بري: وحدة المعيار الانتخابي.. ولا أسف على “8 و 14 آذار”: عماد مرمل
بهذا المعنى، فانها لن تخضع بالضرورة لمعايير المحاسبة المتعارف عليها تقليديا، بل إن الحُكم على نجاحها او فشلها سيستند بالدرجة الاولى الى مدى قدرتها على انجاز المهمة المركزية التي أتت من أجلها، وهي اجراء الانتخابات النيابية المقبلة على أساس قانون جديد
.
لا أحد ينتظر من هذه الحكومة معجزات او حتى انجازات خارقة، وهذا من شأنه ان يخفف الضغط عن وزرائها الذين يأتي نصفهم الى عالم السلطة للمرة الاولى.
ليس متوقعا من حكومة التناقضات خلال الاشهر القليلة من عمرها ان تكافح الفساد او تخطط للمستقبل او تنصف المرأة او تعالج أزمة النازحين السوريين.. وهذه كلها مهام أنيطت للمناسبة بوزراء دولة لم يكونوا أصلا مدرجين على لائحة الـ24.
المطلوب من الحكومة الاولى في عهد الرئيس ميشال عون أمر بديهي ووحيد فقط، وهو ان تحترم المهل الدستورية وكرامة اللبنانيين، من خلال انجاز انتخابات نيابية نزيهة في الموعد المفترض، وفق قانون عصري وعادل، فإن فعلت تكون قد أدت قسطها للعلى وأثبتت ان مقياس الحكومة الناجحة لا يكمن في العمر الذي تعيشه وإنما في الفعل الذي تصنعه.
وحتى ذلك الحين، تستمر المساعي خلف الكواليس لإنضاج قانون توافقي يجمع بين شروط التمثيل السليم وبين مصالح الاطراف الداخلية المسكونة بهاجس الحجم والوزن. وتبدو هذه التوليفة المفترضة شديدة الصعوبة والتعقيد، بحيث ان تركيب عناصرها يحتاج الى «إبداع» في علم الفيزياء السياسية، خصوصا ان معظم القوى تعتبر ان قانون الانتخاب هو أهم من الاستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومة، بل انه يتخذ بالنسبة اليها طابعا وجوديا، كونه يتعلق بتكوين السلطة وانتاج توازناتها، على مدى أربع سنوات، هي مدة ولاية المجلس النيابي، ما يفسر صعوبة التوصل الى تسوية ترضي الجميع، على مستويي النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر.
وبرغم ان الرئيس نبيه بري و«التيار الوطني الحر» يختلفان حول مسائل عدة، إلا ان لديهما مقاربة مشتركة لقانون الانتخاب، بعدما تمكنا من ايجاد مساحة مشتركة على هذا الصعيد، قررا ان ينطلقا منها في اتجاه محاولة استقطاب الاطراف الاخرى الى «المنطقة الآمنة» التي تجمعهما.
وخلال الاجتماع الاخير بين بري ووفد من «التيار الحر» في عين التينة، تبلغ رئيس المجلس من الوفد ان حصيلة جولته على القيادات السياسية أظهرت ان «المستقبل» و«الاشتراكي» و«القوات» يرفضون النسبية الكاملة التي يؤيدها كلٌ من «أمل» و«حزب الله» و«التيار الحر».
وطُرحت في الاجتماع فكرة تشكيل لجنة لمتابعة البحث في الملف الانتخابي، فرفض بري الفكرة على قاعدة ان التجارب السابقة مع لجان من هذا النوع كانت فاشلة، ولا تشجع على تكرارها، انطلاقا من مقولة ان «من جرّب المجرب، عقله مخرّب»، مقترحا في المقابل تفعيل الاتصال المباشر مع الاطراف المعنية، على ان يتولى هو التواصل مع «المستقبل» و «الاشتراكي»، وتتولى «الرابية» محاورة «معراب».
وعُلم في هذا السياق، ان مسألة قانون الانتخاب ستُناقش في الاجتماع الحزبي الدوري الذي سيضم «أمل» و «حزب الله» و «المستقبل» في عين التينة، اليوم، على ان يُعقد بعد غد اجتماع خبراء يمثلون هؤلاء الأفرقاء لاستكمال النقاش التقني.
في هذا السياق، يشدد الرئيس بري على أهمية وحدة المعايير في اي قانون انتخابي جديد، ويقول لـ«السفير» إن المشروع المختلط الذي وضعه «المستقبل» و «الاشتراكي» و «القوات» موجّه سياسيا عن بُعد ومفصل على قياسات محددة، بهدف تأمين فوز 14 آذار مسبقا، «في حين انني من جهتي أهتم بان تكون المقاييس المعتمدة في كل الدوائر مشتركة، غير آسف لا على 8 ولا على 14 آذار.»
(السفير)