السيد نصرالله وثقة النصر استراتيجية
ناصر قنديل
– استحقّ شيخ الثبات الصديق الراحل عبد الناصر جبري من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كلمة مفصلية فكانت له. وبعدما ربط السيد نصرالله فقرات كلمته كلها بالعودة دائماً لخصال ومواقف شيخ الثبات الهادئ المتواضع، رسم أفقاً لتطورات المنطقة كما بدا متخففاً من عبئين كبيرين أثقلا كاهل كلماته خلال سنوات مضت، بعدما أطمأن إلى مسار القضايا الكبرى التي يمثلانها، ليظهر ثقته بنصر كبير مقبل، مستعيداً القراءة الاستراتيجية للمشهد الإقليمي ربطاً بالصراع بين «إسرائيل» ومشروع المقاومة .
– من اليوم سورية ولبنان قاعدة المقاومة في الجغرافيا خارج الخطر، فنصر حلب بيد ونصر الرئاسة والحكومة في لبنان بيد أخرى، أتاحا لسيد المقاومة الاطمئنان إلى فشل الحرب الاستباقية التي استهدفتها وأرادت إرباكها في قاعدة حضورها وساحة وجودها بين لبنان وسورية، فخلال سنوات مضت وجدت المقاومة نفسها في قلب المواجهة دفاعاً عن وجودها، وقد جرى الإعداد لتكامل جبهات القتال عليها، وتمّ بعناية الإعداد لمشروع حصارها واستنزافها تمهيداً للإطباق عليها، فـ«إسرائيل» العاجزة عن ربح الحرب، بل عن خوضها مرة أخرى، أوكلت المهمة للتكفيريين في حرب سورية لتدمير الدولة والمجتمع ونقل العدوى إلى لبنان، حيث راهن البعض على هذه الحرب لمحاصرة المقاومة والنيل من ثوابتها ومكانتها، وتعطيل الحياة السياسية اللبنانية حتى يتحقق ذلك. وها هي المقاومة اليوم، تنجز الحلقة المفصلية من حربها في حماية سورية بالتعاون مع الدولة والجيش والحلفاء، لينتصر مشروع قيامة سورية، وينفتح مسار عسكري وسياسي، لم يعد ممكناً تعطيله تتضح نهايته من اليوم، نحو تعافي سورية واستعادتها جغرافيتها محررة من سيطرة الجماعات الإرهابية التكفيرية، ولو بعد حين. وها هي المقاومة تنجز أيضاً الحلقة المفصلية المقابلة في لبنان، بالتعاون مع الحلفاء، فيكون للبنان الرئيس الذي قالت المقاومة إنه مشروعها، وخلال شهرين من انتخابه يكون للبنان حكومة وفقاً لما تراه المقاومة، وللحكومة بيان وزاري يتناسب مع فهم المقاومة، ونيل الحكومة الثقة، لتبدأ مهامها بأيدي خصوم ناهضوا المقاومة خلال سنوات المواجهة، وخاصموها، وربما لا يزالون، لكنهم يطبقون اليوم مشروعها، وما عادت ممكنة العودة للوراء في قيامة الاستقرار في لبنان، وتماسك مؤسسات الدولة، وصولاً للانتخابات النيابية، التي قد تتفاوت معايير مطابقتها لمفاهيم الإصلاح، لكنها ستتم بما يتناسب مع معايير الاستقرار، ما يعني أن العنوانين الكبيرين، سورية ولبنان، سلكا طريق الأمان وفقاً لمشروع المقاومة، لتعود فلسطين، كما قال السيد، إلى المرتبة الأولى والصدارة التي أريد من الحروب المتنقلة أن تحرمها منها وتحجبها عنها.
– مِن اليوم يعرف مَن يتابع خطاب سيد الثبات والمقاومة، أن فلسطين على جدول أعمال المقاومة الأولوية التي تتقدم ما عداها، والنصر يقين لا جدال فيه، ولا اشتباه حوله ولا التباس، فالبدائل التي اشتغلت عليها «إسرائيل» تسقط تباعاً، وسيكون عليها العودة لمواجهة الخطر الذي أرادت تفادي مواجهته، مرة أخرى وجهاً لوجه، وقد اكتسبت المقاومة المزيد من القوة والعزم والثقة والمعنويات والخبرات والسلاح، لتعود إلى ساحتها الأصلية، التي لم تغادرها يوماً، واثقة بالنصر الأكيد والمشروع الذي أراد المنطقة بلا جيوش وبلا علماء، وبلا علوم، وبلا مقاومة، وأراد الفتنة والحروب الأهلية يطوي أيامه خائباً، وبدلاً من أن يكون همها المقاوم دفاعياً، كما كان خلال السنوات العجاف، سيعود هجومياً، وأولويته فلسطين.
(البناء)