ضربة غير مباشرة لروسيا: يوسي ميلمان
في كل العام 2016 كانت التقارير قليلة في وسائل الإعلام السورية واللبنانية وفي الشبكات الاجتماعية عن هجومين في سوريا نسبا لسلاح الجو الإسرائيلي. وذلك مقارنة بالتقارير الكثيرة جدا في السنوات الثلاث السابقة. فقلة التقارير هذه السنة عن هجمات سلاح الجو في سوريا تعزى للتواجد المكثف لروسيا في سوريا. وبشكل خاص لانتشار عشرات من طائراتها ومنظومة متطورة من الرادارات وبطاريات الصواريخ المضادة للطائرات والتي تغطي عمليا كل اراضي إسرائيل. وبالتالي، نشأ الانطباع بأن إسرائيل تخشى من الهجوم في سوريا وان حرية عملها وقدرتها على ان تفعل ما تشاء في سماء سوريا مثلما كان قبل وصول الروس تقيدت جدا.
ولكن الهجوم في الواحدة ليلا بين الثلاثاء والاربعاء، والذي ينسب لإسرائيل يثبت أنه رغم ذلك لا يزال سلاح الجو قادرا على أن يعمل في سماء سوريا. هذا الاسبوع فقط بلغ عن هجومين: الاول، في الليلة التي بين الاحد والاثنين، كان ضد هدف لداعش في جنوب هضبة الجولان ردا على اطلاق النار نحو كمين للجيش الإسرائيلي. وأخذ الجيش الإسرائيلي المسؤولية عن الهجوم. وكان هذا هجوما محدودا ومحليا، ما ينطوي عليه من خطر ليس كبيرا. فروسيا ونظام الأسد على حد سواء يرحبان بكل ضربة لداعش ويتفهمانه إذا ما تم على مقربة من الحدود الإسرائيلية وفي اعقاب استفزاز.
أما إذا هاجم سلاح الجو على مقربة من دمشق فهذه قصة اخرى. إسرائيل هذه المرة ايضا لم تؤكد ولم تنف مثلما حصل في كل الهجمات الاخرى المنسوية لها في الماضي في عمق سوريا. وفي هذه الاثناء يتبين أن نظام الأسد يتهم إسرائيل بشكل رسمي بأنها هي التي هاجمت.
بالاجمال، روسيا هي حليف نظام الأسد وكل ضربة له مثلها كمثل ضربة غير مباشرة لموسكو او لهدف روسيا في تثبيت حكمه. واذا كان ما ينسب لإسرائيل صحيحا بالفعل، فلا بد أنه كان لإسرائيل سبب استثنائي لعمل ذلك وللمخاطرة.
صحيح، أنه بين إسرائيل وروسيا تشكلت آلية تنسيق ـ «خط ساخن» ـ والرامية إلى منع سوء الفهم والحوادث بين الطائرات. ولغرض إقامة الالية وتثبيتها ولا سيما لمحاولة الوصول إلى توافقات على قواعد لعب إسرائيل في سوريا وفي لبنان، التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أربع مرات في موسكو مع الرئيس فلاديمير بوتين. ضباط كبار من الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو التقوا لهذا الغرض مع نظرائهم الروس. ولكن من الصعب الافتراض بأن إسرائيل كانت ستبلغ الروس مسبقا عن نيتها بالهجوم. فهذا نوع من المعلومات ما كان لاي جيش ان يسمح لنفسه بأن يشرك أحدا به مسبقا، حتى لو كان صديقا.
وعليه، يمكن ان تستخلص بضعة استنتاجات من الهجوم المنسوب لإسرائيل. يمكن التخمين بأنه مؤخرا كان هاما جدا تنفيذه. فالمعلومات الاستخبارية قدرت مسبقا كمصداقة والجدوى العملياتية كقابلة للتنفيذ.
لقد سبق لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزيري الدفاع موشيه يعلون وأفيغدور ليبرمان أن اوضحوا في الماضي بأن إسرائيل غير معنية بالتدخل في الحرب الاهلية في سوريا ـ والتي من المحزن القول انها تخدم جيدا مصالحها الأمنية ـ وأشاروا هم أيضا إلى خطوط إسرائيل الحمراء: الرد على كل نار إلى اراضيها، سواء كانت هذه مقصودة أم لا، واحباط نقل سلاح إلى حزب الله. وعمليات الاحباط هذه والهجمات المنسوبة لإسرائيل في الماضي غير موجهة بالطبع ضد كل قافلة سلاح او مخزن سلاح للتنظيم الشيعي في سوريا والذي يشق او من شأنه أن يشق طريقه إلى لبنان. السلاح الذي يقلق إسرائيل هو الصواريخ المضادة للطائرات، صواريخ بر ـ بحر من طراز ياخنت وبالاساس الصواريخ التي تحسن قدرة دقة الصواريخ التي لدى حزب الله. يمكن الافتراض بأن هذه كانت الاهداف في الهجوم الاخير.
ومع ذلك تجدر الاشارة إلى أنه مع أن التقارير في الموضوع ليست واضحة بما يكفي، فإن الهجوم أغلب الظن وقع على الاراضي السورية. ففي السنوات الاربعة الاخيرة كانت كل الهجمات التي نسبت لسلاح الجو على الارض السورية وواحد فقط في ارض لبنان، والذي في أعقابه رد حزب الله واوضح بأنه لن يوافق على المس بسيادة لبنان.
ويقدر جهاز الامن في إسرائيل بأن سلاحا روسيا متطورا نقل من سوريا إلى حزب الله وسيبقى ينقل، حتى وان كانت روسيا تؤكد لمحادثيها الإسرائيليين بأنها تعارض ذلك واذا كان الامر يحصل فهذا بخلاف مع رأيها.
وعمليات الاحباط هذه على نمط الهجوم الاخير لا يمكنها أن توقف مساعي حزب الله للتزود بسلاح متقدم ومتطور وتطبيق تكتيكات قتالية يتعلمها جنود التنظيم ويصبحون خبراء فيها في المعارك في سوريا كاعداد لمعركة مستقبلية ضد إسرائيل، حتى لو لم تكن لهم نوايا لذلك في المستقبل المنظور.
في الماضي هدد نظام الأسد بأن يرد على هجمات إسرائيل، ولكنه لم يفعل ذلك. مشوق أن نعرف ماذا سيكون رده هذه المرة، إذا كان سيرد على الاطلاق. وفي اطار ذلك توجد تقارير بأن روسيا تطلب ايضاحات من إسرائيل.
معاريف