مخيم شعفاط للاجئين والاحياء المحيطة به هي مكان لا يصلح للعيش: موشيه آرنس
“اسرائيل هي معجزة”، هكذا أعلن براك اوباما في خطابه الذي ألقاه في جنازة شمعون بيرس. هذه الكلمات تبدو مثل الموسيقى في آذان الاسرائيليين الذين يعرفون أن اسرائيل هي معجزة من صنع الانسان، نتيجة للدماء والعرق والدموع لأجيال الاسرائيليين الذين حاربوا من اجلها ودافعوا عنها وقاموا ببنائها.
توجد في اسرائيل اشياء كثيرة يستطيع الاسرائيليون ومؤيدوهم في ارجاء العالم الاشارة اليها بفخر. ولكن ايضا توجد اخلالات تحتاج الى الاصلاح. في المقال الذي نشر في “نيويورك تايمز″ بتاريخ 4/12 تحت عنوان “جميعنا أيتام هنا – الحياة والموت في مخيم اللاجئين الفلسطيني في شرقي القدس″ تم وصف امور يجب أن تخجل كل اسرائيلي. وقد كتبت المقال الكاتبة الامريكية ريتشل كوشنر، التي بقيت يومين في حي شعفاط في القدس.
يمكن القول إن الكثير من الاسرائيليين لم يكونوا في شعفاط، لا شك أنهم تزعزعوا عندما قرأوا المقال. وبالنسبة للذين فضلوا تجاهله فالمقال سيشكل تذكير فظ للوضع الصعب الذي يجب اصلاحه على الفور. مخيم شعفاط للاجئين الذي ورثته اسرائيل من الاحتلال الاردني بعد حرب الايام الستة، والاحياء الثلاثة القريبة منه، محاطة بجدار مرتفع من الاسمنت، ويطلق عليها إسم “شعفاط”. وهي توجد داخل حدود اسرائيل السيادية وداخل الحدود البلدية للقدس. اغلبية سكان شعفاط الذين يبلغ عددهم 80 ألف شخص، لديهم تصاريح اقامة اسرائيلية ولديهم امكانية الحصول على الجنسية الاسرائيلية.
لكن هنا ينتهي التشابه مع اسرائيل. فهذه احياء فقيرة. لا توجد فيها حواشي طرق ولا مجاري أو شبكات صحية أو خدمات بريدية أو اماكن مفتوحة أو حدائق وملاعب. ولا توجد شرطة ايضا، التي من واجبها الحفاظ على القانون والدفاع عن السكان. المكان مملوء بعصابات الجريمة التي يحمل فيها الاشخاص السلاح الاوتوماتيكي وتجار المخدرات يبيعون بضاعتهم للكبار والصغار. اعمال القتل تحدث هناك في كل اسبوع. في شعفاط لا يوجد قانون أو نظام.
اثناء وجودها في شعفاط كانت كشنر لدى بهاء وهبة نبابتة وأولادهما. بهاء هو عامل اجتماعي عمره 29 سنة، وقد منح وقته، لوحده، لمحاولة تحسين الوضع الصعب السائد في شعفاط. وقد رافقته كشنر في جولاتها وتمكنت من رؤية نظرات التأييد التي يحظى بها، خصوصا من قبل الشباب.
لكن يبدو أن جهوده لم تلائم مصالح عدة جهات جنائية في المنطقة. وبعد الزيارة باسابيع قليلة تم اطلاق النار على بهاء وقُتل. ولم يبحث أحد عن القتلة لأنه لا توجد شرطة في شعفاط.
كان لحكومات اسرائيل 49 سنة من اجل اعادة اعمار مخيم اللاجئين وتحويل شعفاط الى مكان يمكن العيش فيه. وكان لشرطة اسرائيل 49 سنة من اجل فرض النظام والقانون هناك. وكان لبلدية القدس 49 سنة من اجل تقديم الخدمات البلدية المعقولة، لكن لم يتم فعل أي شيء تقريبا.
طوال هذه الفترة ازداد الامر سوءً. وبناء الجدار العالي حول المكان أظهر بوضوح نوايا الحكومة: ترك السكان لمصيرهم. هذا اهمال يعادل الجريمة، ليس له مبرر. هل يستطيع أحد أن يتساءل أو يستغرب من كون شعفاط معقل للارهاب؟.
يجب على رئيس حكومة اسرائيل قراءة مقال كشنر، والوزير المسؤول عن القدس ايضا. ويجب أن يقرأه المفتش العام للشرطة والضابط المسؤول عن القدس.
وبعد ذلك يجب عليهم زيارة شعفاط مع طواقمهم كي يشاهدوا بأعينهم نتيجة سنوات الاهمال والاعتراف بالمهمة الكبيرة التي تنتظرهم، هذه المهمة التي يجب عدم تأجيلها.
هآرتس