تهويدٌ متصاعد للقدس بين عهدين أميركيين: حلمي موسى
كشفت معطياتٌ جمعتها جمعيةُ «عير عميم»، المُختصة بمتابعة النشاطات الإسرائيلية في القدس المحتلة، النقابَ عن تعاظم أذونات الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية مقابل زيادة عمليات هدم البيوت العربية فيها منذ فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية .
وقالت صحيفة «هآرتس» التي نشرت هذه المعطيات إن جانباً كبيراً من أذونات الاستيطان مُنحت في مناطق تتسّم بحساسية خاصة في نظر الإدارة الأميركية الحالية. وأضافت أن إسرائيل تحاول فرض أسماء عبرية على الشوارع في الأحياء العربية في المدينة المقدسة، فضلاً عن محاولتها فرض أجندة عطلات يهودية على المدارس العربية هناك.
وأوضحت الجمعية أنه في العام الحالي، وخصوصاً بعد فوز ترامب، تعاظمت أذونات البناء لليهود في القدس الشرقية المحتلة بما فيها أماكن تعتبر حتى الآن حساسة من ناحية الادارة الاميركية. في المقابل، طرأ ارتفاعٌ كبير في عدد هدم منازل الفلسطينيين في شرق المدينة، والتي بشأنها أيضاً أعربت إدارة أوباما عن قلقها. وقالت إنه من المتوقع أن تقرّ اللجنة المحلية للتخطيط والبناء في القدس هذا الأسبوع نهائياً إقامة أكثر من 600 وحدة سكن في مستوطنات يهودية خلف الخط الأخضر. كما ستُقر اللجنة إصدار تراخيص بناء لـ262 وحدة «رمات شلومو»، 216 وحدة في حي «راموت» و140 وحدة في «بسغات زئيف»، ويحتمل أن تبحث في ترخيص لشقق اخرى في «بسغات زئيف» وفي «راموت».
وتشير المعطيات التي جمعتها جمعية «عير عميم» الى تغيير الميل في البناء لليهود في شرق القدس. ففي عام 2014 ـ 2015 كان ملموساً إبطاء في إقرار المخططات في شرق المدينة. ورجال هيئات التخطيط اشتكوا المرة تلو الاخرى من أن ديوان رئيس الوزراء يوقف مخططات بناء تعتبر حساسة من الناحية السياسية. أما في عام 2016، وخاصة منذ الانتخابات في الولايات المتحدة، فقد طرأ ارتفاعٌ حاد في عدد المخططات المقدمة والمقرة. وهكذا في عام 2014، تمّ العمل على مخططات لبناء 775 وحدة سكن لليهود خلف الخط الاخضر. في السنة الماضية هبط عددها الى 395. أما هذه السنة فتم التقدم بـ1.506 مخططات، نحو ألفٍ منها منذ تشرين الثاني.
وفي الوقت ذاته، طرأ ارتفاعٌ حاد في عدد هدم منازل الفلسطينيين. مسألةٌ اخرى تُعتبر حساسة جداً من ناحية الادارة الاميركية. ففي السنوات الأخيرة تراوح حجم الهدم في شرق القدس بين 40 ـ 70 مبنى في السنة، معظمها لم تكن مسكونة أو كانت حظائر للحيوانات. في 2016 هدمت البلدية ومديرية التخطيط نحو 130 وحدة سكن، ومنها للمرة الاولى مبانٍ أيضاً في أحياء خلف الجدار الفاصل.
وأوضحت الجمعية أن الخلاف الأساسي يدور حول البناء اليهودي في ما يعرف بحي «جفعات همتوس» في جنوب القدس. وقد أثار هذا المشروع قلقاً شديداً في إدارة أوباما لأنه سيحيط قرية بيت صفافا من كل جوانبها بأحياء يهودية ويجعل من الصعب جداً تقسيم القدس. وفي السنتين الماضيتين، جمدت العطاءات للبناء في الحي، واذا ما نشرت هذه قريباً فستكون هذه شهادة على تغيير المزاج بين اسرائيل والولايات المتحدة.
ويقول الباحث في «عمير عميم» أفيف تترسكي إن «البناء الاسرائيلي الذي يقسم ويعزل القدس الفلسطينية، الى جانب موجات هدم البناء وطرد العائلات الفلسطينية لمصلحة جمعيات استيطانية، هو الواقع الذي خلقه نتنياهو في القدس. وقد أطلق العالم لإسرائيل رسالة واضحة حول عدم شرعية هذه السياسة وحان الآن الوقت لأن تختار الحكومة سياسة اخرى: تطوير القدس كعاصمة للشعبين والتقدم نحو تسوية تقوم على أساس عاصمتين في المدينة».
وفي هذا السياق، تحدّث نائب رئيس بلدية القدس المحتلة مئير ترجمان، الذي يترأس لجنة التخطيط، عن مسعاه لتقديم خطط لبناء 5600 وحدة استيطانية إضافية في مراحل التخطيط الأولية.
وأكد ترجمان أمس، انه ليس هناك أي نية لإلغاء محادثات اللجنة كرد على قرار مجلس الأمن الدولي، مشيراً إلى أن مئات الوحدات الاستيطانية كانت على جدول أعمال اللجنة قبل التصويت في الأمم المتحدة، مضيفاً «سنبحث كل ما هو مطروح على الطاولة بطريقة جدية».
وعلى صفحته على موقع «فايسبوك»، كتب ترجمان «لا تعنيني الأمم المتحدة أو أيّ أمر آخر يحاول أن يملي علينا ما نفعله في القدس». وأضاف «آمل أن تقوم الحكومة والإدارة الأميركية الجديدة بمنحنا المزيد من التقدّم لمواصلة وتعويض النقص الذي تسببت به إدارة أوباما في ثماني سنوات»، في إشارة إلى البناء الاستيطاني.
من جهة أخرى، تحاول وزارة التعليم الإسرائيلية أن تفرض على المدارس العربية في القدس الشرقية روزنامة الأعياد اليهودية. وكان أهالي القدس قد رفضوا هذه الروزنامة منذ احتلال المدينة عام 1967 وأضربوا عن الدراسة في المدارس العامة إلى أن اضطرت الحكومة الإسرائيلية للقبول بالمنهاج الأردني في هذه المدارس. وفي السنوات الأخيرة تعمل وزارة التعليم على استبدال منهاج التعليم الفلسطيني بمنهاج إسرائيلي، وتحاول منع تمويل المدارس العامة وفرض السياسة التعليمية الإسرائيلية عليها. ورغم كل المساعي، فإن خمسة في المئة من الطلاب في مدارس القدس يتعلمون وفق المنهاج الإسرائيلي ويتقدمون لامتحانات البحروت.
وفي بداية السنة الدراسة الحالية تلقى مدراء المدارس رسالة من مديرية التعليم في بلدية القدس أمرتهم فيها بالعمل حسب روزنامة الأعياد الاسرائيلية، والتي تتضمن عطلة الربيع، ومواصلة التعليم حتى 20 حزيران. وأعضاء لجنة الاهالي في شرق المدينة غاضبون من القرار ويدّعون بأنه اتخذ بلا حوار ومن شأنه أن يمس بطلاب التوجيهي.
(السفير)