قانون الانتخاب هو الأولوية
غالب قنديل
ربطت جهات سياسية عديدة بين تأخر تشكيل الحكومة ورغبة بعض الأطراف بفرض إجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون الستين بادعاء ضيق المهل وبينما تظهر المعلومات ان فيتو القوات على تمثيل تيار المردة والحزب السوري القومي وعرقلة الرئيس الحريري لتمثيل بعض مخالفيه من فريق الثامن من آذار شكلا مضمون عملية تأخير التشكيلة الحكومية ظهرت مفارقة سياسية لافتة وهي ان الفريقين نفسهما أي القوات والمستقبل متفقان في الموقف من قانون الانتخاب وهما يلتقيان على رفض اعتماد النسبية كنظام إنتخابي ويشيعان جوا في البلاد لتسويق قانون الستين عبر عنه كلام وزير الداخلية ويروجان كبديل لإجراء الانتخابات على أساس الستين لتمديد جديد لولاية المجلس النيابي تحت ذريعة الاضطرار مقابل المصرين على سن قانون انتخاب جديد ويتقدمهم التيار الوطني الحر.
أولا يتفق المتطلعون إلى إصلاح النظام السياسي على أن اعتماد النظام النسبي وسن قانون انتخاب جديد بات هو المدخل السياسي الواقعي إلى تطوير الحياة السياسية في لبنان وهو الممر الإلزامي نحو الإصلاح والتغيير في جميع المجالات.
كل تجاوز لهذه الحقيقة يمثل تصميما رجعيا على منع التقدم بأي شكل لإبقاء صيغة الحكم الطائفية المتعفنة والرجعية التي تنتمي للقرون الوسطى وهذه الأولوية التاريخية والسياسية لا يتقدم عليها شيء في الحياة الوطنية وليس مفاجئا ان يتصدر المستقبل وحليفه حزب القوات لعبة زحلقة الامور صوب محاولة فرض الستين على العهد وعلى سائر القوى السياسية وهذا ما ينبغي التصدي له بحزم من جميع الساعين إلى تطوير النظام السياسي اللبناني وإعطائه طابعا شعبيا من خلال قانون انتخاب جديد يقود إلى برلمان أقرب لتمثيل الناس من خارج التعليب الطائفي والمذهبي وحصرياته التمثيلية المبنية على نمطية الولاء الأحادي ومصادرة الحريات العامة والخاصة ضمنا.
ثانيا شكل قانون الانتخاب الجديد وعدا مركزيا في خطاب القسم وهو التزام صريح من فخامة الرئيس ميشال عون الذي نعرف كما يعرف اللبنانيون جيدا مدى التزامه بنهج التغيير والإصلاح ورفضه للواقع السياسي المهتريء والمشحون الذي تغذيه العصبيات الطائفية والمذهبية على حساب المواطنة.
إن محاولة حشر البلد في علبة الستين الأكثرية والطائفية تعني مصادرة أربع سنوات من العهد لصالح اللعبة الطائفية الرجعية واستنزاف تطلعات الرئيس الإصلاحية من خلال مجلس تحكمه قواعد التمثيل التقليدية الرجعية ولعبة المصالح النفعية التي اتلفت الحياة السياسية والنيابية وحالت دون أي إصلاح جدي فرفض سن قانون انتخاب جديد على أساس النسبية هو محاولة خبيثة لقطع الطريق على المشروع الإصلاحي لرئيس الجمهورية وهذا ما يستوجب استنفار جميع الجهود والقوى لخوض المعركة السياسية للتغيير في لبنان تحت عنوان قانون الانتخاب ولدعم موقف الرئيس ميشال عون المعبر عنه في خطاب القسم بموقف واضح لا يحتمل التأويل .
ثالثا لا أساس منطقيا للاستمهال بذريعة ضيق الوقت وتأجيل الانتخابات بتمديد جديد لولاية المجلس ومعروف موقف فخامة الرئيس المبدئي من هذا الأمر وقد مرت خمس سنوات من النقاش حول قانون الانتخاب وجميع أصناف التقسيمات والتشريعات موجودة في أرشيفات ومحاضر الحكومات المتعاقبة واللجان النيابية والمسألة يمكن حلها بالتفاهم على قانون جديد في ساعات إن توافرت الإرادة السياسية.
من يعود لتلك المحاضر لا يجد فقط الوصفات والمشاريع والاقتراحات التي طرحت بالدزينات وجميعها خيارات محتملة او ممكنة بل إنه سيتعرف على هوية الجهات السياسية الرافضة على طول الخط لفكرة اعتماد النسبية التي هي في كل انحاء العالم محور تحديث التشريعات الانتخابية وعنوان تطوير آلية إعادة إنتاج السلطة وتكوين المؤسسات الدستورية انطلاقا من المجالس النيابية.
رابعا يتلطى كل من المستقبل والقوات خلف صورة افتراضية للتموضع السياسي يجري ترويجها إعلاميا على نطاق واسع وقد وقع في فخها العديد من السطحيين الغافلين حين يدفعان باتجاه التحريض على تحالف حزب الله وحركة امل في معركتهما لاعتراض تمثيل كل من الحزب القومي وتيار المردة والقيادات السنية في الثامن من آذار .
إن الغاية الفعلية من هذه الصورة المزيفة عن التموضع السياسي هي طمس حقيقة الفرز الموضوعي للمواقف والمواقع حول قانون الانتخاب الذي بات بندا في خطاب القسم وهو ما يعطيه حصانة سياسية ودستورية يفترض العمل لتعزيزها بعمل سياسي واسع النطاق فأخبث محاولات التضليل والتزوير إدعاء ان العهد على صدام افتراضي مع شركائه الفعليين في السعي إلى سن قانون انتخاب جديد هو مفتاح الإصلاح وحلقته المركزية التي تعهد بها فخامة الرئيس ميشال عون … بكلمة … فليثبتوا تلاقيهم الفعلي مع فخامة الرئيس بالسير إلى البر بالوعد الرئاسي حول قانون الانتخاب والباقي تفاصيل .