّ ما بيننا وبينهم هو صراع وجود، هم يريدون ان ينتصروا علينا ويذلوننا بطمسنا فكرياً وعقلياً.. ويجب ان لا ننسى انّ جوهر المسألة الفلسطينية هو رفض أهل فلسطين وأمتنا كلها مبدأ المشاركة في الانتساب لهذه الارض التي هي لأبنائها والذين سقوها من دمائهم مؤمنين بأنّ الدماء التي تجري في عروقهم هي وديعة الأمة فيهم متى طلبتها وجدتها..

أجلس اليوم بعد صدور قرار مجلس الأمن والتهليل والتطبيل الذي رافقه لألمس وأتذكر تاريخاً يتكرّر ويُعاد ومواقفنا هي هي هي لا تتغيّر.. نحن نؤيد قرار مجلس الأمن كعنوان لصحوة دولية وتغييراً للمسار ومرحلة إيجابية ليس اكثر. اما ان نتكلم عن القرار كانتصار ودحر لـ»إسرائيل» ومنع اعتداءاتها، فهي أمور تجعلنا سخفاء في نظر قادة العالم.

لم يتكلم أحد عن الموقف الأميركي بالامتناع عن التصويت وهو موقف منسجم مع سياسة أميركية فاسدة. ورفض «إسرائيل» للقرار هو فصل من تمثيلية، فالرفض هو صوت لإعلان قوة وليس ردّ فعل عن ضعف وتخاذل، لسان حال «إسرائيل» في الرفض يقول نحن أقوياء ونحن نقرّر ما نريد وهذا ما ورد في البروتوكول الاول من بروتوكولات حكماء صهيون صفحة 186:

دولتنا الماضية قدماً في طريقها، طريق الفتح السلمي من حقها ان تبدّل أهوال الفتن والحروب بما هو أخف وأهون وأخفى على العيون وهو إصدار الأحكام بالموت ضرورية من وراء الستار فيبقى الرعب قائماً وقد تبدّلت صورته.. فيؤدّي ذلك الى الخضوع الأعمى، قل هي الشراسة ومتى كانت في محلها ولا تتراجع الى الرفق تحدث عامل القوة الأكبر في الدولة، ونعود فنقرّر انه العنف.

هذه هي القاعدة والدستور الذي تسير على هديه حكومة “إسرائيل” ومستوطنوها… فعبثاً التوسل والاستنجاد وتقيبل الأيادي، عبثاً التمسك بأذيال الذلّ والخنوع مع عدو هذا هو إيمانه.. وحدها وقفة العز هي الردّ والجواب..

وكما يقول الزعيم سعاده:

اننا نواجه الآن أعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا، فنحن أمام الطامعين المعتدين في موقف يترتب عليه إحدى نتيجتين أساسيتين هما الحياة والموت واية نتيجة حصلت كنا نحن المسؤولين عن تبعتها

وسيبقى السيف «الإسرائيلي» يلعب في رقابنا ما دامت هذه الرقاب منحنية على النطع سيبقى سيفهم أشدّ فتكاً من ألسنتنا التي تلعق يد الظلم والبطش. والسيف أصدق انباء من الكتب..

ان موقف «إسرائيل» وعنجهيتها برفض قرار مجلس الأمن الأخير والتكلم بلهجة الآمر ناجمة عن سلوك إيماني يعبّر عنه ما ورد في صفحة 205 من البروتوكول الخامس الذي يقول:

اذا قام في وجهنا غوييم العالم جميعاً، متألبين علينا، فيجوز ان تكون لهم الغلبة، لكن قوتنا، ولا خطر علينا من هذا، لأنهم هم في نزاع في ما بينهم، وجذور النزاع عميقة جداً الى حدّ يمنع اجتماعهم علينا يداً واحدة، أضف إلى هذا أننا قد فتنا بعضهم ببعض بالأمور الشخصية والشؤون القومية لكلّ منهم. وهذا ما عنينا بديمومته عليهم وتنميته مع الأيام خلال العشرين قرناً الأخيرة. وهذا السبب الذي من أجله لا ترى دولة تستطيع ان تجد لها عوناً إذا قامت في وجهنا بالسلاح. اذ انّ كلّ واحدة من هذه الدول تعلم انّ الاصطفاف ضدنا يجرها الى الخسارة، اننا جد أقوياء ولا يتجاهلنا أحد، ولا تستطيع الأمم ان تبرم ايّ اتفاق مهما يكن غير ذي بال إلا اذا كان لنا فيه يد خفية. متى ما ولجنا ابواب مملكتنا، لا يليق بنا ان يكون فيها دين آخر غير ديننا، وهو دين الله الواحد، المرتبط به مصيرنا، من حيث كوننا الشعب المختار وبواسطته ارتبط مصير العالم بمصيرنا فيجب علينا ان نكنس جميع الأديان الأخرى على اختلاف صورها.

ان ثقة «إسرائيل» بالأمم المتحدة لا يدانيها شك، فهي مؤمنة بأنّ الامم المتحدة يهمّها أمر «إسرائيل» ونجاحها.

يقول ناحوم سوكولوف في المؤتمر الصهيوني عام 1922:

اورشليم انها عاصمة السلام العالمي، اما نحن اليهود فسوف نتابع كفاحنا لدى هيئة الأمم ولن نرتاح قبل السلام النهائي. انّ جمعية الأمم تهتمّ بنجاح قضيتنا، ليس فقط لأنها منحتنا الوصاية، ولكن لأنّ قضيتنا تتعدّى حدود القضايا الدولية لأيّ بلد كان، هذا لأنها تتضمّن بشكل من الأشكال ازدهار العالم بأجمعه وسلامه. وفي يوم قريب سوف نحكم العالم رسمياً وسيكون المنطلق من اورشليم من حيث اتانا الذلّ ومن حيث سيأتينا النصر.

لذلك صدمها القرار الأخير واعتبرته كما يقول المثل «من بيت ابي ضربت…» وتصرفت بعنف وغطرسة وأنّبت الدول التي صوّتت مع القرار، ووجهت لها اللوم على ذنب اقترفته بتأييدها للقرار، واظهرت ازدراء واضحاً فاضحاً لدول العالم عندما أمرت ببناء خمسة آلاف وحدة استيطانية في الأماكن التي صدر القرار بشأنها

ويعطينا ريشار ليشتام… بصراحة ووقاحة نوايا «إسرائيل» إذ يقول:

انّ على فلسطين ان تحكم العالم سياسياً واقتصادياً ودينياً بواسطة اليهود القائمين على رأس الأعمال لدى كلّ أمة من الأمم

ايها المهللون للقرار الأخير اسمعوا وعوا…

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى