تقارير ووثائق

نمط وجودة وصف الأدوية في لبنان: ماذا تقول البراهين العلمية الخاصة بمركز K2P؟

 

تقرير خاص أعدّته فاطمة طفيلي

     في إطار العمل الأكاديمي المستمر لرفد السياسات الصحية في لبنان بكل جديد علمي وعصري، يواكب التطور ويراعي الفائدة المرجوة منه على كل المستويات، بما يؤمن خدمات صحية عالية الجودة في لبنان، من خلال توفير الحلول الناجحة للمشاكل الصحية القائمة، ومن أجل تحقيق فائدة أعلى من خدمات الطبابة والاستشفاء وتطوير النظم الصحية، وبما يضمن التكامل والتعاون بين المؤسسات الصحية رسمية وخاصة، بادر مركز ترشيد السياسات الصحية (The Knowledge to Policy, K2P Center) في كليّة العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت، الى عقد حوار للسياسات الصحية المعتمدة في لبنان (K2P Policy Dialogue) تحت عنوان تحسين جودة ونمط وصف الأدوية في لبنان، وذلك بالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة اللبنانية.

وكالة أخبار الشرق الجديد تنشر مضمون الجلسة لتحقيق الفائدة الصحية المرجوة.

     عُقدت الجلسة بتاريخ 14 تشرين الأوّل 2016، في أوتيل جفينور، روتانا، وتمّ خلالها عرض المشكلة استنادًا الى موجز بحث علمي شامل أعدَه المركز، مختصرا أفضل الأدلة التي توصلت اليها الأبحاث العالمية والمحلية المتاحة، مؤكدا بنتيجتها أن الوصف غير العقلاني للأدوية في لبنان يعرّض المرضى لآثار صحية سلبية وخطيرة. كما يؤدي الى ارتفاع مستوى مقاومة البكتيريا للأمراض، وإلى تكاليف مرتفعة غير ضرورية على مستوى الرعاية الصحية والمجتمع بشكل عام.

     حضر حوار السياسات عدد من أصحاب القرار والشركاء المعنيين، وممثلون عن: وزارة الصحة العامّة، نقابة الأطباء، نقابة المستشفيات، نقابة ممرضي وممرضات لبنان، نقابة مصانع الأدوية، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، المراكز الطبية الأكاديمية، كليّات الطبّ، الجمعيّات العلمية التابعة لنقابة الأطباء، شركات التأمين، ومنظّمات غير حكومية محلية ودولية، بالإضافة الى أطباء، وصيادلة، وباحثين أكاديميين وطلّاب، اطلعوا جميعهم على الموجز المعرفي للسياسات العامّة الصحية (K2P Policy Brief) ، قبيل انعقاد جلسة الحوار. ويتضمّن الموجز بالإضافة الى البراهين العلمية، خلاصة مقابلات أجراها متخصصون، تعرف باسم “اختبارات الجدارة “ (Litmus Tests) لالتقاط المعرفة الضمنية أو الخبرات المحلية من صنّاع القرار وأصحاب الشّأن. وتساهم هذه المقابلات بوضع الأطر المحلّية الرئيسية للمشكلة، وجعلها تحاكي السياق اللبناني.

     وشارك في الجلسة مدير عام وزارة الصحة العامة، د. وليد عمار، ونقيب الأطباء، د. ريمون الصايغ، ونقيب المستشفيات، المهندس سليمان هارون، ونقيبة الممرضين والممرضات د. نهاد ضومط، ونقيبة مصانع الأدوية د. كارول أبي كرم والشركاء. افتتح الحوار وأداره مدير مركز K2P د. فادي الجردلي الذي شرح العناصر الأربعة، المطّلعة على البراهين العلمية والمتعددة المستويات، لمقاربة مشكلة الوصف غير العقلاني بشكل شامل، ولتفعيل النقاش، قبل إعطاء الدور للمشاركين لطرح ما لديهم تمهيدا لاستخلاص الآراء والاقتراحات.

وكالة أخبار الشرق الجديد تنشر ملخصا للعناوين التي تمت مناقشتها: المشكلة، الأسباب والاستنتاجات، إيجابياتها وسلبياتها ومدى الفائدة من اعتمادها:

أسباب المشكلة

1       : التنظيم والسياسة:

     بحث المشاركون في موضوع تعزيز الإجراءات لدعم الوصف العقلاني للأدوية كسياسات لتنظيم التفاعل بين العاملين الصحيين وشركات الأدوية، بالإضافة إلى سياسات تعزيز جودة الأدوية بما في ذلك الأدوية الجنيسية أو البديلة المتوفرة في السوق.

2       : المستوى المؤسساتي:

     ناقش المشاركون أهمية تطبيق تدخلات تشمل مبادئ توجيهية، وخدمات الصيدلة السريرية (خدمات علاجية مثل مراجعة العلاج والكشف اللاحق وتثقيف المرضى)، وبرامج إشراف تختصّ في مجال المضادات الميكروبية/ الحيوية. وركّز أصحاب القرار على إمكانية تطبيق أنظمة التدقيق والمراجعة لممارسات وصف الأدوية.

3       : العاملون الصحيّون:

     توافق الحاضرون على أهمية دمج التعليم والتدريب حول تضارب المصالح في مناهج مقدّمي الخدمات الصحية وتطرّقوا الى إمكانية تفعيل التدريب القائم على حلّ المشاكل في العلاجات الصيدلانية pharmacotherapy“. كما بحثوا موضوع التفصيل الأكاديمي، وهو عبارة عن زيارات تثقيفية يقوم بها المتخصص في الرعاية الصحية (الصيدلي مثلا)، بزيارة الأطباء في مكاتبهم وتزويدهم بمعلومات علمية، بدلا من ممثلي شركات الأدوية.

4 : تثقيف المرضى:

     أيّد المتحاورون التدخلات التي تستهدف الأفراد لتحسين استخداماتهم للأدوية.

وفي ختام الجلسة، ناقش المشاركون الحواجز التي قد تعيق عملية التنفيذ والاستراتيجيات لمواجهة هذه التحديات لكل المستويات المشار اليها. وانتهت مداولات الحوار الى خطوات عملية، يمكنها، إذا ما نُفّذت وتمّت متابعتها بالشكل المناسب، أن تساهم في تغيير الوضع الحالي وتحسين ممارسات وصف الأدوية، وبالتالي حماية صحة المريض.

تعريف المشكلة: المشكلة بشكل عام هي الممارسات غير السليمة لوصف الأدوية في لبنان، الأمر الذي يجعل المرضى عرضة لآثار سلبية خطيرة، ويزيد من مستوى مقاومة الأمراض للعلاجات، ويؤدي إلى ارتفاع غير ضروري في تكاليف الرعاية الصحية للمرضى والمجتمع بشكل عام. الترتيبات الحالية للنظام الصحي في لبنان لا تشجع الوصف العقلاني للدواء.

العناصر لمقاربة وإيجاد الحلول:

تستند هذه العناصر على أدلة وبراهين علمية عالية الجودة وعلى أفضل الممارسات .

العنصر الأول:

على مستوى التنظيم والسياسة: تعزيز الإجراءات لدعم الوصف العقلاني للأدوية. يتضمن هذا العنصر سياسات لتنظيم التفاعل بين العاملين الصحيين وشركات الأدوية، بالإضافة إلى سياسات لتعزيز جودة الأدوية، بما في ذلك الأدوية الجنيسية أو البديلة المتوفرة في السوق .

العنصر الثاني:

على مستوى المؤسسات: تطبيق تدخلات تشمل مبادئ توجيهية سريرية معيارية/ مسارات سريرية، وأنظمة تدقيق ومراجعة لممارسات وصف الأدوية، وخدمات صيدلة سريرية، وبرامج إشراف تختص

في مجال المضادات الميكروبية/ الحيوية لتعزيز الممارسات السليمة في وصف الأدوية.

العنصر الثالث:

على مستوى مقدمي الخدمات الصحية: تعزيز ممارسات التعليم والتدّريب في أوساط متخصصي الرعاية الصحية حول تضارب المصالح، والتدّريب القائم على حل المشاكل في العلاجات الصيدلانية والتفصيل الأكاديمي (أو الزيارات التوعوية التثقيفية ) لدعم الوصف العقلاني.

العنصر الرابع:

على مستوى المستهلك: تمكين المستهلكين والأفراد بخصوص الاستخدام المناسب للأدوية.

الملخص التنفيذي

تعريف المشكلة: المشكلة بشكل عام هي الممارسات غير السليمة لوصف الأدوية في لبنان، الأمر الذي يجعل المرضى عرضة لآثار سلبية خطيرة، ويزيد من مستوى مقاومة الأمراض للعلاجات، ويؤدي إلى ارتفاع غير ضروري في تكاليف الرعاية الصحية للمرضى والمجتمع بشكل عام.

إن الترتيبات الحالية للنظام الصحي في لبنان لا تشجع الوصف العقلاني للدواء.

على مستوى الحوكمة يكمن التحدي الأبرز في ضبط التفاعلات ما بين الطبيب وشركات الأدوية؛ وتطبيق المبادئ التوجيهية السريرية، وخدمات الصيدلة السريرية، وأنظمة التدقيق والتقييم لممارسات وصف الأدوية في نظام الرعاية الصحية. وتكمن التحديات أيضاً على مستوى محدودية دمج التعليم المتخصص بالترويج للأدوية وعلوم العلاج بالدواء “pharmacotherapy في المناهج، وعلى مستوى تفعيل أنظمة الرقابة ورصد جودة الأدوية.

على المستوى المالي تضم النفقات التي يدفعها الأفراد من جيوبهم الخاصة نسبة بارزة من الإنفاق على الأدوية. علاوة على ذلك، تغيب أنظمة التحفيز المناسبة التي تش جع على وصف الأدوية الجنيسية أو البديلة Generic

على مستوى تقديم الخدمات إن الوصف غير العقلاني للأدوية هو أحد النتائج المترتبة عن علاقة شركات الأدوية بالمتخصصين في المجال الصحي، وضعف سياسات المؤسسات بخصوص تضارب المصالح. كما

أن ثقافة المستهلك المحدودة بالأدوية واستخداماتها هي إحدى مسببات الوصف غير العقلاني.

ما الذي نعرفه حول أربعة عناصر يتم اعتمادها في المقاربات لمعالجة هذه المشكلة؟

العنصر الأول:

على مستوى التنظيم والسياسة: تعزيز الإجراءات لدعم الوصف العقلاني للأدوية. يتضمن هذا العنصر سياسات تهدف الى تنظيم علاقة المتخصصين في المجال الصحي مع شركات الأدوية، بالإضافة إلى سياسات تضمن جودة الأدوية المتداولة في السوق.

جدول رقم 1 : النتائج الرئيسية من المراجعات المنهجية والدراسات الفردية.

البيّنات بحسب دلالتها:

العنصر رقم 1: السياسات التي تهدف الى تنظيم علاقة المتخصصين في المجال الصحي مع

شركات الأدوية.

الإيجابيات:

أخلاقيات المهنة: بالرغم من عدم العثور على أي مراجعات منهجية (systematic reviews) بخصوص

أخلاقيات المهنة، فإن بعض الدراسات الفردية لم تجد أدلة كافية على فعالية هذا الإجراء في ضبط الترويج الدوائي ومنع شركات الأدوية من الانخراط في الأعمال غير الأخلاقية. وتشير التجارب الدولية إلى أن الاستثناءات والثغرات وآليات التنفيذ تبقى تحديات كبرى .

التصريح عن التفاعلات مع شركات الأدوية: إنّ التصريح عن تضارب المصالح بات جزءاً من الشروط في عدد من برامج وأنظمة الاعتماد حول العالم، تحت أُطر منظومة العمل الأخلاقي للمؤسسات الصحية.

خلصت إحدى المراجعات المنهجية إلى أن التصريح عن العلاقات المالية يسمح للمرضى باتخاذ قرارات مطلعة في ما يتعلق بالرعاية الصحية التي يتلقونها، الأمر الذي قد يثني الأطباء عن تشكيل روابط وعلاقات ذات طابع مالي. وجاء في المراجعة المنهجية أن التصريح عن العلاقات بين الأطباء وشركات الأدوية هو

ممارسة تعزز العلاقة بين الأطباء والمرضى.

وجدت اثنتان من المراجعات غير المنهجية أن التصريح عن تضارب المصالح يسمح للمستهلكين بتحديد ما إذا كان للطبيب أي علاقة مالية مع أي من شركات الأدوية، يمكن أن تشكل نقطة مساءلة عن طبيعة العلاقة مع شركات الأدوية.

إدارة (ضبط) التفاعلات مع شركات الأدوية: وجدت إحدى المراجعات المنهجية أن تطبيق السياسات التي تضبط التفاعلات بين الأطباء وشركات الأدوية وتقيّدها قد يساهم في تحسين أنماط وصف الدواء لدى الأطباء.

بيّنت اثنتان من المراجعات المنهجية أن هناك علاقة ارتباط قوية ما بين وجود سياسات ضبط وبين السلوكيات السلبية لدى الأطباء والمتدربين، تجاه المعلومات التي يقدمها مندوبو شركات الأدوية والشكوك بمصداقية هذه المعلومات. وخلصت المراجعتان إلى أن مثل هذه السياسات قد تساهم في الحدّ من التفاعلات ما بين المندوبين والأطباء المتدربين بعد تخرجهم.

السياسات التي تضمن جودة الأدوية المتداولة في السوق: بيّنت إحدى المراجعات المنهجية الآثار الإيجابية لنظام تسجيل محكم للأدوية، وإثبات أهلية الأدوية من قبل منظمة الصحة العالمية، في الحدّ من انتشار الأدوية المزورة.

السلبيات:

     من السلبيات المحتملة لتنفيذ سياسات الحظر الشامل، احتمال أن يؤدي ذلك إلى فجوة أو ثغرة على مستوى المعلومات . كما أن اختلاف صيغة التصريح المالي قد يؤثر على الشفافية ويحد من قدرة المستهلكين على الوصول إلى البيانات وتقييمها وفهمها.

الأدوية المزيفة أو التي لا تستوفي معايير السلامة: أشارت المراجعة المنهجية إلى فعالية التدخلات المتعددة الأوجه.

أشارت مراجعة منهجية أخرى الى أن تطبيق أنظمة الرقابة الخاصة بالأدوية “pharmacovigilance system يمكن أن يساعد في تعزيز السلامة الدوائية، وفي الكشف عن الأدوية المزيفة، وتلك التي لا تستوفي الحد الأدنى المطلوب من الجودة ومعايير السلامة.

التكلفة و/أو فعالية التكلفة: لم يتم التطرق إلى هذه المسألة في أي من المراجعات المنهجية التي تم تحديدها.

الشكوك حول الإيجابيات والسلبيات المحتملة التي تستوجب الرصد والتقييم في حال اعتمادها:

أشارت إحدى المراجعات المنهجية إلى محدودية البيانات التي تدرس تأثير سياسات الضبط على المستوى المؤسساتي على المدى البعيد، خاصة في ما يتعلق بسلوكيات ومواقف الأطباء المتدربين. كما أشارت مراجعة منهجية أخرى إلى محدودية الأدلة بخصوص تأثير سياسات التصريح في تغيير أو تصحيح الآثار السلبية لتضارب المصالح. وهناك أدلة متناقضة بخصوص ثقة المرضى ما بعد تصريح الأطباء عن علاقاتهم المالية.

العنصر رقم 2:

على مستوى المؤسسات: تطبيق تدخلات تشمل مبادئ توجيهية سريرية معيارية / مسارات سريرية، وأنظمة تدقيق وتقييم لممارسات وصف الأدوية، وخدمات صيدلة سريرية، وبرامج إشراف تختصّ في مجال مضادات الميكروبات لتعزيز الممارسات السليمة في وصف الأدوية.

تثبت أدلة دامغة من المراجعات المنهجية ولمحات عامة عن مراجعات المنهجية فعالية كل هذه التدخلات في تعزيز الوصفات واستخدام الأدوية المناسبة دون أي آثار صحية ضارة.

الإيجابيات

أنظمة التدقيق والتقييم لممارسات وصف الأدوية: وجدت اثنتان من المراجعات المنهجية ولمحة شاملة عن مراجعات منهجية(overview of systematic reviews) أن أنظمة التدقيق والتقييم هي من أكثر الممارسات فعالية في تحسين أنماط وصف الأدوية .

وجدت مراجعة منهجية أن التدقيق والتقييم يصبحان أكثر فعالية عندما يكون الأداء ضعيفاً، أو عندما تكون الجهة المسؤولة عن هذه الممارسة جهة مشرفة أو مرجعية للجهة التي يتم تقييمها أو زميلًا يحظى رأيه باحترام كبير وواسع، أو عندما تتكرر الملاحظة نفسها، كذلك عندما يتم تقديمها بصيغة شفهية وصيغة خطية، وعندما تتضمن ترشيدا واضحا وخطة عمل.

خدمات الصيدلة السريرية: بينت اثنتان من المراجعات المنهجية ولمحة شاملة عن مراجعات منهجية أن إضافة خدمات الصيدلة السريرية في رعاية المرضى الداخليين (المتواجدين في المستشفى) تحسّن من ممارسات الوصف السليم والاستخدام السليم للأدوية، كما تحسن من التزام المرضى بالعلاج الموصوف وبالتالي تحسن نتائج العلاج من دون حدوث عوارض جانبية. هناك أدلة تفيد بأن هذه الخدمات لها تأثير من ناحية انخفاض تكاليف الاستشفاء والصيدلة.

برامج إشراف تختصّ في مجال المضادات الميكروبية/ الحيوية: بيّنت 4 دراسات منهجية أن هناك علاقة ارتباط قوية بين اعتماد برامج الإشراف متخصصة في مجال مضادات الميكروبات لرعاية المرضى في السياقات العيادية والاستشفائية وبين تحسين ممارسات الوصف الدوائي المتحسنة لمضادات المايكروبات، والحدّ من الاستخدامات غير السليمة للمضادات الحيوية، والتخفيض الإجمالي للتكاليف من دون التأثير على نتائج المرضى.

تتضمن برامج التوجيه هذه أربعة عناصر رئيسية هي: الإلتزام في القيادة، المسؤولية، الخبرة في مجال الأدوية، واتخاذ الخطوات اللازمة كضبط استخدام المضادات الحيوية بشكل كامل بعد مرور 48 ساعة، والمتابعة والتثقيف.

السلبيات

لا توجد أية أدلة على وجود أية أضرار أو سلبيات ترتبط باستخدام خدمات الصيدلة السريرية أو برامج الإشراف في مجال المضادات الحيوية ومضادات الميكروبات .

التكلفة و/أو فعالية التكلفة: خلصت إحدى المراجعات المنهجية إلى أن محدودية البيانات المتوفرة لا تسمح بالتوسع في مناقشة مدى استدامة التأثيرات الإيجابية لأنظمة التدقيق والتقييم على المدى البعيد، أو فعالية التكلفة، والتحسّن الملموس في نتائج الرعاية.

الشكوك بخصوص الإيجابيات والسلبيات المحتملة التي تستوجب الرصد والتقييم في حال اعتمادها: خلصت إحدى المراجعات المنهجية إلى أن تأثير أنظمة التدقيق والتقييم على أنماط وصف الأدوية وجودته يختلف بحسب السياق والصيغة، وقد يكون سلبياً كما أنه قد يكون عالي الإيجابية. ولم تكن البيّنات بنفس القوة بخصوص تأثير خدمات الصيدلة السريرية على مدى ملاءمة العلاج للمرضى كبار السن، إذ أتت الأدلة مختلطة.

العنصر الثالث:

على مستوى مقدمي الخدمات الصحية: تعزيز ممارسات التعليم والتدريب في أوساط متخصصي الرعاية الصحية حول تضارب المصالح، والتدريب القائم على حلّ المشاكل في العلاجات الصيدلانية، والتفصيل الأكاديمي “ academic detailing أو الزيارات التوعوية التثقيفية لدعم الوصف العقلاني.

إن التدخلات التعليمية ممكن تنفيذها على المستوى الجامعي لاستهداف الطلاب والمتدربين من جهة، وعلى مستوى ما بعد الجامعة لاستهداف المهنيين الممارسين من جهة أخرى.

إن المراكز الطبية الأكاديمية والمستشفيات التعليمية أصبحت تدرك بشكل متزايد الحاجة إلى تثقيف أعضاء هيئة التدريس والطلاب المتدربين وطلاب الطب، حول كيفية تجنب أو إدارة تضارب المصالح والتفاعلات مع ممثلي شركات الأدوية والأجهزة الطبية. وهناك أدراك متزايد للحاجة إلى تقييم التعليم الجامعي والدراسات العليا في ما يخصّ وصف الأدوية، لتحديد ما إذا كان هذا التعليم يساهم في تحقيق الأهداف، أي خلق عاملين صحيين يصفون الأدوية بطريقة آمنة وعقلانية. وعلى مستوى الممارسة، ظهر التفصيل الأكاديمي، أو الزيارات التوعوية والتثقيفية، كبديلٍ جذابٍ من المعلومات التي تقدمها شركات الأدوية.

الإيجابيات:

أشارت اثنتان من المراجعات المنهجية بالإضافة إلى تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية إلى أن التعليم حول الترويج الدوائي، سواء بصيغة ندوات أو تدريب تمثيلي أو تشخيص دور مندوبي المبيعات، هي جميعها ممارسات فعالة في التأثير على سلوكيات الأطباء وزيادة وعيهم بخصوص التشكيك بمصداقية ما تقدمه شركات الأدوية من معلومات. وقد وجدت إحدى المراجعات المنهجية أن هذه التدخلات تؤثر إلى حدّ ما على سلوكيات المتدربين.

بيّنت اثنتان من المراجعات المنهجية مدى فعالية دليل منظمة الصحة العالمية للممارسات السليمة في تحقيق كفاءة أعلى في الوصف الدوائي في أوساط طلاب الطب والأطباء الممارسين في العديد من السياقات.

أشارت اثنتان من مراجعات كوكرين (Cochrane) المنهجية وأربعة لمحات شاملة عن مراجعات منهجية إلى أهمية الزيارات التوعوية والتثقيفية من طرف متخصصين في الرعاية الصحية كالصيدلي (أي أسلوب التفصيل الأكاديمي) كأحد أكثر الاستراتيجيات فعالية في تحسين الرعاية الصحية وأنماط الوصف.

السلبيات: لم يتمّ التطرُّق إلى هذه المسألة في أي من المراجعات المنهجية التي تم تحديدها.

التكلفة و/أو فعالية التكلفة:

     البيانات المتوفرة لاستكشاف فعالية تكلفة التدخلات التعليمية والتثقيفية محدودة: خلصت إحدى المراجعات المنهجية إلى أنه وعلى الرغم من التكلفة العالية لبرامج التفصيل الأكاديمي، فإن ما تحققه هذه البرامج من خفض في التكاليف العلاجية قد يكون أعلى من تكلفتها في حال ركزت على أنماط الوصف غير المناسب وعلى استدامة التأثير.

الشكوك بخصوص الإيجابيات والسلبيات المحتملة التي تستوجب الرصد والتقييم في حال اعتمادها:

خلصت اثنتان من المراجعات المنهجية إلى صعوبة التحقق من التأثيرات الإيجابية على المدى البعيد للتدخلات التعليمية على سلوكيات المتدربين وتصرفاتهم، وذلك بسبب قصر المدة الزمنية التي تتم متابعتهم فيها.

من غير الواضح مدى أهمية عدد الزيارات المطلوبة في تدخلات التفصيل الأكاديمي. كما من غير الواضح ما إذا كان الأداء سيتراجع أو يتحسن، وكيف سيتأثر مع الوقت، وما إذا كان تأثير الزيارات المتعددة يبرر الارتفاع في التكلفة الذي ستترتب عن تكرار الزيارات.

العنصر 4:

على مستوى المستهلك: تمكين المستهلكين والأفراد بخصوص الاستخدام المناسب للأدوية.

تثقيف المستهلكين والأفراد حول الاستخدام السليم للدواء يؤثر على عملية الوصف. فالمريض الذي يتمتع بثقافة صحية، يخف طلبه على الأدوية غير المناسبة، وخاصةً المضادات الحيوية. وكذلك معالجة موضوع ثقافة المجتمع بشكل عام والمرضى بشكل خاص تساهم في التخلص من سلسلة معتقدات خاطئة وتوقعات عن المضادات الحيوية، ولا سيما تلك التي تستهدف أمراضا بسيطة.

الإيجابيات:

تدخلات تستهدف الأفراد لتحسين استخداماتهم للأدوية: وجدت اثنتان من المراجعات المنهجية أن استخدام المنشورات والبروشورات التي تحتوي على معلومات للمرضى حول الأدوية كمستندات تدعم الاستشارة الصحية المتخصصة، هي ممارسة فعالة للحد من الاستهلاك والوصف الغير ضروريين للمضادات الحيوية للمرضى. وتم تحقيق فعالية أكبر عند إعادة ذكر الكلام شفهياً خلال الاستشارة الطبية.

خلصت إحدى المراجعات المنهجية ومراجعتان غير منهجيتان أن حملات تثقيف الرأي العام قد تكون فعالة في تحسين ثقافة المرضى ومستوى اطلاع الرأي العام على أنماط استخدام المضادات الحيوية، والحد من توقعات المرضى من الدواء، والحد بشكل عام من استخدام المضادات الحيوية.

تدخلات تستهدف الأطباء لإدارة توقعات المرضى والأفراد من ناحية وصف الأدوية:

أشارت 4 مراجعات منهجية إلى فعالية التدريب على مهارات التواصل التي تركز على كيفية تعاطي الأطباء مع توقعات المرضى في الحدّ من وصف المضادات الحيوية وتحسين استخدامها.

خلصت إحدى مراجعات كوكرين المنهجية، وأربعة من التجارب العيادية إلى بيّنات تثبت أن المشاركة في صناعة القرار، أي مناقشة البيّنات العلمية مع المرضى والتداول بمخاوفهم بشكل صريح، هي ممارسة تساهم في الحد بشكل بارز من وصف المضادات الحيوية، خاصة في حالات الالتهابات الحادة في الجهاز التنفسي، من دون تكرار الاستشارة الطبية لنفس المرض.

السلبيات: بينت إحدى المراجعات المنهجية أنه لم يتمّ تحديد أي تبعات سلبية أو تأثيرات عارضة على المرضى نتيجة جهود الحد من استخدام مضادات الميكروبات.

التكلفة و/أو فعالية التكلفة: حققت الحملات الوطنية في فرنسا وبلجيكا توفيراً بقيمة 850 مليون يورو (2002 – 2007 ) و 70 مليون يورو (2000 – 2006) على التوالي . بالمقابل فإن معدّي الدراسة لم يتناولوا التأثيرات غير المباشرة لانخفاض معدلات الوصف.

الشكوك بخصوص الإيجابيات والسلبيات المحتملة التي تلزم الرصد والتقييم في حال تمّ اعتمادها: لم تتوفر بيانات كافية لتقييم التأثيرات على المدى البعيد للتدخلات التي تسعى إلى تسهيل المشاركة في صناعة القرار، وتحديداً في ما يتعلق باستدامة الانخفاض في معدلات وصف المضادات الحيوية، والنتائج العيادية العارضة (مثل الالتهاب الرئوي) أو مقاومة المضادات الحيوية.

تم تنفيذ الحملات العامة في دول مرتفعة الدخل، وهو ما قد يحدّ من القدرة على تعميم الاستنتاجات إلى الدول المنخفضة الدخل والدول المتوسطة الدخل.

ما هي الاعتبارات التي يجب أخذها بعين الاعتبار عند التطبيق العملي؟:

عوامل عدة قد تعيق التنفيذ عبر المستويات المختلفة: النظام الصحي، والمؤسسات والمتخصصين الصحيين والأفراد/المرضى.

  • ضعف التعاون ما بين الهيئات الحكومية المعنية بتنظيم وتطبيق السياسات التي تهدف إلى تعزيز الوصف العقلاني للأدوية.
  • تردّد كليات الطب والمستشفيات الجامعية التي تعتمد على تمويل شركات الأدوية في دعم الأنشطة البحثية والتعليمية.
  • مقيّدات الوقت والتكلفة المادية قد تعيق من القدرة على تثقيف وتدريب المتخصصين في الرعاية الصحية، كما قد تعيق مشاركة المرضى في صناعة القرار:
  • التسلسلات الهرمية الطبية، ومحدودية التعاون مع الأطباء والقيود المفروضة على الموارد، كلها معوّقات قد تؤثر على فعالية خدمات الصيدلة السريري.
  • ·قد تكون هناك مقاومة لسياسات ضبط التفاعلات مع شركات الأدوية من قبل المتخصصين الصحيين الذين يعتقدون بأنه لا يوجد ما يكفي من بينات لتأكيد سلبية التفاعل مع شركات الأدوية.

قد لا يكون المجتمع بشكل عام والمريض بشكل خاص مؤهلين بما يكفي لإدراك تبعات تضارب المصالح وتحليل المعلومات المتاحة له، بما في ذلك التصاريح المالية.

ويقترح الموجز استراتيجيات لمواجهة هذه التحديات لكل مستوى من المستويات: العوائق والتحديات، استراتيجيات المواجهة، ضعف التعاون ما بين الهيئات الحكومية المعنية بتنظيم وتطبيق

                                                                   وكالة احبار الشرق الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى